مفتي مصر: استخدام «أفراد وجماعات» أسلحة الدمار ضد دول غير إسلامية لا يجوز شرعا

قال: حتى المنجنيق الأقل تدميرا استخدم في حروب تحت راية ولي الأمر

TT

أكد الدكتور علي جمعة مفتي مصر أن استخدام أفراد، أو جماعات أو فِرق، لأسلحة الدمار الشامل ضد دول غير إسلامية، لا يجوز شرعا، مشددا على أنه.. «حتى المنجنيق (آلة حرب قديمة) الأقل تدميرا استُخدم في حروب تحت راية ولي الأمر. وقال إن اتخاذ دول إسلامية هذه الأسلحة على سبيل الردع مطلب شرعي، و..«مبدأ سياسي معتبر تعتمده الدول في سياساتها الدفاعية». وأضاف المفتي في بيان أصدره أمس، ردا على أسئلة حول هذا الموضوع، بقوله إن «الرأي الذي يحاول البعض نشره وفرضه مدعيا بأن هناك نصوصا فقهية يستدل بها على جواز استعمال الأسلحة الكيماوية أو البيولوجية أو الذرية شديدة الفتك، والتي تحدث دمارا هائلا داخل الدول غير الإسلامية، وتأتي على الكائنات الحية كلها من بشر وحيوانات والبيئة المحيطة». وتابع موضحا في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أن القول بجواز استخدام هذه الأسلحة ونسبته إلى الشريعة وإلى علمائها كذب وزور وافتراء على الشرع والدين، وأن القول والترويج لها يعتبر من عظيم الإجرام والإفساد في الأرض الذي نهى عنه الله تعالى وتوعد فاعله بأشد العقاب في الدنيا والآخرة. وأشار بيان المفتي إلى أن دار الإفتاء المصرية تلقت تساؤلات حول بيان مشروعية بعض الكتابات والأطروحات التي ظهرت في الآونة الأخيرة، التي يدعي فيها أصحابها أنه يجوز لهم استعمال أسلحة الدمار الشامل ضد الدول غير الإسلامية، زاعمين أن قولهم هذا موافق للشرع، ومستدلين ببعض النصوص الفقهية وبالقياس على مسألة الترس والتبييت والتحريق المذكورة في بعض الكتب الفقهية.

وأضاف أن اتخاذ الدول الإسلامية مثل هذه الأسلحة على سبيل ردع المعتدين عنها مطلب شرعي، مشيرا إلى أن الردع، كما هو مبدأ شرعي، فهو مبدأ سياسي معتبر، تعتمده الدول في سياساتها الدفاعية. وساق الدكتور جمعة مجموعة من الأدلة تؤيد ما ذهب إليه: منها أن الأصل في الحرب ألا تكون إلا تحت راية ولي الأمر المسلم، واستقلال فرد أو أفراد من عموم المسلمين بتقرير استعمال مثل هذه الأسلحة ليس اعتداء على حق ولي الأمر فقط، بل هو اعتداء على حق الأمة نفسها. وقال أيضا إن استعمال هذه الأسلحة فيه خرق للاتفاقات الدولية التي رضيتها الدول الإسلامية وانضمت إليها وأقرتها بمحض إرادتها وباختيارها؛ توافقا مع المجتمع الدولي؛ لتحقيق الأمن والسلم الدوليين، مشيرا إلى أن هذا الفعل يتضمن مباغتة وقتل الغافلين وفيهم نساء وصبيان، وهؤلاء يحرم قتلهم حتى في الحرب العلنية إذا لم يقاتلوا. وكذلك يستلزم هذا الفعل قتل وأذى المسلمين الموجودين في هذه البلاد من ساكنيها الأصليين أو ممن وردوا إليها. وأضاف أن هذا الفعل (استخدام أسلحة الدمار الشامل) قد يجر ويلات ومصائب على المسلمين جميعا بل الدنيا ككل، لأن الدولة المعتدى عليها قد تقابل هذا التصرف بتصرف مماثل أو أشد عنفا، كما أن الآثار المدمرة الناجمة عن بعض هذه الأسلحة قد تتعدى مجرد البقعة المصابة إلى بلاد أخرى مجاورة لا ذنب لها، مع ما يترتب على استعمال بعض هذه الأسلحة من إتلاف للأموال والمنشآت، وكل هذا من المحرمات. وقال بيان مفتي مصر، حول النصوص الشرعية والفقهية التي استند إليها المروجون لفكرة استخدام أسلحة الدمار الشامل، إنها نصوص منتزعة من سياقاتها، لها واقع محدد مغاير لما يتعلق به هؤلاء، حيث إنهم قد أهدروا الفروق المعتبرة بين حالة الحرب وحالة السلم، والفرق بين حالة الحرب العلنية وغيرها، وكذلك قياس استعمال أسلحة الدمار على الرمي بالمنجنيق في الحروب القديمة، وهو قياس باطل، لأن أثر المنجنيق أخف من أثر أسلحة الدمار الشامل، كما أن استخدام المنجنيق كان في حروب تمت تحت راية ولي الأمر.