«العمل عن بعد» يواجه أزمة «اتصالات» قبل التراخيص في السعودية

«الاتصالات السعودية»: لدينا توجه لدعم هذا المفهوم * «موبايلي»: نستجيب لمطالب عملائنا * «زين»: سندعم 1000 سيدة للعمل من المنزل

TT

فيما يتصاعد الحديث في السعودية عن جدوى إصدار تراخيص ولوائح رسمية تنظم العمل من المنزل القائم بمفهوم العمل عن بعد، كشفت المهندسة آيلا الشدوي، رئيسة المجلس التنفيذي لشابات أعمال المنطقة الشرقية، أن العمل عن بعد يواجه بالدرجة الأولى مشكلة تتمثل في ضعف جودة الاتصالات والتعثر المتكرر لخدمة الإنترنت في السعودية.

وأكدت الشدوي أن ذلك يأتي قبل الحديث عن الإجراءات التنظيمية، الأمر الذي تراه يتطلب اهتمام كافة مزودي الخدمة بالعمل على تهيئة بيئة وامكانات تعزز من فكرة العمل عن بعد، وتحفظ حقوق قطاعات الأعمال من تكبد أي خسارة.

وأوضحت الشدوي لـ«الشرق الأوسط»، أن أحدث الإحصاءات تكشف أن الدول الأوروبية تضم اليوم نحو 60 مليون فرداً يعملون عن بعد من منازلهم. وتابعت بأن هذا العدد من المتوقع أن يصل إلى 100 مليون أوروبي في العام المقبل، مفيدة بأنه على مستوى العالم فمعدل الأفراد الذين يعملون عن بعد من منازلهم يتزايد بنحو 15 في المائة كل عام، مؤكدة أن ذلك يأتي بدعم وتشجيع مباشر من شركات الاتصالات الأجنبية، وهو ما تراه دوراً يستلزم أن تقوم به شركات الاتصالات الموجودة في السعودية في التوجه لدعم مفهوم العمل عن بعد.

يذكر أن صندوق الموارد البشرية في السعودية (هدف) قدم أخيرا برنامج (العمل عن بعد)، الذي يهدف لدعم توظيف المرأة، وذوي الاحتياجات الخاصة، من خلال أسلوب العمل عن بعد في منشآت القطاع الخاص، إما بالعمل في المنزل أو في موقع بديل آخر والتواصل من خلاله مع مقر المنشأة بصاحبة العمل باستخدام الوسائل الإلكترونية. وقدم (هدف) هذا البرنامج عملا بقرار مجلس الوزراء السعودي رقم 120 والصادر بشأن زيادة فرص ومجال عمل المرأة السعودية واتخاذ العديد من الإجراءات لتحقيق هذه الغاية.

وهنا تعود الشدوي لتؤكد أنه في حال قام القطاع الخاص بدعم وتشجيع هذا المفهوم فإن ذلك من شأنه أن يقدم «الحل المثالي للمرأة السعودية» في تفعيل دورها التنموي في البلاد، في الوقت الذي تشير فيه أحدث الإحصاءات الرسمية بأن معدل البطالة بين السعوديات وصل لنحو 27 في المائة في البلاد. وذكرت الشدوي بعض الأمثلة لوظائف يمكن القيام بها من المنزل بمفهوم العمل عن بعد، كتقديم الاستشارة المالية، النسخ الطبي، إدخال البيانات، خدمات «الكول سنتر»، التصميم الغرافيكي، خدمة الدعم الفني، إنشاء المواقع التجارية، التدريس على الإنترنت، وغيرها.

أمام ذلك، سألت «الشرق الأوسط» خالد العماج، مدير إدارة العلاقات العامة والإعلام بشركة «الاتصالات السعودية»، إن كان لدى شركته توجه لدعم مفهوم العمل عن بعد، فأجاب قائلاً «بالتأكيد أن «الاتصالات السعودية» لديها هذا التوجه، ويتضح ذلك من تعاملاتها الداخلية من خلال البريد الالكتروني ومن خلال خدمة عملائها عبر موقع خدماتي والذي يقدم أكثر من 100 خدمة من خدمات الشركة المتنوعة دون الحاجة لمراجعة مكاتب خدمات العملاء».

وفيما يتعلق بتحسين جودة خدمة الإنترنت بحيث يُعتمد عليها في العمل عن بعد، أوضح العماج أن شركته أكملت تغطية السعودية بخدمة الانترنت حتى بلغ عدد المستخدمين أكثر من 5 ملايين، مؤكداً أن هؤلاء المستخدمين يتمتعون بجودة الخدمة العالية والتسعير، قائلاً «المتتبع لمسيرة الخدمة بالمملكة يلحظ التطور السريع المبني على خطط مدروسة ونمو سريع لمواجهة الطلب المتزايد على خدمات الانترنت ولمجاراة النمو الاقتصادي».

من جهته، أكد حمود الغبيني، مدير عام العلاقات العامة والإعلام بشركة موبايلي، لـ«الشرق الأوسط»، أن عملاء «موبايلي» لا يواجهون تعثرا في خدمة الإنترنت، مفيداً بأن شركته تقدم خدمة الإنترنت عبر شبكة الهاتف المتحرك وتقنية شبكات الواي ماكس التي أفصح بأنه سيتم توسيعها لتشمل مواقع أخرى غير الرياض والدمام وجدة، وأوضح أنه خلال السنتين الأخيرتين من تقديم هذه الخدمات لم يكن هناك انقطاعات أو شكاوى تذكر.

وعن دعم مفهوم العمل عن بعد، أفاد الغبيني بأن الشركة حالياً لا يوجد لديها توجه بهذا الشأن، إلا أنه أكد أن ذلك قد يكون وارد مستقبلا، مشيراً لحرص «موبايلي» على تقديم كل ما يتماشى مع التطورات الدولية وفق قوانين وأنظمة البلد، وتابع بأن شركته تحرص على الاستجابة لمطالب العملاء والاستماع الدائم لهم، مستشهداً بمجموعة من المطالبات التي حولتها «موبايلي» إلى واقع، وضرب بعض الأمثلة لذلك، بقوله «الاستجابة لتخصيص باقة لذوي الاحتياجات الخاصة والاستجابة لتغطية كثير من القرى بشبكات الجيل الثالث».

أما بالنسبة لشركة «زين» التي تعد أحدث مشغل في سوق الاتصالات السعودي، فكانت رئيسة مجلس شابات أعمال الشرقية، قد سألت الدكتورة عزيزة الأحمدي، بصفتها مديرة المشاريع الخاصة في «زين»، حول ضرورة دعم شركات الاتصال المحلية لمفهوم العمل عن بعد كما هو معمول به ببقية دول العالم، مشيرة لتواضع مستوى الخدمات التي تكبد العميل المحلي دفع نحو 10 أضعاف التكلفة مقارنة بالخارج، جاء ذلك خلال منتدى المرأة الاقتصادي الذي اختتم أعماله في الدمام منتصف الشهر الجاري، فيما أكدت الأحمدي أن هذه المطالبة ستصل للشركة.

وأفصحت الأحمدي خلال المنتدى بأن شركة «زين» لديها توجه لدعم 1000 سيدة وفق مفهوم العمل عن بعد، موضحة أن ذلك سيكون عبر مشروع «عمل من المنزل»، بحيث يتيح الحصول على «الفرنشايز» لشركة «زين». وأفادت بأن هذا المشروع سيسمح أيضاً بالحصول على تخفيض بنسبة تفوق المتاح في المحلات الأخرى التي يعمل بها الرجال، في حين أكدت على دور شركات الاتصال بهذا الجانب، قائلة «شركات الاتصالات تتحمل جزءا كبيرا من مسؤولية تفعيل العمل عن بعد».

من جانبه، يرى الدكتور أحمد الشعيبي، خبير تقنية المعلومات، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن مستوى خدمات الإنترنت في السعودية بشكل عام لا يزال دون المأمول، متمنياً من مزودي الخدمة أن يهتموا بتحسين جودة الخدمة بذات اهتمامهم بزيادة شريحة العملاء والتنافس في العروض السعرية، الأمر الذي يراه يتماشى مع التزايد الكبير في عدد مستخدمي الإنترنت خلال السنوات الأخيرة قائلاً «المستهلك يبحث عن الجودة بالدرجة الأولى»، وأكد أن تعثر الإنترنت كلف بعض قطاعات الأعمال خسائر كبيرة، وأثر على مفهوم العمل عن بعد.

وأفاد الشعيبي الذي يدير مركز تقنية المعلومات بجامعة الملك فيصل بالدمام، بأن في أمريكا وحدها أكثر من 30 مليون فرد يعملون عن بعد، مؤكداً انتشار هذا المفهوم بشكل كبير حول العالم.

وأوضح أنه في حال تعزيز فكرة العمل عن بعد في السعودية فإن ذلك سيحل مشاكل كثيرة خاصة بالنسبة للنساء اللائي يملكن طاقات من الممكن استثمارها في هذا المجال، وأضاف قائلاً «إذا لم تتوفر الخدمات التقنية بكفاءة عالية فإن هذا النوع من العمل لن ينجح».

ويعتقد الشعيبي أن مشاكل خدمات الإنترنت لا ترتبط فقط بالصعوبات التي تواجه العمل عن بعد، بل تمتد أيضاً لمفهوم التعلم عن بعد الذي يعتمد بشكل كبير على توصيل العملية التعليمية عبر الإنترنت. قائلا «من الصعب لطالب أن يحضر إحدى الدروس في منزله على الإنترنت وفجأة ينقطع الدرس عنه بانقطاع الخدمة»، ويرى الشعيبي أن زيادة عدد مزودي الخدمة ورفع حدة التنافس من شأنه المساهمة في تحسين مستوى الخدمات وخفض الأسعار بما يفوق وضعها الحالي.