أكراد عراقيون ينتظرون العودة إلى قراهم التي هجروها إثر القصف الإيراني

قالوا: كنا أسياداً.. والآن ندفع ثمن الأرض التي أُقيم عليها مخيمنا

لاجئون من سكان القرى الحدودية في كردستان العراق هاربون من القصف الإيراني في معسكر للاجئين قرب قلعة دزه (أ.ف.ب)
TT

يعيش مئات من الأكراد العراقيين في مخيم قرب الحدود مع إيران في أوضاع مزرية، بانتظار عودتهم إلى قراهم التي هجروها منذ أكثر من عام؛ بسبب القصف الإيراني لمعاقل مقاتلي حزب الحياة الحرة (البيجاك) المعارضين لطهران.

ويقول بابير حاجي كاكه مين (50 عاما)، احد وجهاء منطقة قلعة دزة، شمال شرقي السليمانية، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «الإيرانيين قصفوا قرانا في مارس (آذار) 2008، من دون أي مبرر، نظرا لعدم وجود مسلحين بداخلها، فاضطررنا إلى مغادرتها، توزعنا لفترة عند أقاربنا، إلى أن أقامت جمعية قنديل مخيما لنا في هذه المنطقة». ويضيف، إننا«نطالب بالعودة إلى قرانا، لكن شرط أن تكون عودتنا نهائية؛ لكي نستطيع العيش بسلام، فنحن جئنا من تسع قرى في سهل مم كراوتي، هي: رزكة العليا ورزكة السفلى وسبيخلة وشناوة واركة واركي وسورة كولة وماردو وبستة».

وحول انتشار المقاتلين الأكراد الإيرانيين (بيجاك)، يؤكد كاكه مين، أنه «ليس هناك عناصر داخل القرى، وإيران تعلم ذلك جيدا. ومع ذلك، قامت بقصفها».

وتهاجم القوات الإيرانية بالمدفعية بين فترة وأخرى عناصر (بيجاك)، المنضوي ضمن حزب العمال الكردستاني التركي، ويمثله أكراد إيرانيون يتخذون من جبال محافظة السليمانية الوعرة معقلا لهم. لكن التوتر تصاعد مطلع مايو (أيار) الحالي، عندما استخدم الإيرانيون وللمرة الأولى مروحيات في قصف بعض القرى في ناحية بنجوين.

يشار إلى أن حزب «الحياة الحرة» تأسس عام 2003 في جبال إقليم كردستان العراق الحدودية، وعقد ثلاثة مؤتمرات حزبية جدد في آخرها انتخاب عبد الرحمن حاجي احمدي، الذي يعيش في أوروبا رئيسا له.

ويؤكد مسؤولون في حكومة إقليم كردستان العراق، أن إيران تقصف من حين لآخر قرى يتمركز فيها «الحياة الحرة» في معاقله، ناحية قلعة دزة (160 كلم شمال شرقي السليمانية).

وكانت القوات الإيرانية بدأت قصف هذه المناطق أواخر سبتمبر (أيلول) 2007.

وقد هدد آسو هونر، عضو المكتب السياسي في (بيجاك)، من معقله في جنوب جبال قنديل، الواقعة في المثلث الحدودي بين العراق وتركيا وإيران في يونيو (حزيران) الماضي، بنقل الحرب إلى الداخل الإيراني.

ويعيش أكثر من 130 عائلة، غالبيتهم من الأطفال والنساء في مخيم قرب الشريط الحدودي مع إيران وسط أوضاع مزرية، ويتلقون مساعدات تقدمها جمعيات عدة، بينها «قنديل» السويدية و«بارزاني الخيرية» في إقليم كردستان العراق.

ويضطر النازحون إلى تقاسم 45 خيمة في المكان، بمعدل ثلاث عائلات في كل واحدة.

ويؤكد كاكة مين «نعيش أوضاعا مزرية؛ لان مصدر رزقنا الرئيسي هي البساتين، التي احترقت أو تدمرت، كما قمنا ببيع مواشينا بأسعار رخيصة بعد أن تركنا قرانا». ويضيف، إننا«دخلنا مرحلة الضيق الشديد، كوننا أنفقنا كل ما نملك، ولا احد يساعدنا كما يجب، وبعد وصولنا تلقينا مساعدات من جمعية قنديل ومبلغ 500 دولار لكل عائلة من رئيس الإقليم (مسعود بارزاني)، كما قدمت لنا محافظة السليمانية وجمعية بارزاني مساعدات». وقام النازحون بدفع ثمن الأرض التي أقيم عليها المخيم.

ويقول ملا خليل رسول احمد (57 عاما)، الذي يعيش مع عائلته المكونة من تسعة أشخاص، وهو من قرية بستة، «غادرنا قرانا بسبب القصف المدفعي المتواصل، فقد سقطت قذائف عدة بالقرب من منزلنا، من دون أن تنفجر، وعندما جئنا للسكن في المخيم قمنا بدفع مبلغ 150 ألف دينار (132 دولارا) مقابل كل خيمة لأحد المالكين في المنطقة».

من جهته، يوضح احمد خدر احمد (53 عاما) المتزوج من امرأتين، وعائلته مكونة من 13 شخصا، وقد نزح من قرية رزكة «قمنا ببيع الأغنام والمواشي ونعيش أوضاعا مأسوية، لأننا لا نرى حلا لمشكلتنا». ويضيف، «يجب وقف القصف بشكل دائم، فنحن لا نستطيع السكن في منطقة تتعرض للقصف بشكل مستمر».

بدوره، يقول عثمان حمد أمين (62 عاما)، «أحلم بوقف القصف، لأننا تعودنا على حياة القرية، ولم نكن نتوقع أن نتعرض مرة أخرى للتشرد، لدينا بستان من الرمان وسيتعرض لخسائر كبيرة مع اقتراب الصيف والجفاف، في حال عدم مد أراضينا بالمياه».

أما مورات بابير رسول (70 عاما)، فتقول: «كنا في قريتنا نعيش كأسياد، لكن نتعرض للذل في هذا المخيم».