«جنرال موتورز» تتأهب للإفلاس التاريخي

تعد رابع خاسر في تاريخ الولايات المتحدة وأكبر مصنع يقف أمام القضاء

TT

من المتوقع أن تعلن شركة «جنرال موتورز»، عملاق صناعة السيارات الأميركية، إفلاسها اليوم، فيما يمكن أن يعد إحدى أكبر الكوارث التي تصيب قطاع السيارات والصناعة بشكل عام في الولايات المتحدة. وتقترب آخر المفاوضات الرامية لإنقاذ «جنرال موتورز» بين الشركة والدائنين وممثلين عن الحكومة الأميركية من نهايتها خلال عطلة نهاية الأسبوع. ورغم عدم الإقرار بالهزيمة علنا، فإنه يبدو أن جميع الأطراف قد سلمت بأنه لا مهرب للشركة من الإفلاس.

وبحسب وكالة الصحافة الألمانية ستصبح «جنرال موتورز»، في حالة إشهار إفلاسها، رابع أكبر حالة إفلاس في تاريخ الولايات المتحدة وأكبر مصنع يلجأ للقضاء لطلب الحماية ضد الدائنين. وستكون «جنرال موتورز» إحدى أكبر ضحايا الأزمة المالية والاقتصادية التي ما زال العالم يعاني من تداعياتها الوخيمة. وبدأت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، اليائسة بالفعل، في بذل جهود مضنية من أجل تقديم خطة معدلة تستطيع من خلالها إقناع المحاكم الأميركية بحمايتها من الدائنين. وتخوض الحكومة الأميركية سباقا مع الزمن لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الوظائف بقطاع السيارات خلال فترة الركود القاتلة التي أصابت الاقتصاد الأميركي ضمن أكبر اقتصادات العالم المتضررة من الأزمة الاقتصادية. وستكون هذه الخطة، من الناحية الفعلية، بمثابة تأميم للشركة ونقل أفضل أصولها لكيان جديد وضخ المزيد من المليارات في الشركة من أجل الإبقاء على «جنرال موتورز» طافية.

وباستطاعة دائني الشركة، الذين يبلغ عددهم عشرات الآلاف، وتدين لهم الشركة إجمالا بنحو 27 مليار يورو (38 مليون دولار)، المساعدة على إتمام هذه العملية أو منعها، ويستطيعون البت فيما إذا كان باستطاعة الشركة تجاوز عملية إعادة ترتيب أوضاعها.

وعرضت وزارة الخزانة الأميركية صفقة على أصحاب السندات بالشركة تمنحهم من خلالها 25 في المائة بعد إعادة هيكلتها إذا أيدوا خطة الإدارة الأميركية. ويأمل البيت الأبيض في أن تتجاوز «جنرال موتورز» الإفلاس خلال 60 إلى 90 يوما بمساعدة الدائنين، وذلك حسبما ذكرت تقارير إعلامية أميركية، وذلك على الرغم من أن تحديد فترة بعينها لهذا التجاوز ينطوي على مخاطر.

وسيكون إفلاس «جنرال موتورز»، في حالة حدوثه، بمثابة نقطة الحضيض للشركة في مؤشر هبوطها من قمة صناعة السيارات في العالم. واضطرت الشركة، عندما كانت تحتفل العام الماضي بعيد ميلادها المائة، للتخلي لشركة «تويوتا» اليابانية عن لقب أكبر مصنع للسيارات في العالم. ويعاني قطاع السيارات في أميركا بشدة من وطأة الركود العالمي، الذي أدى إلى تراجع الطلب على السيارات، بالإضافة إلى فشل هذا القطاع في مواكبة التطور في عالم السيارات، مما أدى إلى فشله في مواجهة المنافسة الأجنبية خلال العقد الأخير. وتراجعت مبيعات السيارات في أميركا بنسبة 35 في المائة منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وتضررت الشركات الأميركية أكثر جراء هذا التراجع بسبب العروض الجيدة للشركات الآسيوية المنافسة، وعلى رأسها «تويوتا» و«هوندا»، التي قدمت للمستهلك الأميركي سيارات أصغر وأقل استهلاكا للوقود. وانخفضت مبيعات «جنرال موتورز» نفسها بنسبة 45 في المائة منذ يناير (كانون الثاني) الماضي.

وتسبب الانهيار في قطاع صناعة السيارات في ضياع آلاف الوظائف، كما أن «جنرال موتورز» تخطط لشطب 35 ألف وظيفة أخرى خلال العام المقبل في ظل استمرار تقليص إنتاجها. ويقدر عدد العاملين لدى «جنرال موتورز» بنحو 200 ألف عامل. وأبلغت الشركة 1100 من وكلائها مطلع الشهر الجاري أنها لن تجدد عقودهم.

وتناضل الشركة منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي من أجل تفادي الإفلاس. وبدأ هذا النضال عندما ذهب رئيس الشركة لواشنطن وناشد أعضاء الكونغرس بالموافقة على منح الشركة قروضا عاجلة لتوفير السيولة لها حتى تستطيع الاستمرار في سوق السيارات.

ووفرت إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش مساعدات مالية طارئة لشركة «جنرال موتورز» وشركة «كرايسلر» بواقع 17.5 مليار دولار، ومنح كل منهما مهلة حتى نهاية مارس (آذار) لاستعادة قدرتهما على البقاء بشكل مستقل وبدون مساعدة حكومية. وعندما انقضت المهلة في الحادي والثلاثين من مارس (آذار) أمهل الرئيس الأميركي الشركتين فرصة أخرى للبرهنة على أنهما تستحقان البقاء. وبدت هذه المهلة الأخيرة وكأنها محاولة لتأجيل حدوث الإفلاس الذي لا يمكن تفاديه. وتقدمت شركة «كرايسلر» في نهاية أبريل (نيسان) الماضي بطلب لحمايتها من الدائنين بعد أن أمهلت شهرا إضافيا فقط لإعادة هيكلتها. غير أن تجربة «كرايسلر» في الإفلاس تعطي «جنرال موتورز» بصيصا من التفاؤل وهي تتأهب لخوض التجربة نفسها. وتأمل الشركة في الخروج من مرحلة الإفلاس الشهر المقبل، وإن كان ذلك سيكون بحجم أصغر ولكن دون ضرر وذلك بالتحالف مع شركة «فيات» الإيطالية للسيارات.

وكان روبرت غيبس، المتحدث باسم البيت الأبيض، قال يوم الجمعة الماضي «أعتقد أن (كرايسلر) بالتحديد مثل يبعث على الأمل لشركة (جنرال موتورز)».