باريس «مطمئنة» لمسار الانتخابات اللبنانية وتتوقع نتائج متقاربة تفرز حكومة وفاق وطني

عبرت عن ارتياحها لوصول السفير السوري إلى بيروت

TT

تبدو باريس «واثقة» من حسن سير الانتخابات النيابية اللبنانية في السابع من الشهر المقبل، وتعتبر أن الثامن من يونيو (حزيران) «لن يكون مختلفا كثيرا» عن السابع منه.

وقالت مصادر فرنسية رسمية في باريس تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، إن ما يجعل السلطات الفرنسية «مطمئنة» إلى حد بعيد إلى الانتخابات وإلى ما سينتج عنها يتمثل في عدة اعتبارات أولها «وثوقها» من أن النتائج «ستكون متقاربة بين فريقي 8 و14 مارس (آذار) إلى درجة أنها ستظهر أن أيا من الفريقين لن يمكنه الانفراد بحكم لبنان» وبالتالي «ستتم العودة بشكل أو بآخر إلى حكومة وحدة أو تفاهم وطني». وترفض المصادر الفرنسية الخوض في المزيد من التفاصيل الداخلية. غير أنها تؤكد، من خلال الاتصالات التي تجريها مع الأطراف المعنية اللبنانية والإقليمية والدولية، أن ثمة «رغبة» في حماية لبنان في المرحلة الحالية من «التفاعلات» الإقليمية. وترى باريس أن مناخ «الانفتاح»، الذي تسعى الإدارة الأميركية إلى اتباعه مع طرفين إقليميين أساسيين هما سورية وإيران «يفترض أن ينعكس بشكل إيجابي على الوضع اللبناني» خصوصا أن ذلك يترافق مع «ارتخاء» في مناخ التشنجات العربية والإقليمية، التي عانى منها لبنان في الفترة الممتدة من التمديد للرئيس اللبناني السابق خريف العام 2004 وحتى اتفاق الدوحة في مايو (أيار) من العام الماضي. وترى باريس أن عودة التواصل بين الرياض ودمشق من شأنه المساهمة في «تفادي الانزلاق» وتحاشي هزات جديدة. وأمس، عبرت الخارجية الفرنسية عن ارتياحها لوصول السفير السوري علي عبد الكريم إلى بيروت، ورأت في ذلك «محطة جديدة على طريق تطبيع العلاقات» بين البلدين.

وفيما أكدت فرنسا على استعدادها للتعاون مع أية حكومة تصل إلى السلطة عبر انتخابات حرة ونزيهة، فإنها ترى أن أية حكومة قادمة «لا يمكنها التنصل من التزامات لبنان الدولية» ومن بينها القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي، وأولها القرار 1701، أو القرار الذي يفرض على لبنان والدول الأخرى التعاون مع المحكمة الدولية.

ويسير الاتحاد الأوروبي في الخط الذي تدعو إليه فرنسا، في الوقت الذي برزت فيه بعض «التمايزات» بين المقاربتين الفرنسية والأميركية لفترة ما بعد الثامن من يونيو (حزيران(، فبحسب مصادر فرنسية واسعة الاطلاع، أفضى الحوار مع واشنطن إلى قبول الإدارة الأميركية، من حيث المبدأ، حكومة اتحاد وطني أو تفاهم وطني لبنانية، لكنها رهنت تعاطيها معها بما سيكون عليه الخط السياسي لتلك الحكومة. لكن ثمة مشكلة «عملية» يمكن أن تطرح، وهي في كيفية تعاون الإدارة الأميركية مع وزراء حزب الله، باعتبار أن واشنطن تصنف الحزب في خانة المنظمات الإرهابية. لكن الأوساط الفرنسية ترى أن هذه الإشكالية يمكن التغلب عليها، كون حزب الله يشارك في الحكومة اللبنانية للمرة الثانية، وهذا لم يمنع واشنطن من التواصل مع هاتين الحكومتين أو إرسال وزرائها إلى بيروت أو دعم الجيش اللبناني أو الخزينة اللبنانية.

وعلى الصعيد الداخلي اللبناني، تتمسك باريس بقوة بالرئيس ميشال سليمان وبدوره وبنجاحه في إعادة تفعيل مؤسسة رئاسة الجمهورية، وتذهب إلى حد اعتباره «خطا أحمر» ترفض التعرض له أو لعهده. وتتوقع باريس «خلط الأوراق السياسية» بعد الانتخابات، وهذا أحد عوامل «اطمئنانها» الذي ترى فيه عاملا إضافيا من شأنه أن «يعزز» موقع الرئيس سليمان.

وفي هذا السياق، علمت «الشرق الأوسط» أن ثمة اتصالات تنصب حاليا على النظر في كيفية تعزيز موقع الرئاسة الأولى كقوة استقرار حكومي وكجهة حيادية. وإحدى الأفكار المتداولة هي إقناع الجهات الخارجية المؤثرة برصد عدد أكبر من الحقائب الوزارية للرئيس سليمان، تتخطى الحقائب الثلاث التي حصل عليها بعد اتفاق الدوحة. ورغم ذلك، تعتبر باريس أن «المفاجآت» التي يمكن أن تطال الوضع اللبناني و«تعطل» الآليات المرجحة، تبقى احتمالا واردا. ويبقى العامل الإسرائيلي وتداخله مع الملف النووي الإيراني، واحتمال أن تسعى حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى «حشر» إدراة الرئيس أوباما، موضع تساؤلات الدبلوماسية الفرنسية.