وسيطة في بورصة عمان: في هذه المهنة نرى أحيانا الرابح مستاء والخاسر متفائلا

قالت إن التسجيل الصوتي هو الحكم في حالة حدوث خطأ بالأوامر.. والتعامل مع المستثمرين الرجال أسهل من النساء

ربى الدجاني
TT

يطلق البعض على سوق عمان المالي وصف ورشات العمل، وورش العمل هذه بضاعتها هي الأموال والأعصاب، فالكل في حالة اللهاث والتطلع والأمل والخوف، والأعين دائما على الشاشات الكبيرة التي تملأ المكان، حيث الزبائن والوسطاء، الذين هم أنشط من خلية نحل. وفي نهاية اليوم، أو كما يقال في لغة أهل السوق: عند الإغلاق، فإنه لا بد من رابح أو خاسر، أو قد يكون هناك رابح وخاسر في آن واحد، لتأتي بعدها مجموعة من الأرقام تتسيد النشرات المالية والاقتصادية، حيث إن المحطات الإذاعية والتلفزة والصحافة بانتظار النتائج لنشرها على الناس، والتي تعطي المؤشر العام للسوق وانعكاسه على الأداء الاقتصادي.

تقول ربى الدجاني، الوسيطة في سوق عمان المالي «عملنا أصبح في الوريد، نعيشه يوما بيوم، وكل وقت، حتى عندما نغادر السوق، نغلق على أمل أن يتحسن في اليوم التالي، وهذا هو مبدأ العمل، فالرابح والخاسر يبقى لديهما الأمل في تحسن السوق».

وتضيف لـ«الشرق الأوسط» «قبل أن أعمل في مهنة الوساطة لم أر في حياتي أن الخاسر يضحك والرابح يغضب. تلك المفارقات أشاهدها في السوق، فغالبا ما يكون أحد الزبائن قد خسرت أسهمه أو هبط سعرها ولكنه، وبحكم اعتياده على السوق، ينتابه التفاؤل في التداولات القادمة، أما الرابح فإنه يبدي نوعا من الاستياء بسبب التسرع في البيع، فإذا ربحت الأسهم أو ارتفعت وباع، يندم، لأنه لم يصبر قليلا حتى يجنى أرباحا أكثر.

تقول ربى، التي تحمل درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال ودرجة الماجستير في العلوم السياسية، إنها جاءت لهذه المهنة المالية بالصدفة، وأحبتها لأن فيها خلطة خاصة من التناقضات، «في السوق المالي هناك حالات متنوعة من الأحاسيس، جزء منها مرتبط بالخوف والمغامرة والتفاؤل تنتهي جميعها بإغلاق السوق، فالوسيط بالعادة يسعد للعميل الرابح ويتعاطف مع الخاسر، علما بأن جميع القرارات تكون من العميل نفسه ونحن لا نؤثر على قراره سواء في عمليات البيع أو الشراء».

وتروي ربى أنها كل يوم تبدأ نهار عملها بقراءة الصحف والاطلاع على وسائل الإعلام والإفصاحات، وتتابع أخبار الشركات الرابحة والخاسرة والأخبار الاقتصادية، ووضع الأسواق العربية والخليجية بشكل عام «لأننا بالعادة نتأثر بأسواق المنطقة بشكل مباشر أو غير مباشر، كما أننا نتأثر بالأحداث الاقتصادية والسياسية العربية والعالمية، كما أن فرق التوقيت بين الأردن والأسواق المجاورة يعطينا التوقع مثلا لوضع السوق الأردني خاصة إذا علمنا أن هذه الأسواق مرتبطة بالأسواق العالمية بشكل واضح وكبير».

وتضيف «إننا نقوم بتحليل المعلومات الواردة من بورصة عمان عن وضع الشركات وميزانيتها وتداولاتها، وهذه المعلومات تلعب دورا كبيرا بالنسبة للسهم ومدى ربحيته، وأحيانا يكون هناك من يروج الشائعات المغرضة، التي تؤثر على تداولات سهم معين، سواء بالارتفاع أو الانخفاض، مما يؤثر على صغار المستثمرين أو المضاربين، الذين سرعان ما يقررون الدخول للشراء للربح السريع أو الخروج من السوق بالبيع بأقل الخسائر. وأحيانا هذه الشائعات لا يكون لها أي معنى وسرعان ما تتبدد وتذهب في طريقها دون أي تأثير».

وتقول إن أول عمل نبدأ به قبل التداول، هو وضع طلبات الشراء أو عروض البيع منذ الساعة التاسعة والنصف صباحا، حيث يفتح السوق في العاشرة آليا، وفي دقائق معدودات نراقب على الشاشة عمليات تنفيذ الطلبات، وتأخذ كل شركة منحى معينا لها، حسب العرض والطلب، إما بالارتفاع أو الهبوط، وتأخذ أوامر البيع أو الشراء من العميل، إما وجاهيا أو على الهاتف، وإذا كانت هاتفية تكون مسجلة حسب تعليمات بورصة عمان لضمان حقوق العميل والشركة، وفي حالة وجود أي خطأ يتم الرجوع إلى التسجيل الصوتي. يغلق السوق الساعة الثانية عشرة والربع، يتم بعدها الإفصاح عن النشرة اليومية للتداول والشركات الأكثر ارتفاعا والأكثر انخفاضا وحجم التداول وأسعار الإغلاق، وبها يظهر حال كل شركة حسب التداول وعمليات البيع والشراء على سهمها وحسب الصفقات التي قد تتم نهاية الجلسة.

وتعلق ربى أن المواطن الأردني يزداد كل يوم معرفة بالسوق المالي، فهو يعي معنى السوق ويستثمر أمواله به ويثق بتداولاته، لهذا تجد دائما، في مكان ما، من يسألك عن السوق وأخباره، وكيف كان الإغلاق، وهل كان مرتفعا أم هابطا عن اليوم السابق، وكم كان حجم التداول. هذه الأسئلة في العادة نسمعها من مختلف فئات المجتمع، فهناك أشخاص مستثمرون بشركات معينة أو يتابعون بعض الشركات ولديهم الرغبة في الاستثمار بها في المستقبل. ولا تنكر ربى الدجاني أن هناك متنفذين في السوق لهم حصص كبيرة في أسهم معينة، وهم قادرون على التحكم ببعض الأسهم سواء في ارتفاعها أو انخفاضها، ولكن تبقى هناك قوانين في السوق، تضبط إيقاع بورصة عمان، فهي الرقيب والمتابع عن كثب من خلال كوادر مجهزة ومدربة قادرة على بيان أي تلاعب غير شريف لحظة حدوثه، حيث تراقب جميع الحركات التي تتم منذ مرحلة الافتتاح حتى ما بعد مرحلة الإغلاق، فالبورصة تعمل وتراقب عن كثب تحركات مثل هؤلاء المتنفذين لحماية صغار المستثمرين وللإبقاء على السوق صحيا وموضوعيا بدون أي تحيز.

ترى ربى أن التعامل مع الرجال أفضل من النساء.، وتقول في هذا الشأن إن الرجل عادة ما يتخذ قراره في طلب الشراء أو البيع وهو متأكد من طلبه، فنحن عندما تتم عملية التنفيذ على السهم لا نستطيع العودة إلى الخلف، لهذا فالرجل يستطيع أن يقرر ما يريد في وقت أقصر وهو مقتنع بفكرته عن السهم، أما النساء من المتعاملات في البورصة فإن التردد واضح عليهن، وهو السمة الغالبة على قراراتهن، فهن بحاجة دائما للسماع من الوسيط عن أخبار الشركات ووضعها، ومتى سيصعد السهم للبيع، ومتى سينخفض للشراء، وأي الأسعار أفضل. هذا كله يكون بالعادة وقت التداول، لهذا فإن النساء تنقصهن المعرفة والقراءة عن الأسواق وآلية عملها، كل امرأة لها وجهة نظر خاصة بالسوق أو بأسهم معينة، فأحيانا نكون منشغلين في طلب أسهم أو عرض أسهم وتأتي امرأة وتفتح حديثا لا ينتهي وتعطي انطباعا لدى الآخرين أن لديها معلومات عن بعض الأسهم هي متأكدة منها، وعادة ما يكون الحديث ذا طابع فلسفي.

وتضيف ربى أن هناك نوعا من المزاجية عند بعض المتعاملين في السوق المالي، فتقول «نحن في حيرة من أمرهم فإذا نصحنا عميلا وربح أصبحنا أصدقاء ويعتاد علينا، وإذا خسر فإنه ينقلب علينا، وقد تصل الأمور إلى حد القطيعة، لهذا لا تستطيع في هذه المهنة تقديم أية مشورة أو معلومة حتى لو كنت متأكدا منها، لأن السوق هو عبارة عن عمليات عرض وطلب وعوامل أخرى محيطة بالسهم قد تؤثر عليه».