تحت قيادة رئيسه الجديد السامرائي.. البرلمان العراقي في اختبار قوة مع الحكومة

نواب يؤكدون أنهم سيطلبون مثول رئيس الوزراء أمامهم

اياد السامرائي، رئيس البرلمان العراقي، يتحدث في مؤتمر صحافي (رويترز)
TT

في صراع الإرادات الذي يمكن أن يشكل عالم السياسة المضطرب داخل العراق على مدى سنوات مقبلة، تحرك البرلمان العراقي بحسم ضد وزير متهم بالفساد وهدد باستدعاء رئيس الوزراء نوري المالكي للإجابة عن أسئلة أعضاء البرلمان. ويعكس الصراع حول وزير التجارة عبد الفلاح السوداني في الأيام الأخيرة أكثر من مجرد صراع تقليدي بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، فرئيس البرلمان المنتخب حديثا إياد السامرائي يحاول إعادة تشكيل المؤسسة قبل الانتخابات المهمة المزمع إجراؤها في يناير (كانون الثاني)، وقبل ثمانية أشهر من الميعاد الذي تعهدت إدارة الرئيس الأميركي أوباما بسحب معظم قواتها المقاتلة من العراق خلاله.

ويقول وائل عبد اللطيف عضو البرلمان المستقل «أبقت الحكومة علي البرلمان ضعيفا خلال السنوات الثلاث الماضية». «ولكن الآن، فإنه مع وصول السامرائي للسلطة، سيصبح البرلمان أقوى وسيحتل المكان الملائم له». ويشمل الصراع قوتين مسيطرتين في عراق اليوم، القوة المتزايدة للمالكي والتي تحاول أن تجعل السلطة مركزية في أيدي زمرة من المستشارين أطلق عليهم معارضوهم «الدائرة غير القابلة للاختراق». وفي مقابل المالكي سياسيون يقولون إنهم يحاولون بناء مؤسسات في دولة ما زالت سريعة التأثر بالظهور الجذاب لرجل قوي.

وقد أوضح السياسيون من كلا الجانبين المخاطر. فتحت قيادة سامرائي فإن البرلمان أصبح أكثر حزما في محاولة تعريض الحكومة للمحاسبة بسبب الفساد الوزاري الذي يعتقد بأنه يشمل مليارات الدولارات. وهدد المالكي بالمقابل بأن يخضع خصومه بجمع أدلة ضدهم ربما تؤدي إلى اتهامهم بتهم جنائية، كما يقول خصومه. وينظر إلي الخطوة التي اتخذت ضد السوداني على أنها إشارة الانطلاق التي يمكن أن تمتد وتتحول إلى حملة أكبر ضد مجلس الوزراء الذي يقوده المالكي.

وتعزيزا لدور البرلمان الجديد، فإن السامرائي حول المؤسسة من ساحة لما يبدو جدلا غير نهائي وخطبا تمتد لساعات إلي منتدى منظم يبدأ مع قرع الجرس في تمام العاشرة صباحا. فأثناء فترة رئاسة الرئيس السابق محمود المشهداني كانت تمتد المناقشات عادة لتفصيلات فرعية مما يدفع العديد من أعضاء البرلمان للبدء في محادثات جانبية أو الحديث في هواتفهم الجوالة أو قراءة الصحف. وتشمل الانتقادات الموجهة للمشهدانى كذلك انتقادات بالتواطؤ مع مساعدي المالكي من أجل تأخير استجواب البرلمان للسوداني وآخرين، حيث إن طلب استجواب السوداني تم تقديمه في ديسمبر (كانون الأول) ولكن المشهداني لم يستجب له أبدا، وفقا لعمر الجبوري، مساعد السامرائي. وتعذر الوصول إلى رئيس البرلمان السابق ومساعديه للتعليق.

وتقول تانيا جيلي، وهي نائبة كردية «لقد أجرينا تحولا بمقدار 180 درجة، فيبدو أن رئيس البرلمان الجديد جاد في تفعيل دور البرلمان الرقابي فهو يحاول أن يقوي هيكله». ويرى العديد من السياسيين أن السوداني كان هدفا سهلا للاتهامات التي وجهت ضده. ولكن بعض أعضاء البرلمان يرغبون كذلك في استدعاء وزراء المواصلات والبترول والكهرباء أمام الهيئة التشريعية خلال الأسابيع المقبلة. ويبدو أن أكثر الوزراء المعرضين لذلك هو وزير البترول حسين شهرستاني. ويقول أعضاء في البرلمان إنه ربما يكون رحيل أي منهم مؤشرا على أن البرلمان أصبحت له اليد العليا. ويضيفون أن هذا على الأقل يعني قدرة المؤسسة على ممارسة رقابتها على سلطة المالكي، ويقول العديد من أعضاء البرلمان إنهم سيطلبون أن يمثل المالكي أمامهم. فيقول الجبوري: «يجب على الحكومة أن تفهم أنه توجد سلطة تشريعية يمكن أن تعرضهم للمساءلة».

ولعدة شهور، كانت توجد تكهنات حول تحرك برلماني ضد المالكي. ويقال إن مستشاريه عارضوا انتخاب السامرائي كرئيس للبرلمان تخوفا من حصوله على العدد المطلوب للتصويت بطرح الثقة عن المالكي. ولكن أعضاء المجلس يقولون إن مثل هذا التصويت غير محتمل، وحتى معارضوه يعترفون بأنه لا يوجد شخص آخر عليه إجماع، مما يعني أن المالكي سوف يستمر كرئيس وزراء لحكومة انتقالية. ويقول البعض إنهم يخشون الفراغ السياسي الذي يمكن أن يؤدي إلى عدم استقرار أكبر، في الوقت الذي ستبدأ فيه قوات الأمن العراقية بفرض المزيد من السيطرة تزامنا مع بدء انسحاب القوات الأميركية من المدن.

ويؤكد شريف ذلك قائلا: «لم يتم انتخاب المالكي لأنه أفضل المرشحين»، «لقد تم انتخابه لأنه كان هناك إجماع حوله». لقد أصبح المالكي الذي كان يوصف بأنه ضعيف وغير فعال السياسي الأكثر نفوذا في البلاد مستمدا قوته من قدرته على السيطرة على أجزاء من بغداد والبصرة كانت في أيدي المسلحين والهدوء الظاهري الذي أعقب ذلك. واستطاع الائتلاف الذي يرأسه أن يطرح برنامجا سياسيا قائما على القوة والنظام وأن يحقق فوزا كبيرا في الانتخابات المحلية في يناير (كانون الثاني). ويقول مساعدوه إن المناورات مع البرلمان هي مجرد ألعاب سياسية قبل انتخابات العام المقبل والتي من المتوقع أن يبلي فيها المالكي بلاء حسنا وربما يحصل على أغلبية المقاعد.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»