الشعارات تتنافس على طرقات لبنان.. لحث الناخبين على التصويت

التسويق الانتخابي يتخذ منحى المزايدة.. واللعب على الألفاظ

TT

تحولت طرق لبنان إلى ساحات لمعارك «إعلانية انتخابية» بين طرفي النزاع الأساسيين فريقي «8 و14 آذار» والأحزاب اللبنانية التي تقف خلفهما. كل يغني على ليل شعاراته الرنانة التي باتت مادة دسمة يستوحي منها الأفرقاء السياسيون إعلاناتهم للرد على الفريق الخصم. البداية كانت مع استبدال «الطقوس الانتخابية اللبنانية» المتمثلة بنشر صور المرشحين التي باتت مقتصرة على المستقلين منهم، بشعارات البرامج الانتخابية التي تحولت إلى إعلانات برسم المزايدات التي تدعي إرشاد الناخب إلى «السلوك الصائب» والتوجه في 7 يونيو (حزيران) المقبل إلى صندوق الانتخاب للإدلاء بصوته واعتبار أن عدم التصويت هو المشكلة الكبرى. «التيار الوطني الحر» اعتمد في البداية شعار «فليكن تصويتكم صح صح أو غلط غلط» ثم «غلطة الشاطر في 2009» و«التغيير في 2009». و«حزب الله» خاطب جمهوره عبر «قاوم بصوتك»، أما المستقبل فاختار «انتخب أولا»، فيما توجهت القوات اللبنانية إلى الناخبين من خلال إعلان يعكس صورة لإطارات مشتعلة وشباب ملثمين، في إشارة إلى الأحداث الأليمة التي وقعت في مايو (أيار) الماضي، مذيلة بشعار «صوتك يغير كل الصورة» و«فيك تعمل» مع صورة للعلم اللبناني يسقط في صندوق الانتخاب، أو «فيك ما تعمل شيء» أي أن تترك الوضع القائم والقاتم كما يبينه هذا المشهد. هذا في صلب الهدف الانتخابي المشترك بين كل الأفرقاء الذي يصب في خانة واحدة هي الحث على التصويت. أما في تفاصيل «المناورات الهجومية والدفاعية»، فـ«التيار الوطني الحر» خاض سلسلة من الشعارات «التحذيرية» التي تخير المواطن بين «الخطأ والفساد» الذي قصد به طبعا، الفريق الخصم، وبين «الصح والقضاء على الفساد» الذي يعلن أنه سيكون حاميها في حال الفوز وحصد أكثرية المقاعد في المجلس النيابي. وكان خير تعبير عن هذا التوجه شعار «تيصح الوطن فكر صح» «وغلطة الشاطر بالـ 2009» ثم «الإقلاع عن الفساد في حزيران 2009» و«الجمهورية الثالثة ثابتة» التي جوبهت أيضا بردود فعل من رجال السياسة الذين اعتبروا أن عون من خلال هذا الشعار يحاول نسف الدستور اللبناني المتمثل باتفاق الطائف للانتقال إلى الجمهورية الثالثة. كذلك لاقى رد فعل مباشرا من القوات اللبنانية التي اختارت وضع علمين على اللوحات الإعلانية، الأول يمثل العلم اللبناني مذيل بعبارة «الاستقلال الثاني» فيما صارت خلفية العلم الثاني صفراء اللون يتوسطه «أرزة برتقالية» ومذيل بعبارة «الجمهورية الثالثة» في إشارة منهم إلى التحالف بين حزب الله بلونه الأصفر والتيار الوطني الحر بلونه البرتقالي. أما عندما سلكت حملة التيار الوطني الحر طريقا آخر مستخدمة المقولة الفرنسية «كوني جميلة واصمتي» مع استبدال فعل الصمت بالحث على «التصويت» مرفقة بصورة فتاة جميلة، فأثار الأمر سجالا واسعا، فالجمعيات النسائية اعترضت على الأمر وارتأت حذف عبارة «كوني جميلة» بـ«كوني ذكية وصوتي بورقة بيضاء». أما المناصرون للفريق الخصم فيبذلون قصارى جهودهم لمجابهة الحملة بحملات مضادة إنما من خلال الرسائل الالكترونية هذه المرة معتمدين مبدأ «اللعب على الكلام» الذي وصل إلى درجة الشتائم، إلى أن اجتمعت قوى 14 آذار في إعلان مشترك لترد فيه على التيار الوطني الحر «كوني ذكية وانتخبي»...

وعلى جبهة أخرى، كان «السجال الإعلاني الانتخابي» أيضا بين «تيار المستقبل» و«التيار الوطني الحر» اللذين يبدو أن السباق محتدم بينهما في «الخطاب الإعلاني الانتخابي»، فقد اعتمد «المستقبل» في أول إعلاناته على خلفية زرقاء وشمس بيضاء مشرقة مذيلة بأحد الشعارات التالية: «لتعرف المستقبل عليك أن تصنعه» و«المستقبل هو حيث تمضي ما تبقى من حياتك»، وهي دعوة للمشاركة في صناعة المستقبل عبر انتخاب مرشحي هذا التيار، في إشارة إلى أنهم الفريق الوحيد الذي سيصنع مستقبل لبنان.. فكان له «التيار الوطني الحر» بالمرصاد عبر إعلان مستوحى من إعلان «المستقبل» بالاعتماد على صورة تمثل الخلفية الزرقاء إنما ممزقة في الوسط حيث كتب عليها «المستقبل يبدأ بالتغيير»، وقد عاد مناصرو «المستقبل» واستبدلوها عبر الرسائل الكترونية بعبارة «لا تغيير ولا مستقبل» مرفقة بصورة العماد ميشال عون يصافح الرئيس السوري بشار الأسد والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ومذيلة بعبارة «لبنان أولا». وكرت السبحة لدى الأحزاب السياسية، إذ لم تكتف بشعار واحد أو إعلان واحد بل إنهم في تجدد مستمر، ففي حين ظهرت ابتكارات «تيار المستقبل» الإعلانية مرتكزة على «أولويات ومثاليات عدة» تراوحت إضافة إلى «انتخب أولا»، بين «الدستور أولا» و«التطور أولا» و«الدولة أولا» و«الشغل أولا» كان ختامها «مدويا» مع الشعار الذي تزامن إطلاقه مع إعلان لائحتي بيروت الثانية والثالثة في السابع من مايو (أيار) الجاري، الذكرى الأولى لـ«اجتياح بيروت» وكان مع سلسلة «ما مننسى»، وعلى رأسها «ما مننسى والسما زرقا» التي صارت بدورها محط كلام السياسيين الموالين والمعارضين.

كذلك، فان آخر ابتكارات «التيار الوطني الحر» بعد شعار «عبر، التغيير في 2009»، حملة ترتكز على اللعب على حروف الكلمات الكفيلة بتغيير معانيها، كالنفاق والوفاق... مع وضع إشارة «الصح» بجانب الشعارات الإيجابية التي يعتبرونها خاصة بالتيار الوطني الحر وترك السلبية منها التي يشيرون من خلالها إلى خصومهم.

على الضفة الأخرى، بقيت حملات «حزب الله» و«حركة أمل» مستقرة إلى حد ما على ما بدأت به من دون أن تخرج عن السياق العام لـ«التسويق الانتخابي»، وذلك عبر رفع شعارات الدولة المثالية التي لا يتعرف عليها اللبنانيون إلا كل أربع سنوات. اللوحات الصفراء الخاصة بـ«حزب الله» تناوبت مع لوحات «حركة أمل» على شعارات مشتركة تقريبا مع تبديل في طريقة التعبير. فالحزب اعتمد في حملته على عبارات مشطوبة تخفي بين طياتها اتهامات للفريق الآخر مثل «الاحتلال والعدوان والوصاية والتقسيم والتوطين والتهجير والفساد والمديونية والحرمان...» التي تدل على برنامج الحزب للقضاء عليها إلى جانب «وطن العدالة لجميع أبنائه» و«لبنان وطن المساواة لجميع أبنائه».. كلها مذيلة بعبارة «قاوم بصوتك». واعتمدت حركة أمل على كل «المصطلحات المثالية» التي يدخل فيها حرف الـ«ميم» المكتوب مكانها «أمل» بشكل دائري، من «التنمية» و«الأمل» و«الكرامة» إلى «الصمود» و«المقاومة»... كتب بعضها على خلفية صورة رجل أو سيدة عجوز أو شاب يرفع إشارة النصر.