اليمن: تجاهل رسمي لخطاب البيض.. والمساجد تهاجم دعاة الحروب الأهلية

التشاور الوطني: اليمن أمام خيار الفرصة الأخيرة

TT

التزمت السلطات اليمنية أمس الصمت ورفضت التعليق على ظهور نائب الرئيس اليمني السابق علي سالم البيض بعد مرور 15 عاما على نهاية الحرب الأهلية عام 1994م. وفي الوقت الذي لم يصدر أي تعليق رسمي على ظهور البيض أو دعوته في خطاب له ومؤتمر صحافي أمس الأول في ميونخ بألمانيا، فقد رفضت العديد من القيادات البارزة في حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم الإدلاء بأي تعليق لـ«الشرق الأوسط»، في الوقت الذي تواصل السلطات اليمنية اعتقال عشرات النشطاء في «الحراك الجنوبي السلمي» في عدن.

ولجأت صنعاء إلى المساجد للرد على خطاب البيض الذي دعا فيه الجنوبيين إلى «الاصطفاف» من أجل «استعادة دولة الجنوب وعاصمتها عدن». وشن خطباء المساجد في عموم المحافظات اليمنية أمس هجوما لاذعا على القيادات اليمنية الجنوبية الداعية لما تسميه «فك الارتباط» أو «الانفصال» وخصوصا علي سالم البيض. ودعت خطب الجمعة في أغلب مساجد البلاد إلى «الاصطفاف والوحدة» في وجه «المؤامرات الداخلية والخارجية التي تحاك ضد وحدة اليمن واستقراره وأمنه والعودة بالوطن إلى ما قبل ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر و22 مايو 1990».

وبحسب مصادر رسمية فقد كانت جميع خطب الجمعة في المحافظات والمديريات، مستنكرة «الدعوات التي تطلقها بعض العناصر في الداخل والخارج والتي تهدف إلى جر الوطن إلى الانقسامات والشتات». وحذر خطباء المساجد من تداعيات دعاة الفتنة وتجار الحروب الأهلية»، بحسب وصف تلك المصادر. واعتبر خطباء المساجد أن «حماية الوحدة والدفاع عنها يرقى إلى مستوى الواجب الديني والوطني على كل مسلم ومسلمة».

إلى ذلك تواصل السلطات الأمنية في محافظة عدن اعتقال العشرات من النشطاء «الجنوبيين» الذين اعتقلتهم أول من أمس (الخميس) اثر تظاهرة في عدن مناهضة لاستمرار الوحدة بين الشمال والجنوب. وفي صنعاء اختتم أمس «التشاور الوطني» الذي نظمته أحزاب «اللقاء المشترك» المعارضة على مدى أشهر. وخرج الاجتماع العام الذي انعقد على مدى يومين في صنعاء بقرار بتشكيل لجنة للحوار الوطني تتكون من 90 شخصا، إضافة إلى لجان للفئات المجتمعية. وفي البيان الختامي الصادر عن «التشاور» جاء التأكيد أن اليمن يمر بظروف «بالغة الدقة والخطورة والتعقيد يعيشها وطننا اليمني تنبئ عن مخاطر هائلة ومحدقة تهدد كيان الوطن وتكاد تعصف بأركانه وتقوض أساسات بنيانه». وأضاف أن البلاد «وصلت حدا لم يعد ممكنا معه القيام بمعالجات جزئية مبتسرة أو من خلال حلول ترقيعية قاصرة ومحدودة، فالخرق قد اتسع وتجاوز قدرة الراتق على سد ثغراته».

واعتبر «التشاور الوطني» الذي شاركت فيه قرابة ألف شخصية ويرأسه الشيخ حميد بن عبد الله بن حسين الأحمر، أن «البلاد أمام خيار الفرصة الأخيرة» وطالب «التشاور الوطني» بالكف عن «سياسة القوة والبطش ومحاسبة من تسبب في إزهاق الأرواح وإراقة دماء المواطنين بتقديمهم للعدالة». ودعا إلى «الالتزام الصارم بوسائل العمل والنضال السلمي، مهما كانت التضحيات ورفض الانجرار إلى العنف أو الاستدراج إلى منزلقاته»، وإلى «اعتماد الحوار القائم على أساس الشراكة الوطنية بين جميع القوى والأطراف للوصول إلى فهم مشترك للأزمة، وللحلول التي تستهدف تحقيق تسوية تاريخية، تستوعب تجارب الماضي، وتأخذ بعين الاعتبار ما مرت به اليمن». كما دعا إلى إجراء «حوار وطني واسع وعميق حول مختلف القضايا والمشكلات الوطنية ليشكل الجميع رافعة تغيير سلمي وإنقاذ وطني يخرج البلاد من براثن الوضع الراهن».

وفي العاصمة السورية دمشق أحيت السفارة اليمنية حفلا بمناسبة مرور 19 عاما على قيام الوحدة اليمنية بمشاركة وزير الخارجية اليمني الدكتور أبو بكر القربي ومن دون مشاركة الرئيس اليمني الجنوبي السابق علي ناصر محمد المقيم في العاصمة السورية. وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن معظم اليمنيين الجنوبيين لم يشاركوا في الاحتفال.