المرشح أحمد الأسعد يتهم حزب الله وحركة أمل بتنفيذ خطة مدبرة لإرهاب ناخبيه ومناصريه

مسلسل الاعتداءات على مناصريه مستمر في جنوب لبنان

TT

يأخذ مسلسل الاعتداءات على رئيس تيار «الانتماء الوطني» المرشح في دائرة مرجعيون ـ حاصبيا بجنوب لبنان أحمد الأسعد، منحى تصاعديا مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية في السابع من يونيو (حزيران) المقبل. ويعتبر الأسعد أنه يتعرض إلى «خطة مدبرة» تهدف إلى إرهاب الناخبين من مؤيديه. ويتهم حزب الله وحركة «أمل» بارتكاب هذه الاعتداءات.

واللافت أن هذه الاعتداءات لا تتم في الخفاء. فأهالي القرى الجنوبية أو البقاعية يتداولون أخبارها، سواء كانوا مناصرين لتيار الأسعد أو مناوئين له. ففي البقاع مثلا يروي أحد المناصرين أن عناصر حزبية هددته بأن المخابرات السورية لن ترحمه إن هو اقترع لمصلحة مرشح «الانتماء». ويبدو أن التهديد المباشر يوجه إلى الناخبين المشكوك في أمرهم، بحيث يصبح روتينيا تفجير سيارة أحد المناصرين. أمين سر تيار «الانتماء اللبناني»، علي عيد، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه الاعتداءات هي انتهاك مباشر لديمقراطية الانتخابات. وتتحمل المسؤولية المباشرة هيئة الإشراف على الحملة الانتخابية التي تراقب نزاهة العملية الانتخابية. وهذه الاعتداءات تشكل أكبر مادة للطعن. فالتهديد هو أكبر رشوة انتخابية. من يراقبون؟ هل يراقبون من يعتدي على أمل وحزب الله وهما مسؤولان مباشرة؟ لا يريدون أحدا، لا يريدون رأيا آخر ولا يريدون أن يشاركهم أحد مملكتهم، فليتقوا الله قليلا». ويضيف: «نتعرض إلى كل أنواع الاعتداءات. ولا نشعر بالأمان حيال قدرتنا على إرسال مندوبينا إلى مراكز الاقتراع بموجب قانون الانتخابات. عناصر حركة أمل وحزب الله يقطعون الطرق ليحولوا دون عبور مواكبنا. ويخرجون بمظاهرة مسلحة ليضغطوا على الناس ويمنعوهم من المشاركة في أي نشاط نقوم به. ما إن يغادر فريق عمل لتيارنا منزلا في إحدى القرى، حتى يدخلوا إليه ويهددوا الناس بأعمالهم وأرزاقهم. وطبعا المواطن، في ظل غياب الدولة يخاف. ففي الجنوب لا يستطيع الجيش أو القوى الأمنية التدخل بمواجهة حزب الله وحركة أمل. في معظم الأحيان يبقى متفرجا على ما يحصل». وعن أهم هذه الاعتداءات يفيد: «منذ ثلاثة أسابيع نظمنا لقاء في موقع دار الأسعد التي دمرتها حركة أمل في بلدة الطيبة. ومع وصول مناصرينا فوجئنا ببيان يذاع عبر مكبر الصوت من مسجد البلدة، يطلب إلى الناس قطع الطريق وتحطيم كل ما يحيط بمكان الاجتماع. حسبنا أن الأمر مجرد تهويل. وعندما وصل أحمد الأسعد من طريق فرعية وتمكن من تجنبهم، بدأت الحشود تطوق مكان الاجتماع، كانوا مسلحين، بعضهم من الطيبة والبعض الآخر من سرايا المقاومة، الذين استقدموا ليحاربوا أبناء منطقتهم وليس إسرائيل. الفريق الأمني الرسمي المرافق للأسعد لم يتمكن من فك الحصار. وبعد ثلاث ساعات ونصف الساعة حضرت قوة من الجيش والدرك ولم تستطع فتح الطريق إلا بالتراضي مع المسلحين، ليتمكن الموكب من الخروج بصعوبة بالغة. وانهالت الاتهامات والهتافات بأننا أميركيون وسعوديون ونريد شق الصف الشيعي. وقطعت الطرق بالعوائق ولم نعد نستطع التحرك. حطموا 32 سيارة في المكان. علي عيد كان سباقا، على ما يبدو، في التعرض للاعتداء، وذلك في انتخابات 1992 عندما وضعت متفجرة تحت سيارته في بلدة معركة (قضاء صور) وأصيبت والدته إصابات بالغة. ولا تزال تعالج حتى الآن. والسبب كما يوضح: «لأني أخالفهم الرأي. وبالتأكيد لست عميلا لإسرائيل. فقد أصبح معروفا من يتعامل مع العدو ومن حافظ على خطه الوطني». أهالي القرى يرون أن الأسعديين غير مرغوب فيهم. الواحد منهم يشعر أنه منبوذ في قريته. لا يصاهرونه ولا يناسبونه. يفهمونه صراحة أن لا مكان لأحد خارج حركة «أمل» وحزب الله. يهددونه بعدم السماح له بالذهاب إلى عمله، أو يقاطعونه إذا كان تاجرا. يروي عقيل حسين أن مدير مدرسة في الطيبة تلقى تحذيرا إذا لم يفصل أستاذا من حولا يناصر أحمد الأسعد. حسين كان قد تعرض للخطف بعد اجتماع لتيار الانتماء في الضاحية الجنوبية لبيروت واحتجز لساعات في مخيم برج البراجنة وضُرِب وهدد بسكين من قبل خاطفيه، الذين أفهموه أن مجرد كونه أسعدي الهوى يعني أنه مجرم وغير مرغوب بزيارته الضاحية. أما في بلدة الخيام (قضاء مرجعيون) فقد نسفت سيارة خليل عواضة أمام منزله. وأصبح صعبا على زوجته أن تتواصل مع الأقارب والجيران. أحدهم قال لها: «لماذا تورط زوجك في شأن يزعج الحزب والحركة. أما كان من الأفضل له لو بقي صامتا؟».

ويروي محمد من بلدة معركة أن مسؤولي حركة «أمل» ومنذ مطلع ثمانينات القرن الماضي كانوا يقولون للناس إن «البيك (رئيس مجلس النواب الأسبق ووالد أحمد كامل الأسعد) كان يسلبهم القمح والأرض والمشاعات التي يزرعها باسمه ويستغلهم». ويضيف: «عندما قويت الحركة على الأرض وأصبح الجنوب موطن نفوذها، عمدت عناصرها إلى حرق منازل الاسعديين وجرفها. كما هدموا دورا تراثية الطراز تعود إلى عقود من الزمن. لم يسعوا إلى استيعاب الأسعديين ودمجهم في بيئتهم إنما حاربوهم واضطهدوهم». أما العداء لكامل الأسعد فلا يقتصر على موضع الإقطاع، إنما يعود إلى اتفاق «17 أيار» الذي نص على إنهاء حالة الحرب بين لبنان وإسرائيل وعلى التعهد بانسحاب القوات الإسرائيلية وإنشاء منطقة تنفذ فيها ترتيبات أمنية متفق عليها. وأثناء المفاوضات كانت حركة المقاومة المسلحة تتنامى، ورقعة عملياتها تتوسع حتى كادت تطاول إحدى جولات التفاوض. وكانت التحركات الشعبية تتصاعد، ولعل أبرزها التحرك الذي انطلق من مسجد الإمام الرضا في ضاحية بيروت الجنوبية، بتوجيه من المرجع الشيعي السيد محمد حسين فضل الله والذي انتهى بمواجهات مع الجيش اللبناني أدت إلى سقوط قتيل وعدد من الجرحى، مما حدا بالحكومة اللبنانية ومجلس النواب اللبناني إلى إلغاء ذلك الاتفاق، رسميا، بعد أقل من عام على توقيعه، وبالتحديد في 5/3/1984 واعتباره باطلا، كما ألغيت مفاعيله وآثاره. ولا يزال هذا الأمر رأس حربة في تبرير الاعتداءات على أحمد الأسعد الذي لا علاقة تربطه بتلك المرحلة. فهو يؤكد أنه يخوض هذه الانتخابات ليثبت أن «الطائفة الشيعية لا تصوت في خانة واحدة وليس لأبنائها رأي واحد». ويضيف أنه ليس صاحب «مشروع انتخابي فقط لا غير، لأن الانتخابات، وإن كانت محطة مهمة ونريد أن نخوضها بقوة ونضع كل ثقلنا فيها، إنما تظل مجرد محطة في مشروعنا، فنحن نريد الاستمرار بزخم وقوة أكبر بعد الانتخابات».