هلو إبراهيم أحمد أحد المرشحين لرئاسة كردستان: لو اُنتخبت سأعمل على حل مشكلة النفط مع بغداد خلال 24 ساعة

قال في حديث لـ «الشرق الأوسط» إن هناك «اتفاقاً» على منح رئاستي الإقليم والوزراء لحزب بارزاني مقابل إعادة انتخاب طالباني رئيساً للعراق

هلو إبراهيم أحمد (تصوير: كامران نجم)
TT

يستمد الدكتور هلو إبراهيم احمد، نجل السياسي الكردي الشهير الراحل إبراهيم احمد، ورئيس حزب التقدم الكردستاني، شهرته في إقليم كردستان العراق من تاريخ أسرته العريقة على صعيد النضال من اجل نصرة قضية الشعب الكردي، ودور والده الراحل في تأسيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، إضافة إلى دوره هو شخصيا في رعاية المؤسسات الشبابية، التي تهدف إلى تأهيل الشباب الكردي لإدارة شؤون الإقليم.

انفصل هلو، واسمه يعني بالكردية الصقر، عن حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، بزعامة الرئيس جلال طالباني عام 2008، وتفرغ لتأسيس حزب التقدم الكردستاني، الذي لم يحصل حتى الآن على ترخيص بالعمل من الجهات المعنية في الإقليم، متبنيا أفكارا، يقول إن غايتها تغيير شكل النظام القائم في كردستان، والقضاء على الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتكريس الشفافية في العمل. وقد قرر أخيرا خوض انتخابات رئاسة الإقليم المقرر إجراؤها نهاية شهر يوليو (تموز) المقبل. «الشرق الأوسط» التقته في منزله بالسليمانية قبيل توجهه إلى اربيل العاصمة؛ لتسجيل اسمه لدى المفوضية العليا، مرشحا لرئاسة الإقليم وأجرت معه الحوار التالي:

* بداية هل انتم قادرون على تحقيق التغيير الذي ينشده شعب كردستان؟

- برأيي أن إقليم كردستان بحاجة إلى أفكار متجددة، سيما أن مشاكله على الصعيد الداخلي تتفاقم وتتكدس منذ ست سنوات من دون حلول، وفي مقدمتها المشكلة الاقتصادية ومشكلة البطالة، وغياب العدالة الاجتماعية في كل مفاصل ومناحي الحياة، إضافة إلى آفة الفساد وانعدام الشفافية، أما على صعيد التعامل مع بغداد فإن هناك سلسلة أخرى من المشاكل المتراكمة وفي طريقها إلى التفاقم وصارت تتطلب حسب اعتقادي نمطا من التعاطي معها خارج الإطار الحزبي الضيق، فالمصالح العليا للشعب الكردي هي من صلب مصالح العراق، ونعتقد أننا سننجح في التعاطي مع هذه الملفات لأننا نحمل حلولا جديدة.

* أليس وجود أكثر من منافس حقيقي في انتخابات رئاسة الإقليم دلالة على وجود الديمقراطية في الإقليم خلافا لآرائكم؟

- إتاحة الفرصة أمام المرشحين لخوض الانتخابات شيء، وإجراء العملية والالتزام بنتائجها شيء آخر، نعم هناك فرصة حقيقية أمام المرشحين لخوض المنافسة الانتخابية، لكن العبرة في النتائج وطبيعة سير العملية برمتها، ونأمل في أن تسير عملية الانتخابات بسلاسة وهدوء من دون اصطدام أو مشاكل مع الأطراف الأخرى.

* أنت وغيرك من المرشحين لخوض انتخابات رئاسة الإقليم، هل ترون أنكم قادرون على إحداث التغيير المنشود الذي لم يحققه الرئيس الحالي للإقليم؟

- انا أكن كل احترام وتقدير للسيد مسعود بارزاني، رئيس الإقليم، على جهوده المضنية ومساعيه الدؤوبة لخدمة الإقليم وشعبه،لكن هناك بعض المشاكل الملحة مثل مشكلة النفط والغاز التي صارت تتجه نحو التفاقم على صعيد التعامل مع السلطات الاتحادية في بغداد، وعلى القيادة السياسية الكردية أن تحسم أمرها فيما إذا كانت جزءا من الدولة العراقية أو خارجها، فإذا كانت جزءا من العراق فإن المادة 109 من الدستور الدائم للبلاد قد وضعت الحلول لهذه المشكلة، أي ملف النفط، ولست أفهم لماذا تتفاقم هذه المعضلة يوما بعد آخر؟ بالإمكان مناقشة العقود النفطية مع وزير النفط العراقي وجها لوجه وهو ما ينص عليه الدستور ضمنيا، اللهم إلا إذا كانت هناك أمور لا يراد لها أن تكشف على الملأ، عليه أقول لو قدر لنا أن نفوز بثقة الشعب في تولي رئاسة الإقليم فإن أول ما سأفعله هو حل مشكلة النفط في غضون 24 ساعة في إطار الدستور العراقي، لأن الإقليم جزء من العراق، وهذا ما سيفضي بالنتيجة إلى خلق الآلاف من فرص العمل للشباب في الإقليم وتعزيز بنى الاقتصاد فيه.

* وهل أن شعب الإقليم في مستوى من الوعي السياسي والفهم لمعاني الديمقراطية ما يؤهله لأحداث التغيير المنشود عبر صناديق الاقتراع؟

- اعتقد أن الإجحاف والحيف اللذين يخيمان على الإقليم، يدفعان بشعب كردستان نحو التفكير السياسي وقراءة «الممحي» كما يقال، وأنا شخصيا أكن كل تقدير لفكر الفرد الكردي واعتقد جازما أنه قادر على اتخاذ قراره بنفسه وبالشكل الصحيح، وإذا لم يفعل ذلك فسيدفع ضريبة ذلك على السنوات الأربع المقبلة.

* وهل ستخوضون أنتم في حزب التقدم الانتخابات القادمة بقائمة مستقلة؟

- نعم بكل تأكيد، وبما أننا لم نحصل على ترخيص رسمي يجيز لحزبنا العمل رسميا في الإقليم، اضطررنا إلى تسجيله ككيان سياسي باسم قائمة التقدم، ومعظم مرشحينا هم من الشباب، آملين أن نحدث نوعا من التغيير في البرلمان.

* هناك تقارب حد التطابق في برنامج قائمة التقدم التي ترأسونها وقائمة التغيير التي يرأسها نوشيروان مصطفى على صعيد المطالبة بالتغيير فلماذا لم توحدوا القائمتين؟

- نعم هناك تقارب كبير بين القائمتين، أما أسباب عدم توحيدهما فمردها إلى أننا نرى الوجوه التي أدت دورها في كردستان في المراحل السابقة بكل ما فيها من نجاحات أو إخفاقات عليها أن تفسح المجال لغيرها من الدماء الشابة، ويقينا لست اقصد بكلامي هذا السيد نوشيروان مصطفى الذي يرأس قائمة التغيير، لكن أقصد الوجوه الأخرى المدرجة فيها، التي مارست دورها بشكل أو بآخر في الحزب والحكومة، لذا أتمنى أن تتضمن قائمة التغيير مزيدا من الوجوه والدماء الشابة كي تتضافر جهودنا ومعنا جهود القوائم الصغيرة الأخرى في إحداث التغيير المنشود في البرلمان.

* في أي موقع قيادي كنتم قبل الاستقالة من الاتحاد الوطني؟

- لم أكن في أي موقع قيادي داخل الحزب، بل كنت أحد كوادره المتطوعين منذ انبثاقه وعملت في صفوفه، سواء في أوروبا أو داخل الوطن منذ عام 1991 لحين عودتي إلى كردستان نهائيا في عام 2000، وقد سعيت باستمرار إلى إجراء إصلاحات في صفوفه عبر محاولتين، إحداها خلق تيار الوحدة، الذي عملت قيادة الاتحاد الوطني على تفكيكه من دون استشاراتي عوضا عن الاستفادة منه.

* وما صحة الخلافات الشخصية أو الفكرية بينكم وبين الرئيس جلال طالباني حول زعامة الحزب؟

- ليست هناك خلافات شخصية بيني وبين الرئيس طالباني إطلاقا، فالقضايا الموجودة هي أكبر من ذلك بكثير، وتاريخي الشخصي يكشف بوضوح أنني لم اسع للمناصب أبدا، وأصل الخلاف يكمن في عدم قدرة الاتحاد على تحقيق التغيير الداخلي أو تكريس العدالة الاجتماعية بين الأعضاء القياديين ومقاتلي البيشمركة البسطاء المعوزين أو أسر الشهداء، كما اخفق الاتحاد في التصدي للفساد أو أن يطرح برنامجا واضحا ويخطو لتنفيذه بذلك الاتجاه، ناهيك عن غياب الشفافية والاندماج في سلطات الحزب والحكومة.

* الاتحاد الوطني يعاني من مشاكل داخلية،خصوصا فيما يتعلق بقائمة التغيير التي يترأسها نوشيروان مصطفى، هل ستتحول تلك المشاكل إلى قنبلة انتخابية داخل الاتحاد نفسه؟

- أمر مؤسف حقا، إخفاق الاتحاد الوطني في حل معضلاته الداخلية في حين نجح في تحقيق حالة من الوحدة والتلاصق مع الحزب الديمقراطي الكردستاني حتى بات من الصعب التمييز بين الحزبين، وهو أمر يبعث على السرور والفخر، لكن كنا نأمل في أن تسود الروحية ذاتها على صعيد التعاطي مع المشاكل الداخلية للاتحاد الوطني وإيجاد الحلول الناجعة لها، وليس أمامنا الآن سوى أن تنتهي العملية على خير، وان نبرهن للعالم أننا مؤهلون لإدارة شؤوننا بأنفسنا، وإلا فإن ارتكاب خطأ كبير من ذلك القبيل سيعيدنا جميعا إلى مربع الصفر.

* يجري الحديث في بعض الأوساط عن اتفاق خلف الكواليس بين حزبي طالباني وبارزاني يقضي بأن تبقى رئاستا الإقليم ومجلس الوزراء من حصة الديمقراطي ما صحة تلك الأنباء؟

- هذا صحيح، يضاف إليه بعد آخر أيضا، ألا وهو إعادة انتخاب جلال طالباني رئيسا لجمهورية العراق، ويبدو أننا نسير على خطى التقاسم الطائفي للمناصب في لبنان.

* إذا كان ذلك صحيحا فما جدوى الانتخابات إذن؟ هل هي لاستكمال سيناريو الديمقراطية في الإقليم كما يقال؟

- آمل أن لا يكون الأمر كذلك، وأتمنى أن تسهم مشاركتي المتواضعة في عملية الانتخابات كمواطن بسيط عديم الإمكانات، في كسر المألوف، خصوصا ان الفرصة مواتية هذه المرة لشعب كردستان كي يقول كلمته.

* ألم يكن في المستطاع طرح أفكاركم الإصلاحية عبر مشروع إصلاحي متكامل ومدروس على قيادة الاتحاد عوضا عن الاستقالة؟

- لقد سعينا كثيرا ومرارا عبر ذلك السبيل، سواء من جانبي بصفة شخصية أو مع أعضاء آخرين، لكن باءت مساعينا بالفشل وكممت الأفواه بأسلوب أو بآخر، أما أنا، ولكوني غير ذي امتيازات أو مناصب، أتمسك بها فإنني لم أخش من طرح أفكاري بجراءة أكبر، وقد كتبت كثيرا عن أداء حكومة الإقليم والاتفاق الاستراتيجي بين الاتحاد والديمقراطي ووجهت من خلالها انتقادات شديدة لم تحل لهم، عليه طردت من الحزب مرتين العام الماضي، بمعنى أن خلافاتي مع الاتحاد كانت نابعة من أفكاري الإصلاحية وليست خلافات شخصية كما يقال.

* إذن يمكن القول إن قرار تأسيسكم حزب التقدم استند إلى أنكم قادرون على تحقيق ما عجز عنه الاتحاد الوطني؟

- نعم بالتأكيد فما عملنا على تحقيقه من خلال الاتحاد طوال السنوات الماضية لن يرى النور إطلاقا في ظل العقلية والقيادة الراهنة في الاتحاد، لذا وجدنا ومعي نخبة خيرة من الشباب بأن تأسيس حزب ولو صغير هو الخطوة الأولى أو بمثابة زرع البذرة الأولى ومن شأنه كسر الجمود الراهن.

* ألا ترى أن التاريخ يعيد نفسه معكم على صعيد تكرار ما حدث لوالدكم المرحوم إبراهيم أحمد في تأسيس الحزب الديمقراطي؟

- هذا السؤال ينبغي طرحه على جلال طالباني، وفي تصوري أن الحزبين الاتحاد والديمقراطي كان بوسعهما الاحتفاظ بالاتفاقية الإستراتيجية بينهما من دون خوض الانتخابات بقائمة موحدة، وبمنافسة شرعية ونزيهة وحضارية ومن ثم تعزيز التحالف بينهما في البرلمان، ولكم أن تتصوروا كيف سيكون الوضع لو خاض الحزبان الديمقراطي والجمهوري الانتخابات الأميركية بقائمة موحدة ومغلقة.

*كيف ترون مستقبل الاتحاد الوطني بعد عملية الانتخابات القادمة في ظل استمرار مشاكله الداخلية؟

- مستقبل الاتحاد منوط بقيادته، لكن إذا لم تتول القيادة إحداث تغييرات جذرية في سياسات الاتحاد، وكذلك في الوجوه القيادية التي مضى عليها أكثر من ربع قرن، فإن الحزب سيتجه نحو الاضمحلال أو التحول إلى حزب صغير تدب فيه الانشقاقات وسنرى ذلك لاحقا، وللأسف الشديد أنا مقتنع بأن القيادة الحالية لا تعتزم إجراء ذلك التغيير ولا تمتلك إمكانية إجرائه.

* هناك من يقرأ استقالتكم من الاتحاد بأنها توزيع للأدوار كي تكونوا حضنا لاستقبال الأعضاء والكوادر الذين يتركون صفوف الاتحاد تمهيدا لإعادتهم إلى الحزب في ما بعد.. ما ردكم؟

- منذ 5 سنوات أتولى إدارة منظمة «سوليداريتي» الطلابية الشبابية التي يعارضني الاتحاد فيها بشدة، أما بشأن السيناريو المذكور، فإنني أرى أن الناس محقون في تفكيرهم بهذا الاتجاه، لكن الواقع والحقيقة هما غير ذلك بالمرة، والدليل على ذلك هو أن تصرفاتنا وتصريحاتنا وتوجهاتنا لا تخدم الاتحاد إطلاقا .