الصدمة

علي المزيد

TT

ذهلت حينما أعلنت دولة الإمارات العربية الانسحاب من الاتفاقية النقدية الخليجية أو كما أعلنت وكالة الأنباء الإمارتية أن أبوظبي ليست طرفا في الاتحاد النقدي الخليجي، بل قل أيها القارئ الكريم بأني صدمت. أما سبب الصدمة فلأني كتبت قبل أسبوعين في هذه الزاوية أن التجربة الخليجية نجحت، والدليل طلب الأشقاء المصريين الانضمام للاتحاد الجمركي الخليجي، والاقتراب من تاريخ إصدار العملة الموحدة وقيام السوق المشتركة منذ الأول من يناير (كانون الثاني) العام الماضي، وهي خطوات جبارة اقتصاديا، ثم انهار كل شيء بهذا الإعلان، هذا من وجهة نظري الشخصية. أما من حيث وجهة نظري العامة، فسبب الصدمة له عدة أسباب، أولها أننا في الخليج لم نتعود على حل مشكلاتنا علنا، بل كنا نحلها خلف الكواليس، للإيمان بأن الوصول للإعلام يصب الزيت على النار، بحكم أن وسائل الإعلام تبحث عن الإثارة أو هي موجهة، نعم قد يستخدم الإعلام في المناورة والضغط وهذا حق. الأمر الآخر، التوقيت، فالأمانة العامة لدول الخليج ستحتفل بمناسبة مرور 28 سنة على قيام المجلس بعد غد الاثنين، ومثل هذا الانسحاب سيجعل المواطن الخليجي يتساءل: ماذا قدم لنا المجلس غير الخلاف؟

أتفهم أن الخلاف وعدم التوافق على كل شيء سلوك إنساني طبيعي، فالاختلاف هو الأصل وليس الاتفاق، ولكن مالا أتفهمه أن يعقب الاختلاف انسحاب حتى وإن كان محدودا، ولكن يمكن مراجعة القرارات، ويمكن تجاوز الخلاف على مقر البنك بإيجاد منظمات تابعة للمجلس تتخذ من الإمارات مقرا لها. ويمكن التوافق على مرشح لرئاسة البنك، وإن كان هناك مرشح لأكثر من دولة، فيمكن تسوية الموضوع عبر توزيع المناصب من رئيس ونائب وعضوية مجلس إدارة ومستشار، وكل ذلك قابل للتفاوض. والسؤال: هل أعلى مكاسب العملة الموحدة مقر البنك المركزي، أم إن المكسب أكبر من المقر ورئيسه؟ أتمنى أن تتم تسوية موضوع البنك، وأن يتم التنازل من كل الأطراف الخليجية الموافقة على قيام العملة الموحدة حتى لا نحبط، فما بعد الصدمة سوى الإحباط. التنقل بالبطاقة والسوق المشتركة والعملة الموحد هي المكاسب التي يلمسها الخليجي، أتمنى أن لا نحرم منها.

* كاتب اقتصادي [email protected]