المغرب يستضيف غداً ملتقى دولياً يناقش كيفية مواجهة الأزمات

يدوم يومين وتشرف عليه مندوبية التخطيط

TT

من المقرر أن تحتضن بلدة الصخيرات، بضواحي الرباط، غداً ملتقى دولياً يناقش كيفية تنفيذ سياسة الحكامة في أثناء تدبير الأزمات. وقال أحمد الحليمي العلمي، المندوب العام للتخطيط المغربي، مساء أول من أمس، في مؤتمر صحافي، إن الموقع الاستراتيجي للمغرب دفعه إلى ربط الاتصال بمنظمات دولية وخبراء في القارات الثلاث المطلة على المحيط الأطلسي، لعقد هذا اللقاء الدولي، مضيفاً أن المغرب مستعد لمناقشة السيناريوهات الممكنة لعام 2030، من خلال مشاركة خبرائه ومنظماته المختصة مع خبراء دوليين في ملتقى «حول مبادرات القارات الأطلسية الثلاث»، وسيدوم الملتقى يومين.

وأكد الحليمي أن اختيار مصطلح الأطلسي لم يكن عبثا، كون 45 في المائة من سكان المغرب يعيشون على مشارف الساحل الأطلسي، وينتجون أزيد من 60 في المائة من الإنتاج الداخلي الخام، إضافة إلى الرواج التجاري مع القارة الأفريقية والأميركية الشمالية والجنوبية، كما أن طول الساحل الأطلسي يعد أكبر من طول الساحل المتوسطي بـ6 مرات. وأضاف الحليمي أن بلاده استوعبت الدرس وسلكت منهج الدراسات العلمية وإنجاز التوقعات، كما تقوم بذلك دول أخرى، حيث تمتد توقعات خبرائها إلى عام 2050، مبرزا أن الدراسات المستقبلية المنجزة من قبل خبراء أميركا تستفيد منها وكالة الاستخبارات «سي آي إيه»، والفاعلون الاقتصاديون والسياسيون، مؤكدا استمرار ريادة أميركا على العالم إلى غاية نهاية القرن الحالي.

وقال الحليمي: «في الوقت الذي يبحث فيه العالم عن أجوبة للتحديات الديمغرافية والبيئية، وتحدي الأمن الشامل، تتوالى الأزمات العالمية منذ أزيد من عام، كانت إحدى أعراضها ارتفاع أسعار المواد الأساسية ومواد أولية أخرى، وخصوصا النفط»، اتضحت معالمها عام 2008، حيث انفجرت الفقاعة العقارية وتعطل النظام المالي العالمي، مما أدى إلى انكماش مفاجئ للنشاط الاقتصادي في معظم دول العالم. وأدى الانكماش إلى تراجع أسعار المواد الأولية، وانهيار أسواق البورصات التي سجلت مع نهاية السنة انخفاضات قياسية منذ فترة الكساد الكبير، فيما سجلت أسعار المواد الأولية تقلبات لم يسبق لها مثيل، مضيفا أن الخطير في الأمر تجلى في عدم توقع مؤسسات الحكامة، الوطنية منها والدولية، أية واحدة من هذه الأزمات، إذ بدت عاجزة عن إيجاد حلول فعالة لها، وهذا راجع إلى غياب أدوات تنظيمية ملائمة لحجم وتعقد التدفقات المالية من جهة، وإلى الشرخ الكبير الحاصل بين المنظومة المالية وباقي الأنشطة الاقتصادية من جهة أخرى.

بيد أن الحليمي أشار إلى أن المندوبية العامة للتخطيط بالمغرب كانت أول من توقعت ارتفاعا كبيرا في أسعار النفط والقمح في الأسواق الدولية، وفيما بعد توقعت تراجعهما، ولديها حاليا مؤشرات تفيد عودة الأسعار إلى الارتفاع مجددا في الأسواق الدولية، بعد انتهاء الأزمة العالمية، مما يجعل الإحصائيات المقدمة من طرف المندوبية محط نقاش سياسي واسع بالمغرب، بين مؤيد ومعارض، آخرها الأرقام المقدمة حول واقع «الطبقات المتوسطة الثلاث»، التي صنفت حسب حجم استهلاك الأُسر والدخل. وقال الحليمي: «إن مجموعة الثماني (جي إيت) فتحت آفاقا جديدة لعولمة متحكم فيها بشكل أكبر، ويبقى أنّ تعميق وتوسيع المسلسل الذي تمت انطلاقته مرتبط بمدى ترجمة الآفاق إلى إجراءات عملية، واتضح من خلال المفاوضات الدولية أهمية وغنى زوايا مقاربة الحكامة الدولية، مما فتح المجال لتضامنات جديدة ذات مجال جهوي (مناطق) للتعبير عن نفسها، لذلك عبرت المندوبية العامة المغربية للتخطيط عن رغبتها في توسيع إطار التفكير المستقبلي من خلال استدعاء خبراء ومنظمات دولية للمشاركة في ملتقى «مبادرات القارات الأطلسية الثلاث».

وأكد الحليمي أنه بعد تعميق التحليل حول البعد المغاربي والمتوسطي للحكامة الجهوية، أصبح من الضروري توسيع هذا التحليل ليشمل مجموعة الفضاء الأطلسي ذات المصالح المترابطة والمصير المشترك، مشيرا إلى أن الانفتاح على الأطلسي يشكل، إلى جانب الانتماء إلى الفضاء المتوسطي والهوية الأفريقية، مكونا أساسيا لشخصية المغرب الاستراتيجية والمتعددة الأبعاد. ولاحظ الحليمي أن الأفق الأطلسي أضحى يشكل الإطار الطبيعي لتوسيع التفكير المستقبلي بالنسبة إلى المغرب، كما هو الحال بالنسبة إلى بلدان محيطة أخرى، حيث لا يوجد انقطاع استراتيجي بين الشمال الأطلسي وجنوبه.