مقتل 6 فلسطينيين.. والمواجهات تنذر بصفحة جديدة في الصراع بين حماس وفتح

القسام تهدد بالرد وتعطي الضوء الأخضر لمواجهة قوات الأمن.. وعباس: سنضرب بيد من حديد

أحد عناصر الشرطة يتفحص الدمار الذي لحق بمنزل في قلقيلية شهد معركة بين أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية وعناصر من كتائب القسام الجناح العسكري لحماس، أمس. (أ.ب)
TT

أعطت حركة حماس، الضوء الأخضر لعناصرها في الضفة الغربية بمواجهة قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية. وقال أبو عبيدة، الناطق باسم الكتائب في مؤتمر صحافي: «إن القسام لن تسمح بالمساس بمطارديها، وعلى كل من يطاردها أن ينتظر الرد». وجاء ذلك بعد مواجهات عنيفة بين الأمن الفلسطيني ومقاتلين من كتائب القسام التابعة لحماس، في مدينة قلقيلية شمال الضفة الغربية، انتهت بمقتل قائد القسام في شمال الضفة، محمد السمان، ومساعده محمد ياسين، و3 من قوات الأمن التابعة للسلطة، وصاحب المنزل الذي تحصن الناشطان فيه.

ويبدو أن المواجهات فتحت بابا جديدا في الصراع الدائر بين الحركتين الأكبر حماس وفتح، وقالت حركة حماس على لسان القيادي فيها صلاح البردويل، إنها تدرس تعليق مشاركتها في الحوار الفلسطيني في القاهرة، «ردا على الجريمة»، وأعلنت الحركة أنها ستعيد تقييم سياساتها، وحملت الرئيس الفلسطيني محمود عباس، شخصيا مسؤولية ما أسمته تجاوز كل الخطوط الحمراء. وفي المقابل، ثمن عباس دور الأجهزة الأمنية، مؤكدا في بيان رسمي، «أن هذه الأجهزة ستضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه العبث بمصالح شعبنا العليا».

أما كتائب القسام فقد هددت بالرد، واتخذت حركة فتح، موقفا إلى جانب الحكومة الفلسطينية، التي يرأسها سلام فياض، على الرغم من حدة الخلافات بين الطرفين، مؤكدة وقوفها إلى جانب الأجهزة الأمنية في فرض الأمن والأمان، وقالت إن ما جرى يؤكد تعطش حماس للدماء. واتهمت فتح، حركة حماس بتكديس السلاح من أجل إثارة الفتنة والبلبلة، وقالت إنها ستخرج عن صمتها أمام هذه التجاوزات الخطيرة، ولن تسمح ولا بأي شكل من الأشكال لأن ينتقل ما جرى في غزة إلى أرض الضفة. وتداعت قيادة السلطة الفلسطينية للاجتماع في قلقيلية، بدءا بفياض، ووزير داخليته، وكافة قادة الأجهزة الأمنية. وقال فياض، إنه لا يعتذر عما حدث، على الرغم من أنه يشعر بالأسى. واتهم العميد عدنان الضميري، الناطق باسم الأجهزة الأمنية، ناشطي القسام بالمبادرة ومهاجمة قوات الأمن، قائلا، إن التحريض المستمر في خطابات الحركة ضد أجهزة الأمن كان وراء ما حدث. وبحسب الضميري، فقد رفض السمان ومساعده تسليم نفسيهما، مبينا أنه في بداية الأمر «تم التفاوض من جانب الأجهزة الأمنية مع المسلحين عبر مكبرات الصوت لإقناعهم بالاستسلام، إلا أننا تفاجأنا أن المسلحين قاموا برمي قنبلة يدوية نحو أجهزة الأمن، وتم استدعاء بعض الوجهاء والشخصيات البارزة في المنطقة لإقناع المسلحين للنزول والاستسلام، إلا أنهم استمروا في إطلاق النار العشوائي».

وقال الضميري، في مؤتمر صحافي في رام الله، «إن استهداف قوات الأمن جاء تنفيذا لأجندات وتعليمات خارجية، ومحاولة لنسف جهود الحوار الوطني». وأضاف «أن التعليمات التي تلقاها المسلحون من قيادة حماس هي قتل أعضاء ومنتسبي الأجهزة الأمنية الفلسطينية، للقضاء على هذه الأجهزة والسلطة الوطنية».

واتهم الضميري، مسلحي حماس بأنهم «يحاولون جمع معلومات عن الأجهزة الأمنية ومقارها وعناصرها، عن طريق أجهزة «مجد» التابعة لحماس في محاولة منهم لاستهداف الأجهزة وإعادة أحداث قطاع غزة إلى الضفة الغربية». وأشار الضميري، إلى أن التحقيقات التي جرت اليوم أظهرت أن المسلحين متورطون في التفجيرات السابقة، وتخزين الأسلحة في المساجد. لكن كتائب القسام، قالت في بيان: «إن الأجهزة الأمنية حاصرت السمان وياسين، وطالبتهما بتسليم نفسيهما إلا أنهما رفضا، وطلبا من قوات الأمن الانسحاب وفك حصارهما، إلا أن قوات الأمن بادرت بإطلاق النار نحوهما، ما دفعهما للرد والاشتباك مع قوات الأمن الفلسطينية». وحذرت القسام مما أسمته المساس بالمطاردين من كتائبها، قائلة إن ما حدث «سيؤسس لمرحلة جديدة عنوانها مقاومة المطاردين لمحاولات اعتقالهم، مما سيشعل فتيل الانفجار». وقال أبو عبيدة: «إن للمجاهدين المطاردين لقوات الاحتلال الإسرائيلي بالضفة الغربية الحق الكامل بالرد وصد أي محاولات لاعتقالهم». ودعا أبو عبيدة، «كافة عناصر المقاومة بالضفة الغربية للوقوف بوجه أي محاولة تستهدف اعتقالهم وصدها ومقاومتها»، مشيرا إلى أن «القسام لن تسمح بالمساس بمطارديها، وعلى كل من يطاردها أن ينتظر الرد والتصدي». ووصفت القسام الأجهزة الأمنية بأنها صنيعة الاحتلال ورهينة الجنرال الأميركي دايتون، ودعت الأهالي في الضفة الغربية إلى «مقاومة جرائم أجهزة السلطة المسلطة على رقاب شعبنا»، كما دعتهم لسحب أبنائهم من هذه الأجهزة، «التي يقودها حفنة من المرتزقة، وأصدقاء الصهاينة، والساقطون أخلاقيا وأمنيا» وفق البيان.

وقالت حركة حماس في بيان آخر، إن هذا الحدث سيكون له تداعياته الأكيدة على تقييم سياساتها. وأكد فوزي برهوم، الناطق باسم حماس، «لا معنى للحديث عن أي حوار مع حركة فتح في ظل ما جرى أو ما يجري من تصعيد يومي خطير، من قبل أجهزة أمن أبو مازن وحركة فتح ضد حركة حماس وأبنائها وقياداتها في الضفة الغربية».

ونظمت حماس مسيرات كبيرة في غزة، أمس احتجاجا على مقتل 2 من عناصرها. ومنذ سيطرت حماس على قطاع غزة، منتصف 2007، جاءت الاشتباكات الأعنف في الضفة الغربية، بعد أيام من تعهدات الرئيس الفلسطيني محمود عباس في واشنطن بتنفيذ التزاماته الأمنية، وهو ما أثنى عليه الرئيس الأميركي باراك أوباما.

وأوضح حسين الشيخ، أمين سر حركة فتح في الضفة الغربية، ومسؤول التنسيق مع الجانب الإسرائيلي، أن خلية القسام في قلقيلية استهدفت لأنها كانت تهدد الاتفاقيات والتفاهمات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، كما أنها كانت تهدد الأمن في كل منطقة الشمال.

وأضاف الشيخ، أنه تمت ملاحقة مجموعة السمان، التابعة لكتائب القسام بناء على معلومات استخباراتية محددة أدت إلى تصفية المجموعة. وهو ما أكدته مصادر أمنية فلسطينية. ويعتبر الجيش الإسرائيلي، السمان، مسؤولا عن عدة عمليات ضد إسرائيل، وقد حاولت اعتقاله عدة مرات. ولاقت الاشتباكات في قلقيلية اهتماما إسرائيليا واسعا، وأفردت وسائل الإعلام المختلفة في إسرائيل مساحات كبيرة لتغطية، المواجهات ونتائجها وتداعياتها.