مقتل 30 شخصاً وعشرات الجرحى بتفجير مبنى الاستخبارات الباكستانية في لاهور

إسلام آباد تحمِّل طالبان مسؤولية الهجوم الانتحاري

شرطيان باكستانيان يعتقلان أحد المشبوهين في التفجير الانتحاري ضد مبنى الاستخبارات العسكرية في لاهور (ا.ب)
TT

هاجم مسلحون مقرا للاستخبارات والشرطة في مدينة لاهور الباكستانية أمس، وفجروا سيارة ملغومة، مما أدى الى سقوط 22 قتيلا على الأقل، فيما وصفته الحكومة بأنه هجوم انتقامي من الحملة التي تشنها ضد طالبان.

ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم، الذي أسفر كذلك عن اصابة نحو 300، وسبب أضرارا مادية جسيمة. وجاء الهجوم بعد تحذيرات من هجمات محتملة ردا على الحملة، التي يشنها الجيش على متشددين في منطقة وادي سوات بشمال غربي البلاد. كما وقع بعد زيارة الجنرال ديفيد بتريوس، قائد القيادة الأميركية، الوسطى للعاصمة الباكستانية إسلام آباد؛ للاجتماع مع قادة الحكومة والجيش، وتطالب الولايات المتحدة اسلام اباد بالتحرك ضد المتشددين في شمال غربي باكستان؛ لهزيمة القاعدة ووقف الدعم لطالبان في أفغانستان. ورحبت واشنطن بالحملة في سوات. وعلى الفور أصدر الرئيس الباكستاني، آصف علي زرداري، بياناً عبر فيه عن تعازيه لأسر الضحايا الأبرياء. ووقع الانفجار في شارع «مول»، الذي يعتبر أحد أكثر الشوارع ازدحاماً في لاهور، بالقرب من مقر للشرطة والمحكمة العليا. وذكرت الأنباء، أن المهاجمين ألقوا بالقنابل اليدوية باتجاه «المبنى 15»، الذي يضم فرقة أمنية من قوات التدخل السريع، فيما سمعت أصوات طلقات نارية قبل الهجوم، بحسب ما ذكره نائب مفوض الشرطة في لاهور، فيصل غولزار. وبعد الهجوم بلحظات، اندفعت سيارة مفخخة باتجاه الحواجز المؤدية «للمبنى 15» وانفجرت، ما أدى إلى انهيار المبنى بأكمله. ولم تعلن أي جهة المسؤولية عن الانفجار، الذي جاء في الوقت الذي يشن فيه الجيش الباكستاني هجوما على المتشددين في وادي سوات في شمال غربي البلاد في أكثر حملاته تنظيما، للتصدي لتمرد طالبان المتصاعد. واعتقلت الشرطة احد المشبوهين من مدينة شكابورا القريبة من لاهور في موقع الحادث. وصرح وزير الداخلية الباكستاني، رحمن مالك، أن الهجوم الذي وقع في لاهور قد يكون انتقاما من العمليات العسكرية، التي تشن في وادي سوات. وقال في حديث لوسائل الإعلام: «بعد الهزيمة التي لحقت بالمسلحين في سوات والمناطق القبلية، أصبحوا يستهدفون حاليا المراكز المدنية الكبرى في البلاد».

وصرح مسؤول رفيع المستوى في الشرطة لرجال الإعلام في لاهور، بأن سيارة تقل عددا من المسلحين توقفت أمام مبنى وكالة الاستخبارات الباكستانية في المنطقة التجارية المزدحمة في لاهور صباح امس.

وخرج هؤلاء المسلحون من السيارة وبدأوا في إطلاق النار على مكتب وكالة الاستخبارات، الملاصق لمكتب خدمة إنقاذ الطوارئ التابع للشرطة. وقال مسؤول في الشرطة، إن الحراس الموجودين في مبنى وكالة الاستخبارات ردوا بإطلاق النيران، التي فجر بعدها المسلحون القنبلة، التي كانت موضوعة في السيارة. وقد اعتقلت الشرطة في لاهور أربعة مشتبه بهم في موقع الحادث، وهم محتجزون لدى العاملين في الاستخبارات من أجل التحقيق معهم. ويوجد شعور قوي في أوساط الحكومة الباكستانية بأن الهجوم الذي وقع على مبنى الاستخبارات جاء انتقاما بسبب العملية العسكرية الناجحة، التي شنت ضد مسلحي طالبان في وادي سوات.

ولا تشترك الاستخبارات مباشرة في العملية العسكرية في سوات. ولكنها مشتركة في جمع المعلومات في وادي سوات من أجل مساعدة القوات الباكستانية على الفوز في الحرب. ووردت تقارير بأن مسؤولا رفيع المستوى في وكالة الاستخبارات قد لقي مصرعه في الهجوم. ولكن لم يؤكد أي شخص في الحكومة صحة هذا الخبر. وقال المسؤول الحكومي رفيع المستوى رجا رياض، لوسائل الإعلام في لاهور، إن أكثر من 30 شخصا قد قتلوا في الحادث. ولم تعلن الحكومة حتى الآن عن أية أرقام بشأن أعداد رجال وكالة الاستخبارات والشرطة، الذين لقوا حتفهم في الهجوم. وأثارت حملة سوات وغياب الامن بصورة عامة قلق المستثمرين في سوق الاوراق المالية، لكن المؤشر الرئيسي ارتفع 05,0 في المائة إلى 82,7182 نقطة الساعة 0900 بتوقيت غرينتش. وأسفر الانفجار، الذي يقول مسؤولون انه هجوم انتحاري، عن تدمير ايضا مبنى تابع لخدمة الاسعاف الحكومية ووقوع اضرار بمكتب قريب لجهاز المخابرات العسكرية الرئيسي. وقال خسرو برويز خان، كبير المسؤولين في مدينة لاهور، إن 22 شخصا قتلوا و285 اصيبوا. وذكر مسؤول آخر، أن فرق الإنقاذ تبحث بين الأنقاض، وان محصلة القتلى قد ترتفع. وصرح رانا سناء الله، وزير الشؤون القانونية بإقليم البنجاب وعاصمته لاهور، بأنه قبل الانفجار خرج رجلان من السيارة وفتحا النار على حراس الشرطة عند البوابة. وأردف ان السلطات اعتقلت عددا من المشتبه بهم في وقت لاحق. لكن شهودا تحدثوا عن خروج نحو أربعة مسلحين من السيارة. وقال شاهد لـ«رويترز» خرج نحو أربعة او خمسة من السيارة وفتحوا النار على حارس شرطة حاول ان يوقفهم. وقال رجل لتلفزيون «اكسبريس»، انه شاهد اربعة شبان يرتدون ملابس سوداء يطلقون النار بشكل عشوائي قبل الانفجار. وتزايدت وتيرة أعمال العنف، التي يشنها المتشددون في باكستان منذ منتصف عام 2007، إذ شنوا عددا كبيرا من الهجمات على قوات الامن وأهداف حكومية وغربية. وحذر المسؤولون من ان المتشددين قد يشنون هجمات بالقنابل انتقاما من الحملة العسكرية على سوات، حيث يقول الجيش إن نحو 15 ألفا من قوات الامن تواجه ما بين اربعة وخمسة آلاف متشدد.

وانفجار اليوم هو الخامس منذ تصاعد القتال في سوات أواخر أبريل (نيسان) الماضي. ولاهور هي عاصمة اقليم البنجاب أكثر اقاليم باكستان رخاء وسكانا. كما أنها ثاني أكبر مدينة بالبلاد وينحدر منها عادة كبار المسؤولين في الحكومة وقادة الجيش. وحذر مسؤولون باكستانيون من أن المتشددين قد يشنون هجمات بالقنابل انتقاما من الحملة العسكرية على سوات، حيث يقول الجيش ان نحو 15 ألفا من قوات الامن تواجه ما بين اربعة وخمسة آلاف متشدد.