الإسرائيليون «يسرقون» حجارة الضفة لبناء المستوطنات .. ولأنها أثرية

رغم أن القانون الدولي يمنع استغلال الموارد الطبيعية لدولة محتلة

TT

تضرب عشرات الحفارات الإسرائيلية بقوة في أراضٍ جبلية ممتدة على طول الضفة الغربية، وتستخرج هذه الحفارات صخورا ضخمة، تدفع بها إلى محاجر إسرائيلية تحولها إلى أحجار تذهب لبناء وتوسيع المستوطنات القائمة في الضفة والقدس المحتلتين. يضاف إلى ذلك قيام الإسرائيليين بشراء أحجار البنايات القديمة التي يجري هدمها.

وتعمل في الضفة نحو 10 محاجر مملوكة لإسرائيليين، أقيمت في وسط وجنوب الضفة، في مناطق مصنفة «ج»، حسب اتفاق أوسلو، وهي أراض تخضع لسيادة إدارية وأمنية إسرائيلية. وتنتج هذه المحاجر ما يقارب 10 ملايين طن من أصل 44 مليون طن تستهلكها إسرائيل، وجميعها تأتي من الضفة الغربية.

ويراقب الفلسطينيون عملية نهب معظم ثرواتهم دون أن يحركوا ساكنا، ويزيد من حجم «المأساة» أن هذا النهب يستخدم عمليا في دعم نهب آخر للأرض وهو الاستيطان، ويأتي ذلك في وقت تحذر فيه دراسات حكومية من أن مواد البناء الخام ستصبح شحيحة خلال عقد من الزمن.

وقررت وزارة العدل الإسرائيلية قبل يومين تجميد توسيع عمل المحاجر الإسرائيلية في الضفة الغربية لدراسة مدى شرعية هذه الصناعة، واتخذت الحكومة الإسرائيلية قرار التجميد هذا ردا على طعن مقدم من فلسطينيين يقولون إن أرضهم تستغل بشكل غير مشروع.

وقالت منظمة «يش دين» (هناك قانون)، الإسرائيلية المدافعة عن حقوق الإنسان، التي تقدمت بالطعن نيابة عن الفلسطينيين، إن معظم الحجارة في الضفة الغربية إما تنقل إلى إسرائيل، أو تستخدم في بناء المستوطنات، وهو ما لا يجيزه القانون الدولي. وأضافت «يش دين»: «هذا النوع من النشاط هو انتهاك لقوانين الاحتلال ومن ثم حقوق الإنسان، بل إنه في بعض الحالات عملية سلب».

وأوضح مهند عناتي، وهو باحث ميداني في المنظمة، أن شركات خاصة إسرائيلية تسرق الحجر الفلسطيني من أراضٍ محتلة، وهذا لا يجوز في القانون الدولي. وقال عناتي لـ«الشرق الأوسط»: «طالبنا بإصدار أمر احترازي بوقف العمل في كل المحاجر الإسرائيلية، وأقرت إسرائيل بأن هناك مشكلة قانونية، لكن المحكمة لم تقُل كلمتها بعد، ونتوقع جلسة في المحكمة بعد شهرين».

وقالت وزارة العدل الإسرائيلية إن الحكومة ستجمد عملية تخصيص أراضٍ للمحاجر، كما أنها سترفض الموافقة على توسيع المحاجر الموجودة الآن. وجاء في بيان الوزارة أنه خلافا للطلب الوارد في الطعن لن يوقف العمل في المحاجر التي تعمل بالفعل. وتنص المادة 55 من البروتوكول الملحق لاتفاقية لاهاي الرابعة، على أنه يمنع على القوى المحتلة المساس بالموارد الطبيعية الخاصة أو نقل ملكيتها، كما تنص على أنه لا يسمح لدولة الاحتلال الحصول على أي مكسب نتيجة استغلال الموارد الطبيعة التابعة للدولة الخاضعة للاحتلال.

ويتهم الفلسطينيون إسرائيل بعرقلة نمو اقتصادهم، ويدرك رجال الأعمال الفلسطينيون أنه دون انتهاء الاحتلال فإنه يصعب خلق تنمية مستدامة. وقال علي برهم، وهو رجل أعمال من نابلس، لـ «الشرق الأوسط»: «تنمية اقتصادنا الوطني يحتاج إلى سيادة وسيطرة على المصادر الطبيعية وانتهاء الاحتلال، ومع كل هذه الحواجز والمعيقات فالأمر صعب للغاية».

وقال عزام الخطيب مدير أوقاف القدس، لـ «الشرق الأوسط»: «إن هذه السرقة ليست الأولى، وإن إسرائيل تخطط لنقل المزيد من هذه الحجار الأثرية، في محاولة منها للسطو على التاريخ في القدس».

ويتهم علماء آثار فلسطينيون إسرائيل بالعمل على طمس حقائق تاريخية في فلسطين من خلال نهب الآثار. وقال عبد الله محمود، وهو خبير آثار فلسطيني: «إن إسرائيل في سبيل طمس الهوية الفلسطينية نهبت معظم المواقع الأثرية الفلسطينية».

يضاف إلى ذلك أن تجارا إسرائيليين يزورن دوما القرى الفلسطينية في محاولة لشراء حجارة البيوت القديمة التي تهدمت بفعل الزمن ولا يقدر الناس أهميتها. ويستغل الإسرائيليون سذاجة هؤلاء الناس وعدم معرفتهم بأهمية مثل هذه الحجارة، إضافة إلى حاجاتهم المادية، خصوصا أن الإسرائيليين يدفعون أثمانا سخية. وكانت إسرائيل قد رفضت تسليم السلطة، إبان اتفاق أوسلو، مناطق تعتبرها أثرية، قبل أن تنتهي من العمل بها. وتعتبر فلسطين من أكثر المناطق التي تتعرض لسرقة الآثار، بما فيها الأحجار، وذلك لأهميتها الدينية والتاريخية.\