3 طلاب سعوديين يطلقون مشروعا عالميا لمحاربة الفقر

«لا فقر» يحصل على المركز الأول سعودياً في تصفيات كأس التخيل.. ويدخل تصفيات مايكروسوفت العالمية

إياد السباعي وعبد الله كونش وأسامة زيد
TT

نجح 3 طلاب سعوديين من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في الظهران، في تصميم مشروع عالمي تقني لمحاربة ظاهرة الفقر وزيادة كفاءة الجمعيات الخيرية والمنظمات الإنسانية في تحديد أماكن الفقراء وتقديم المساعدات لهم بمشاركة المجتمع. وحصل المشروع الذي أطلق عليه اسم «لا فقر» نهاية الأسبوع الماضي على المركز الأول على مستوى السعودية في تصفيات كأس التخيل، الذي تقيمه شركة مايكروسوفت وتقام نهائياته العالمية في شهر يوليو (تموز) المقبل في مصر، بمشاركة نحو 70 دولة حول العالم يقدم طلاب جامعاتها مشاريع تقنية تستهدف حل أهم المشاكل الإنسانية التي تمر بها البشرية.

واستغرق المشروع الذي نفذه الطلاب، إياد السباعي وعبد الله كونش وأسامة زيد، أكثر من عشرة أشهر من العمل المتواصل لإنجازه، ويستهدف زيادة فاعلية المنظمات الإنسانية والجمعيات الخيرية في تحديد حالات الفقر وزيادة كفاءة عمل الجمعيات في إيصال المساعدات لهم. كما يستهدف المشروع زيادة مشاركة أفراد المجتمع ومؤسساته المختلفة في محاربة ظاهرة الفقر من خلال تعاونهم مع المنظمات الإنسانية في الكشف عن الفقراء وإيصال المساعدات لهم وزيادة الموارد المالية لهذه المنظمات. ويقوم المشروع بالربط بين الجمعيات الخيرية المختلفة من خلال نظام إلكتروني موحد مما يساهم في زيادة إنتاجية هذه الجمعيات وتجنب حدوث تعارض في عمل أي منها.

ويقول الطالب إياد السباعي، إن المشروع عبارة عن برنامج إلكتروني على شبكة الإنترنت يشبه إلى حد ما مواقع الشبكات الاجتماعية، مثل «الفيس بوك» و«ماي سبيس» وغيرهما، غير أنه مخصص فقط لمحاربة ظاهرة الفقر، مشيراً إلى أن المشروع يمكن استخدامه محليا من قبل الجمعيات الخيرية أو عالميا من خلال منظمة اليونسكو ومنظمات الإغاثة ومحاربة الفقر العالمية، وهو ما يسعى إليه مصممو البرنامج. ويضيف السباعي أن اختيار مصممي البرنامج لظاهرة الفقر يأتي بعد تصنيفها من قبل الأمم المتحدة كأخطر مشكلة تهدد الوجود البشري، وذلك على رأس قائمة تشمل ثمانية عناصر أخرى.

والمستخدم لبرنامج «لا فقر» سيواجه لدى دخوله على الموقع خريطة تقوده مباشرة إلى منطقته السكنية، ومن خلال هذه الخريطة يمكن للمستخدم إضافة معلومات لفقراء ومحتاجين قد لا تصلهم مساعدات الجمعيات الخيرية أو معاينة حالات لفقراء تم إضافتهم من قبل آخرين، حيث يقوم المستخدم في هذه الحالة بالتواصل مع الجمعيات الخيرية إن كان يرغب بتقديم المساعدات لهم. وهو ما يعني أن الأفراد المستخدمين لهذا البرنامج سيصبحون بدورهم جنودا في محاربة الفقر من خلال مساهمتهم في ربط الفقراء بالجمعيات الخيرية التي قد لا تكتشفها عمليات المسح التي تجريها هذه الجمعيات أو من خلال قيامهم بتقديم المساعدة المباشرة للفقراء. ويضيف السباعي أن مزايا برنامج «لا فقر» تتعدى مجرد تقديم المساعدات العينية والمادية للفقراء إلى إمكانية قيام مستخدمي البرنامج بالتعاون من أجل تقديم برامج تطوعية كالرحلات الترفيهية والدورات التعليمية لحالات الفقراء التي تم التعرف عليها من خلال هذا الموقع. كما أن البرنامج سيوفر المعلومات الكافية للمؤسسات التجارية والخيرية الراغبة بتقديم مساعدات خيرية من خلال كشفه لحالات الفقر بواسطة نظام إلكتروني واحد.

وحول استفادة الجمعيات الخيرية من برنامج «لا فقر» يقول أسامة زيد إنه قام مع زملائه مصممي المشروع وبإشراف من الدكتور محمد الشايب المشرف على البرنامج بعمل دراسة جدوى اقتصادية لهذا البرنامج ومدى الفائدة التي ستعود على الجمعيات الخيرية من خلاله وخلصت الدراسة إلى أنه يوجد في السعودية 460 جمعية خيرية يعاني كثير منها من صعوبات في تحديد أماكن وجود الفقراء وقلة كفاءة في توزيع المساعدات بشكل متساو وصحيح، مؤكدا أن الدراسة كشفت عن وجود حالات فقراء مسجلة لدى 6 جمعيات خيرية بينما هناك حالات أخرى لم تستطع الاستفادة من أي من هذه الجمعيات وهو ما يعتبره مطورو المشروع مشكلة تساهم في تفاقم ظاهرة الفقر.

ويضيف، أن الجمعيات الخيرية تعاني من تفاوت الموارد المالية، حيث تعاني بعضها من شح في التبرعات المقدمة بينما عدد آخر من هذه الجمعيات توجد لديه فوائض مادية كبيرة. ويقول أسامة زيد إن الحلول التي يقدمها «لا فقر» للجمعيات الخيرية تتمثل في أن البرنامج سيقوم بربط كافة الجمعيات الخيرية من خلال نظام إلكتروني واحد، ومن خلال هذا النظام يمكن تقسيم الموارد المادية بشكل كاف بين هذه الجمعيات، فلدى نقص التبرعات لدى أي واحدة منها يتم إرسال إنذار إلى الجمعيات الأخرى لتقديم المساعدة المادية، كما أن المشروع يحل مشكلة تحديد حالات الفقر من خلال الأفراد المستخدمين الذين سيقومون بدورهم بإضافة أي حالة موجودة بقربهم لتتم إضافتها مباشرة إلى أقرب جمعية خيرية من دون حصول أي تعارض بين هذه الجمعيات. ويقول عبد الله كونش، إن المشروع لا يهدف فقط إلى تحديد حالات الفقر ليتم تقديم المساعدة المادية لها، بل إنه يسعى إلى تحديد نوعية المساعدات التي تحتاجها الأسر الفقيرة من خلال تركيزه على الوضع الصحي لهذه الأسر والوضع التعليمي لأفرادها، حيث يؤمن مصممو المشروع أن القضاء على الفقر يكمن في مساعدة الفقراء على تجاوز مشكلاتهم المادية بأنفسهم من خلال تقديم المنح التعليمية والقروض الميسرة لهم ليحققوا أحلامهم بأنفسهم. ويأمل كونش الذي سيبدأ مع زملائه حملة تسويقية للبرنامج خلال الأشهر المقبلة في حصول البرنامج على دعم من الجهات الحكومية المسؤولة عن التنمية الاجتماعية، فكفاءة برنامج «لا فقر» تكمن في تطبيقه على نطاق واسع يشمل جميع الجمعيات الإنسانية والخيرية وليس مجرد الاستخدام الفردي، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن مشاركة برنامج «لا فقر» في التصفيات النهائية لـ«كأس التخيل» وبوجود أفضل المبرمجين العالميين، سيؤهله للحصول على الدعم والتبني من قبل منظمات عالمية تهتم بإغاثة الفقراء. ويختم كونش حديثه قائلا إن حصول البرنامج على الدعم والتبني وتسويق الفكرة لدى المؤسسات الخيرية وأفراد المجتمع يشكل أهم تحد في مواجهة برنامج «لا فقر».

جدير بالذكر أن «كأس التخيل» مسابقة سنوية تقيمها شركة مايكروسوفت وتستهدف طلاب الجامعة، وذلك لتقديم حلول تقنية وبرمجية لمختلف الأزمات العالمية التي تعاني منها شعوب، وتعقد نهائياتها لهذا العام خلال الفترة من 3 ـ 7 يوليو بمصر، حيث تشارك مصر لأول مرة في المسابقة كممثل عربي بعد أن اقتصرت المشاركة العربية خلال خمس سنوات مضت على طلاب جامعة الملك فهد للبترول والمعادن من السعودية.