احتمال سيطرة الحكومة الأميركية على 70% من «جنرال موتورز»

50 مليار دولار لإعادة هيكلة الشركة

TT

في ظروف أفضل، كان الكثير من الموظفين في «جنرال موتورز» يطلقون على شركتهم «موتورز السخاء» بسبب الامتيازات الوفيرة التي كانت تنعم بها عليهم. وفي الوقت الحالي ترمز الحروف الأولى للكلمة باللغة الإنجليزية إلى عبارة «موتورز الحكومية». وتدعو الخطة الأخيرة التي أُعدّت من أجل شركة السيارات المتعثرة، التي يُتوقع أن تقدم طلبا لشهر الإفلاس بحلول يوم الاثنين، إلى حصول وزارة الخزانة الأميركية على نحو 70 في المائة من الشركة بعد إعادة هيكلتها.

وقال أشخاص لديهم اطلاع مباشر بالوضع في الشركة إن الحكومة الأميركية ستوفر 50 مليار دولار على الأقل لصالح «جنرال موتورز» كي تتمكن الشركة من إعادة هيكلة نفسها في إطار قانون الإفلاس. ومن بين هذا المبلغ أكثر من 20 مليار دولار أُنفقت بالفعل لدعم الشركة. وحسب بعض التقديرات في ديترويت فإنه قد تكون هناك حاجة إلى عشرات المليارات بالإضافة هذا المبلغ.

وسوف يستحوذ اتحاد عمال صناعة السيارات على 20 في المائة عن طريق صندوق الرعاية الصحية للمتقاعدين. وسوف يحصل حمَلة السندات والأطراف الأخرى على الحصة الباقية. وبصورة فعلية، تم القضاء على حمَلة الأسهم.

وعلى الرغم من أنه كان واضحا لمدة أسابيع أن وزارة الخزانة سوف يكون لها حصة أغلبية في «جنرال موتورز» بعد إعادة هيكلتها، فإن حصة 70 في المائة، وهو الرقم الذي يمكن أن يتغير، تعد أكثر مما كان متوقعا. وتثير احتمالية أن تسيطر الحكومة على «جنرال موتورز» العديد من الأسئلة الشائكة. وسوف يظهر عدد لا يُحصى من القرارات بخصوص السياسة، ذات صلة بقضايا مثل معايير الاقتصاد في الوقود والمحفزات الضريبية للاستبدال بالسيارات القديمة، ومبادرات التقنية الصديقة للبيئة، تضارُبا في المصالح. وعلى سبيل المثال، فإنه مع استثمار 30 مليار دولار في «جنرال موتورز» و«كرايسلر» حتى الوقت الحالي، هل ستتجه الحكومة إلى هذه الشركات عندما تشتري السيارات التي تحتاجها أساطيلها؟ وهل ستجد «فورد» نفسها في وضع سيئ، لأنها ترفض الحصول على أموال فيدرالية؟

كما سوف تظهر تحديات ثقافية، فهل يمكن للحكومة أن تحسن من أداء شركة معروفة بطريقتها البيروقراطية في العمل التجاري؟

ويقول مساعدون للرئيس أوباما إنهم سيكونون حمَلة أسهم معارضين، وإنهم لا يخططون للقيام بأي دور تشغيلي داخل الشركة. وقال شخص قريب من النقاشات الدائرة يوم الثلاثاء: «لن يقوم أحد بوضع موظفين حكوميين أميركيين في مجلس (جنرال موتورز)».

ويشير هذا الشخص إلى أن عملية الإدارة اليومية داخل الشركة سوف تُترك للمديرين الحرفيين وأن الحكومة لن تشارك في القرارات الخاصة بإغلاق مصانع أو إعادة التفاوض حول عقود أو اختيار خطوط إنتاج.

ولكن، قد لا يكون ذلك أمرا سهلا، حيث يدعو عضوان في الكونغرس ستيفين راتنر ورون بلوم، اللذان يديران عمل الفريق المسؤول عن قطاع السيارات، بتقديم شكاوي بسبب إغلاق «كرايسلر» و«جنرال موتورز» لتوكيلات داخل ولاياتهما.

ويُحتمل أن تتزايد هذه الدعوات مع إغلاق المصانع ونقل بعضها، ويرجع ذلك بصورة جزئية إلى أن أعضاء الكونغرس سوف يقضون وقتا صعبا للتوضيح للناخبين داخل دوائرهم كيف أن الحكومة يمكن أن تمتلك 70 في المائة من الشركة وأنه لا توجد لديها سلطة بشأن البت في أي من هذه المصانع سوف يبقى يعمل والمصانع التي سوف يتم إغلاقها. وقد يُضطر ممثلو أوباما إلى التفكير في تصميم الموديلات الجديدة لتحقيق أهداف بخصوص كفاية الوقود ومقدار أقل من الانبعاثات. ويقول شخص كان يعمل مستشارا لفريق العمل التابع لأوباما: «سوف يُنظر إلى أي قرار حتى في ما يتعلق بالمواد التي سوف تُستخدم لصناعة مصدّات السيارات على أنه متأثر بالحكومة».

ولكن من الواضح أن الإدارة سوف تشرف على اختيار أو استبدال الإدارة، كما قامت بالفعل بالإطاحة بريك واغونر من منصب الرئيس التنفيذي الرئيس في مارس (آذار). ويُذكر أنه في ديسمبر (كانون الثاني)، أشار أوباما إلى أنه يريد يتجنب عمليات الإفلاس غير المحكومة. وفي الوقت الحالي، بعد خمسة أشهر فقط، يقوم البيت الأبيض تحت إدارته بتبني هذا المنحى على أنه حل فعال بدرجة كبيرة، على ضوء عملية شهر الإفلاس السريعة والمؤلمة لـ«كرايسلر». ويقول شخص على اطلاع بالمناقشات الخاصة باستراتيجية الحكومة مع «جنرال موتورز»: «تتسم (جنرال موتورز) بقدر كبير من التعقيد، فهي شركة عالمية وأكبر كثيرا، وفي كل يوم تواجهنا قضية في (جنرال موتورز) لم تكن موجودة في (كرايسلر)، التي تعد شركة أكثر بساطة بصورة نسبية».

وعلى الرغم من أن المساعدات لـ«جنرال موتورز» لم تقترب من 180 مليار دولار التي حصلت عليها «المجموعة الأميركية الدولية» من الحكومة، فإن المبلغ يجعل من الـ18 مليار دولار التي قدّر واغونر أن الشركة سوف تحتاجها نهاية العام عندما ظهر أمام الكونغرس مبلغا صغيرا.

وتدعو خطة الحكومة إلى إنشاء «جنرال موتورز» جديدة بأصولها الأفضل مثل «كاديلاك» و«شيفروليه»، التي يمكن أن تظهر بعد عملية الإفلاس بنهاية الصيف. وسوف يتم بيع باقي «جنرال موتورز» أو تصفيته في عملية يمكن أن تستغرق وقتا أطول.

وخلال الشهر الماضي قالت «جنرال موتورز» في طلب تنظيمي إنها تتوقع أن يحصل صندوق الرعاية الصحية التابع لاتحاد عمال السيارات، الذي يطلق عليه «رابطة تأمين الموظفين الطوعية»، على 39 في المائة من الشركة، مقابل 9 في المائة لحمَلة السندات و1 في المائة لحمَلة الأسهم، وأن تذهب النسبة الباقية إلى وزارة الخزانة. وقام الاتحاد بمناقشة حصة أكبر في «كرايسلر» مع توقعات بأن يستحوذ صندوق الرعاية الصحية للمتقاعدين على 55 في المائة من الشركة بمجرد أن تظهر بعد الإفلاس.

وأكد الاتحاد لأعضاء يوم الثلاثاء أن نفوذه في ما يتعلق بـ«جنرال موتورز» محدود. وأضاف: «دون المساعدات المالية الحكومية، سوف تتعثر (جنرال موتورز) لا محالة، وسيكون لذلك تبعات مدمرة تمثل في عمليات إغلاق للمصانع وتصفية محتملة للشركة». ولم يكن حمَلة السندات، الذي يملكون 27 مليار دولار في دين «جنرال موتورز» سعداء بالخطة لأنها تعطيهم حصة أصغر كثيرا من صندوق الاتحاد، التي تدين له «جنرال موتورز» بـ20 مليار دولار. وينهي حمَلة السندات تصويتا يوم الأربعاء بخصوص عرض، يُتوقع كثيرا أن يُمنى بالفشل، يتم خلاله استبدال أسهم بحيازاتهم. وتقول «جنرال موتورز» إنها تحتاج إلى 90 في المائة كي تقبل ذلك، وإلا فسوف تقدم طلبا لشهر الإفلاس.

وعلى الرغم من الاعتراضات، يقول بعض الخبراء القانونيين إنه يُحتمل أن تنتصر «جنرال موتورز» والحكومة في محكمة شهر الإفلاس لأن الشركة لن تكون قادرة على البقاء دون قروضها. ويقول إيفان فلاسكن رئيس مجموعة إعادة الهيكلة المالية داخل الشركة القانونية «بارسويل آند غيولياني»: «إنها معاملة غير عادلة، وأعتقد أن هناك تمييزا ضد حمَلة السندات. ولكن قامت الحكومة أيضا بوضع أكثر من 15 مليار دولار في (جنرال موتورز)، ولذا فإن لهم من الناحية الواقعية الحرية في التخصيص».

وفي هذه الأثناء يصوت أعضاء الاتحاد على سلسلة كبيرة من تغييرات العقود شبيهة بتلك التي تم الموافقة عليها في «فورد» و«كرايسلر». وطبقا لذلك سوف يحصل صندوق الاتحاد على 17.5 في المائة من «جنرال موتورز» وضمان يساوي 2.5 في المائة أخرى من «جنرال موتورز» في وقت لاحق.

* خدمة «نيويورك تايمز»