بايدن في بيروت: سنحدد مساعداتنا للبنان استنادا إلى شكل الحكومة المقبلة

التقى الرؤساء سليمان وبري والسنيورة وأركان «14 آذار».. وأثار ريبة «حزب الله»

سليمان مرحبا ببايدن في القصر الجمهوري أمس (رويترز)
TT

أعلن نائب الرئيس الأميركي جو بايدن من بيروت أمس، أن الولايات المتحدة ستحدد برنامج مساعداتها المستقبلية للبنان «بالاستناد إلى تشكيلة وسياسات الحكومة المقبلة» التي ستنبثق من الانتخابات النيابية المقررة في السابع من يونيو (حزيران).

وأمضى بايدن «يوما لبنانيا مكثفا» التقى خلاله الرئيس ميشال سليمان ورئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة فؤاد السنيورة، وفيما أكد أنه لم يأتِ إلى لبنان «لدعم أحزاب» في إشارة إلى اجتماع ضمه وأركان قوى «14 آذار» التي تمثل الأكثرية البرلمانية، قال «حزب الله» إن زيارات المسؤولين الأميركيين إلى لبنان وآخرهم بايدن «تثير الريبة» معتبراً أنها «تدخل صريح وتفصيلي في الشأن اللبناني».

وكان بايدن وصل إلى مطار بيروت قبل ظهر أمس، وانتقل في طوافة إلى القصر الجمهوري حيث استقبله الرئيس اللبناني ميشال سليمان. وعقدا لقاء ثنائيا تحول لاحقا إلى لقاء موسع في قاعة مجلس الوزراء شارك فيه عن الجانب الأميركي، إلى بايدن، سفيرة الولايات المتحدة في بيروت ميشيل سيسون ومساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط جيفري فيلتمان ومستشار نائب الرئيس لشؤون الأمن القومي طوني بلينكس وعدد من الخبراء المختصين.

وعقد سليمان وبايدن مؤتمرا صحافيا مشتركا استهله الرئيس اللبناني بالإشارة إلى أن الضيف الأميركي «نقل تحيات (الرئيس باراك) أوباما وتأييده المستمر لسيادة لبنان ودعمه للمؤسسات الدستورية والمحكمة الدولية والتزامه تسليح الجيش للحفاظ على الأمن ومواجهة خطر الإرهاب». وذكر انه أطلع بايدن على التحضيرات للانتخابات النيابية «التي ستعطي دفعا للمؤسسات وتدفع عجلة الإصلاح، كما أعربنا عن تعلقنا بحقوق الإنسان والحريات». وقال: «لقد أكدت عزم لبنان على كونه قائما على العيش المشترك». وقال بايدن من جهته إنه جاء إلى لبنان لكي يعبر «شخصيا» عن التزام بلاده الحقيقي بدعم العملية الديمقراطية في لبنان، وقال: «نحن ننوه بجهودكم في الحوار الوطني وإعادة إحياء انتفاضة السلام». وأضاف: «نأمل أن تكون الانتخابات شفافة وتعكس إرادة اللبنانيين. ويجب أن يختار الشعب اللبناني قادته لأنه لا يمكن المتاجرة بسيادة لبنان» مشددا على أنه لم يأت «لدعم الأحزاب بل لنقل دعم أميركا القوي للشعب اللبناني الذي عليه أن يختار مسؤوليه. ولدي ملء الثقة بأنكم ستسيرون في المسار الصحيح». وأشار إلى أن أوباما يريد سلاما عادلا وشاملا في المنطقة، وقال: «نعرف أن لبنان لديه طاقات لا حدود لها. ولا سلام في الشرق الأوسط من دون لبنان. وهذا في متناول يدكم. وأنا متأكد من أن لبنان سيكون غدا أقوى من اليوم. والرئيس أوباما متأكد أن لبنان سيكون له مستقبل أفضل».

وزار بايدن رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي أكد المواقف نفسها التي شدد عليها الرئيس سليمان، في لقاء استمر نحو 20 دقيقة. وشرح بري لبايدن، كما أفاد بيان للمكتب الإعلامي للرئاسة الثانية، الوضع في لبنان والجنوب، مشيرا إلى «أن إسرائيل لم تنفذ حتى الآن القرار 425 كاملا الذي صنعته الولايات المتحدة الأميركية، فكيف بالقرار 1701؟». وشدد بري على ضرورة «أن تنتقل الإدارة الأميركية من أقوالها في هذا المجال، التي وردت على لسان الرئيس أوباما، إلى الأفعال».

وزار بايدن لاحقا رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة الذي أشاد بـ«الموقف الذي يعبر عنه الرئيس الأميركي باراك أوباما بخصوص الالتزام بضرورة إيجاد حل للقضية الفلسطينية وضرورة التقدم في عملية السلام على أساس حل الدولتين. وهذا ما يعتبره لبنان من النقاط الإيجابية». وأفاد بيان صدر عن المكتب الإعلامي للسنيورة أن نائب الرئيس الأميركي «جدد خلال الاجتماع التزام الولايات المتحدة الأميركية دعم سيادة لبنان واستقلاله ودعم مؤسساته الدستورية، إضافة إلى التزام دعم المحكمة الدولية». وأعرب عن اعتقاده بأن «لبنان القوي يكون عبر مؤسسات قوية» مشددا على «أن لبنان يجب أن يكون إلى الطاولة في المنطقة وليس على الطاولة. وبالتالي يجب أن يكون لبنان بلدا قويا لكي يتمكن من أداء دوره».

ثم انتقل بايدن إلى دارة النائبة نايلة معوض في الحازمية (شرق بيروت) حيث عقد اجتماعا مغلقا مع أركان قوى «14 آذار» الرئيس السابق أمين الجميل، رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري، رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط، النائب بطرس حرب، رئيس الهيئة التنفيذية لـ «القوات اللبنانية» سمير جعجع ورئيس حزب «الوطنيين الأحرار» دوري شمعون.

وقد أثارت زيارة بايدن ردود فعل راوحت بين الانتقاد والإشادة. فاعتبر «حزب الله» أن «الاهتمام الأميركي العالي بلبنان يثير ريبة قوية حول الأسباب الحقيقية الكامنة وراءه، خصوصا أنه بات يشكل تدخلا صريحا وتفصيليا بالشأن اللبناني. وهو ما تترجمه الزيارات المتتالية لمسؤولين في الإدارة الأميركية للبلد». وقال في بيان أصدره إنه «يدرك أن معيار الاهتمام الأميركي بلبنان محكوم بمدخل القضية الفلسطينية»، منبها على أن الإدارة الأميركية تضع في أولوياتها المطلقة مصلحة العدو الإسرائيلي وممارسة الضغوط واستدراج التنازلات لمصلحته. أما قضايا الشعوب ومطالبها المحقة فهي أولى ضحاياها وآخر اهتماماتها». ودان الحزب «الإمعان الأميركي في استمرار تطابق مصالحه مع العدو الصهيوني» مطالبا المسؤولين اللبنانيين و«على رأسهم رئيس الجمهورية ميشال سليمان بإثارة موضوع شبكات التجسس والخروق الإسرائيلية واستمرار الاحتلال الإسرائيلي لمناطق لبنانية».

وفي بيان لاحق دان «حزب الله» قرار أوباما «المتمثل بهدية المليارات الثلاثة التي قدمتها إدارته إلى العدو الصهيوني لتعزيز قدراته العسكرية العدوانية في ظل إدارة أقسى الحكومات تطرفا ودموية وأكثرها إجهارا لعدوانيتها وعنصريتها ضد الفلسطينيين والعرب والمسلمين وأكثرها إمعانا في استيطان أرضهم وتهويدها بوتيرة غير مسبوقة». واعتبر أن القرار الأميركي «يكشف زيف شعار التغيير الذي جاء بأوباما إلى سدة الرئاسة».

واعتبر عضو تكتل «التغيير والإصلاح» الذي يرأسه ميشال عون النائب وليد خوري، أن زيارة بايدن «للقاء أطراف غير رسمية يعني أننا ما زلنا في الفترة التي سبقت انتخاب الرئيس والتي تؤسس لانقسامات تغذيها الإدارة الأميركية». وقال: «آمل أن ينفتح الأميركيون على جميع الأطراف وخصوصا على الأطراف التي ستصبح أكثرية في لبنان، أي المعارضة الحالية».