أوباما ينضم إلى عالم الرسوم المتحركة في ديزني

شارك في تقديم القياسات الخاصة به وتسجيل الخطاب بصوته

أحد فنيي ديزني يقوم باضفاء اللمسات الاخيرة على تمثال نصفي للرئيس الاميركي ابراهام لينكولن
TT

كان باراك أوباما يقف على قائمة داخل أحد المخازن هنا، ويلقي خطبة ملهمة حول قيمة الحرية، عندما بدأت إصبع السبابة بيده اليسرى ترتعش على نحو تعذرت معه السيطرة عليها، ما أثار توتر مساعديه. بات واضحا أن الرئيس الـ44 للولايات المتحدة كان في أزمة حقيقية، أو على الأقل شبيهه. لكن مع تميزه بجلد مصنوع من السليكون وشبكة معقدة من الأسلاك توحي بشكل الأوردة، مثل أوباما هذا نسخة القرن الواحد والعشرين من أوباما الأصلي.

على نحو أدق، كانت هذه النسخة تجسيدا يعتمد على الرسوم المتحركة والصوت للرئيس الأميركي، حسب رؤية شركة «والت ديزني»، وشارك عاملون في البيت الأبيض على نحو مباشر في تجميع التمثال، بل وشارك أوباما نفسه. ولم تقتصر مشاركة الرئيس على تقديمه القياسات الخاصة بجسده، وإنما شملت كذلك تسجيله للخطاب سالف الذكر (الذي قام كاتب يعمل لدى «والت ديزني» بوضع مسودته الأولى)، علاوة على إعادة تلاوته لقسم الرئاسة. وداخل مبنى الشركة القائم بضاحية هوليوود هنا، كان يجري العمل على وضع اللمسات النهائية على هذا التمثال بالحجم الطبيعي ثلاثي الأبعاد لأوباما، استعدادا لشحنه إلى معرض «قاعة الرؤساء» في «ديزني وورلد» في أورلاندو بولاية فلوريدا. من جانبهم، رفض مسؤولو «والت ديزني» التعليق على تكلفة صنع تمثال أوباما. والملاحظ أنهم حرصوا على إضفاء هالة من السرية حول المشروع جعلته أشبه بنشاط تقوم به هيئة الخدمات السرية. وكان مراسل «نيويورك تايمز» الصحافي الوحيد الذي تم السماح له حتى الآن بمعاينة التمثال عن قرب، لكنهم لم يسمحوا إلا لمصور يعمل لدى الشركة بالتقاط صور له.

من جهته، اطّلع أوباما على صور للتمثال، وأخبر إحدى موظفي «والت ديزني»، باميلا فيشر، أنهم «جعلوه يبدو أجمل من حقيقته».

جدير بالذكر أن أوباما ليس أول رئيس يبعث بتسجيل صوتي له إلى عالم ديزني، حيث سبقه إلى ذلك جورج دبليو بوش وبيل كلينتون، اللذين شاركا بأداء صوتي في المعرض خلال فترتَي رئاستهما، وعاونا مسؤولي «والت ديزني» على تشكيل التماثيل المصورة لهما. إلا أن المؤكد أن تمثال أوباما هو أكثرهم شبها بجسد نابض بالحياة على الإطلاق.

ومن المقرر أن تتاح للجمهور إلقاء النظرة الأولى على التمثال، الذي بات يُعرف في أوساط بعض المعنيين به باسم «روباما»، في 4 يوليو (تموز). وستجري مراسم إزاحة الستار عن التمثال بأحد مسارح «ديزني وورلد»، إلى جانب تماثيل تعتمد على الرسوم المتحركة لجميع الرؤساء الآخرين. ومثلما كان الحال في ما مضى، سينتهي البرنامج بقيام كل رئيس بالإيماء برأسه أو التحول باتجاه الجمهور لتحيته.

في هذا الصدد، علقت دوريس كيرنز غودوين، المؤرخة الرئاسية: «يشاهد الأطفال الصغار هذا الأمر، وتتمثل الرغبة الرئيسية في تشجيعهم على الارتباط نفسيا مع كل رئيس. ويساعد ذلك في جعل الرئيس شخصية ليست ببعيدة عنهم». يذكر أن «والت ديزني» استعانت بغودوين منذ عامين لكتابة معالجة على النسق المميز لأعمال هوليوود بالنسبة إلى الرؤساء، ما تحول إلى الأساس الذي اعتمد عليه فيلم وثائقي مدته 20 دقيقة تم إنتاجه من أجل المعرض. يُذكر أن المعرض افتتح أبوابه في مطلع السبعينيات تحت إشراف مباشر من جانب والت ديزني، وأثمر أبحاثا لا حصر لها من أطفال المدارس عن الرؤساء. وأغلق المعرض منذ يوم الانتخابات الرئاسية لمروره بأكبر عملية تحديث في تاريخه.

وتولي الشركة اهتماما بالغا بالمعرض، في ضوء التراجع الحاد في معدل إنفاقات الزائرين داخل «ديزني وورلد» في خضمّ التراجع الاقتصادي الراهن. ومن المقرر أن يفتتح المعرض فعالياته بفيلم جديد، يقوم الممثل مورغان فريمان بدور الراوي فيه. وعند نقطة معينة، يظهر تمثال أبراهام لينكولن على المسرح ويتحدث إلى الجمهور، مثلما جرت العادة، لكنه سيلقي نص «خطاب غيتيسبرغ» كاملا هذه المرة. وعلّقت كيثي روجرز، إحدى كبار المنتجين المعنيين بالمعرض في «والت ديزني إماجنيرينغ»، على الأمر بقولها: «تلك هي المرة الأولى التي يضطلع فيها جورج واشنطن بأداء صوتي».

لكن من المتوقع أن تتمثل نقطة الإثارة العاطفية الكبرى في عرض تمثال أوباما، الذي سينصت الجمهور إليه وهو يدلي القسم مجددا.

يذكر أن أوباما سجل هذه النسخة من إدلائه بالقسم في 4 مارس (آذار) داخل «حجرة الخرائط» بالبيت الأبيض، وهي ذات الغرفة التي أعاد فيها إدلاء اليمين بعد وقوع بعض التخبط يوم التنصيب. وفي الوقت ذاته، قام أوباما بتسجيل خطبة قصيرة من المقرر أن يتلوها التمثال الشبيه له، وهي خطبة قام جون فافرو، المعنيّ بصياغة الخطب الرئاسية، بمراجعتها.

وأكدت فيشر، الكاتبة البارزة العاملة لدى «والت ديزني»، التي سافرت برفقة روجرز إلى واشنطن في مارس (آذار) لتوجيه الرئيس بشأن الدور الذي يضطلع به في المعرض، أن «هذا الخطاب تَطلّب مجهودا جماعيا».

ويشكل تمثال أوباما نتاجا لمجهود كبير بذله نحاتون وفنانو رسوم متحركة ومهندسون، بل وخبراء تشريح يعملون لدى «والت ديزني»، عكفوا على دراسة تفاصيل صور ومقاطع فيديو للرئيس، ثم شرعوا في صنع التمثال اعتمادا على أحدث التقنيات المتوافرة بهذا المجال.

وعليه، نجد أن تمثال أوباما يضغط على شفتيه للنطق بالحروف الهجائية على النحو الأمثل بصورة شبيهة إلى حد مخيف بالشخصية الحقيقية. علاوة على ذلك، يرفع التمثال ذراعه ويفتح راحتَي يديه ويهز كتفيه بأسلوب مطابق لما يفعله أوباما الحقيقي. وحتى خاتم الزواج الذي يرتديه أوباما، بنقوشه مجدولة الشكل، تم تصميم نسخة أخرى منه للتمثال.

وبعد انتهائهما من عملهما مع الرئيس، أشارت فيشر وروجرز إلى أنهما حظيتا بجولة خاصة داخل البيت الأبيض. بالنسبة إلى فيشر، لم تكن تلك الزيارة الأولى للبيت الأبيض، حيث سبقت لها زيارته كممثلة لشركة «والت ديزني» عام 2001 لتسجيل صوت بوش، الذي وصفته بأنه يتمتع بـ«حسّ فكاهي».

* خدمة «نيويورك تايمز»