اختفاء طائرة إيرباص فرنسية في الأطلسي وعلى متنها 228 شخصا بينهم 3 أطباء مغاربة

في رحلتها بين ريو دو جانيرو وباريس.. والسبب الأرجح أعطال كهربائية

TT

في أسوأ كارثة جوية تصيب فرنسا، فقدت طائرة «ايرباصA 330» تابعة لشركة «اير فرانس» كانت تقوم برحلة منتظمة بين ريو دو جانيرو في البرازيل ومطار شارل ديغول الباريسي وعلى متنها 228 شخصا (216 راكبا وطاقم الطائرة) في مكان ما في المحيط الأطلسي. وفي الوقت نفسه، أعلنت السلطات البرازيلية أن سلاح الجو البرازيلي أطلق أمس عمليات بحث قبالة السواحل البرازيلية لاقتفاء أثر طائرة «اير فرانس» التي اختفت عن شاشات الرادار. وتجري طائرات القوات المسلحة بحثا عن الطائرة فوق المحيط الأطلسي إلى ما بعد جزيرة فيرناندو دو نورونها البرازيلية الواقعة على بعد 370 كلم من البر البرازيلي وتبعد 2400 كلم عن مدينة ريو دي جانيرو. وهزت الكارثة الفرنسيين فسارع رئيس الجمهورية نيكولا ساركوزي إلى قطع عطلته والعودة السريعة إلى باريس، وكذلك فعل رئيس الحكومة والوزراء المعنيون، وشكلت مجموعات من أطباء وعلماء نفس لـ«مواكبة» ذوي الضحايا في مطار شارل ديغول، وأطلقت عملية بحث واسعة للعثور على حطام الطائرة على خلفية ندرة المعلومات الوثيقة حول مكان ولحظة سقوط الايرباص.

وسارع وزير العمل والنقل جان لوي بورلو إلى استبعاد فرضية اختطاف الطائرة، وكذلك استبعدت فرضية وقوعها ضحية عمل إرهابي. وجاء العنصر المادي الأول من الشركة نفسها التي أعلن مسؤول فيها بعد ظهر أمس أن الشركة تلقت «رسالة آلية» من الطائرة في الرابعة وأربع عشرة دقيقة بتوقيت باريس (الثانية وأربع عشرة دقيقة بتوقيت غرينيتش) تفيد تعرضها لعطل كهربائي. وأعلن المسؤول عينه أن «الفرضية الأرجح» هو أن تكون الطائرة قد تعرضت لصاعقة في منطقة خطرة ما بين القارة الأفريقية والبرازيل المعروفة بـ«الزر الأسود» بسبب تواجد سحب مشحونة كهربائيا وعواصف ورياح قوية. وقال فرنسوا بروس، مدير القسم الإعلامي في شركة «اير فرانس» إن الايرباص الذي كان يقوم بالرحلة رقم 447 «دخل في منطقة عاصفة مع مطبات خطرة مما أدى إلى حصول الأعطال». وبحسب خبير في أحوال الطقس، فإن المنطقة معروفة بتياراتها الهوائية العنيفة الصاعدة وبتشكل الصواعق التي من شأنها تهديد سلامة الطائرات. وكانت الطائرة قد انطلقت من مطار ريو دو جانيرو منتصف الليل بتوقيت باريس وكان من المفترض أن تهبط في مطار شارل ديغول صباح أمس الاثنين في الساعة الحادية عشرة والربع. وبسبب وجودها فوق مياه المحيط، لم تكن الطائرة الفرنسية موجودة على شاشات الرادار لا من الجهة الأميركية ولا من الجهة الأفريقية الأوروبية. ولذا، فإن السعي إلى تعيين مكان سقوطها يبدو مهمة بالغة الصعوبة. وحتى عصر أمس، لم تكن المساعي البرازيلية والفرنسية و المحاولات الأخرى قد أفضت إلى نتيجة. وأرسلت باريس من فرنسا طائرات رقابة بحرية من طراز «بريغيه» لمسح المنطقة التي يقدر أن الطائرة سقطت فيها، كذلك أرسلت طائرة عسكرية انطلقت من قاعدة فرنسية في السنغال، وفعلت البرازيل وإسبانيا الشيء نفسه. وانطلقت الطائرات البرازيلية من جزيرة فرناندو دو نورونها.

ويتشكل المسافرون على متن الطائرة الفرنسية من 126 رجلا و82 امرأة و7 أطفال ورضيع، وأكثرية الضحايا من البرازيليين. وبين المسافرين 40 فرنسيا و20 ألمانيا. وعلم أن من بينهم كذلك 3 أطباء مغاربة (امرأة ورجلان) كانوا يحضرون مؤتمرا طبيا في البرازيل. وطلبت فرنسا المساعدة من كل الجهات المدنية أو العسكرية التي يمكن أن تكون لديها معلومات عن مصير الطائرة المختفية وتعود لآخر اتصال راداري مع الطائرة عند تحليقها فوق الجزيرة المذكورة أي على بعد 350 كلم عن الشواطئ البرازيلية.

وأفادت مصادر «اير فرانس» أمس أن الطائرة خضعت لعملية فحص كامل في 17 أبريل (نيسان) الماضي، ووضعت في الخدمة عام 2005، وحلقت ما يزيد على 19 ألف ساعة. وتعد «ايرباص 330» التي صنع منها ما يزيد على 600 نموذج من أكثر الطائرات أمانا، وهي المرة الأولى التي يتعرض فيها هذا الطراز لحادث سقوط. كذلك يعد كابتن الطائرة من أصحاب الخبرات الواسعة، إذ إنه حلق لمدة تزيد على 11 ألف ساعة طيران. وأعلن عن فقدان الطائرة بحدود الساعة التاسعة والنصف. وقال دومينيك بوسيرو، وزير الدولة لشؤون النقل إن الطائرة المفقودة لم يتم رصدها على أي من رادارات الدول الأوروبية، كذلك أعلن وزير النقل المغربي كريم غلاب أن الرادارات المغربية لم ترصد الطائرة الفرنسية، ورجح الخبراء أن تكون الطائرة قد سقطت في منطقة قريبة من جزر الرأس الأخضر في المحيط الأطلسي مقابل السنغال وغامبيا وموريتانيا. وتتشكل هذه الدولة من أرخبيلين ومجموعة جزر وهي تملك ثلاث مطارات دولية. ولم يبلغ عن رصد أحدها للطائرة المختفية.

وتردد في تعليقات الرسميين والخبراء أمس السؤال المركزي التالي: لماذا لم يرسل قائد الطائرة أية رسالة استغاثة التي يستطيع إيصالها على الرغم من تعطل الكهرباء بفضل وجود بطاريات يمكنها تشغيل أجهزة الملاحة الكهربائية لمدة 15 دقيقة على الأقل؟ وما طبيعة الحادث الذي ألم بالطائرة ليمنعها من إعطاء معلومات عن مكان وجودها وعن المشكلات التي تتعرض لها؟ جدير بالذكر أن شركة «ايرباص» صانعة الطائرات التي تحمل الاسم نفسه كانت أول من عمم استخدام الوظائف الكهربائية لقيادة طائراتها. وبعد التأكد من الحادث، عبأت الشركة الفرنسية والسلطات العامة وسلطة مطارات باريس إمكانياتها لمواجهة الطارئ والتعامل مع ذوي الضحايا. وخلال ساعات طويلة كان اللوح الكهربائي الذي يعطي المعلومات عن حركة الذهاب والإياب من وإلى مطار شارل ديغول يؤشر إلى وجود «تأخير» في وصول الطائرة القادمة من ريو دو جانيرو، في الوقت الذي كان صوت لموظفة من الشركة تدعو أهالي المسافرين للالتحاق بقاعة مخصصة لهم حيث تم تشكيل فرق طبية ـ نفسية لتوفير الدعم النفسي والمعالجة الطبية في حال دعت الحاجة. وسارع رئيس الجمهورية إلى الطلب من الحكومة والإدارات المعنية بـ«عمل كل ما هو ممكن للعثور على أثر الطائرة وجلاء ظروف اختفائها».

ويعود آخر حادث أصاب «اير فرانس» في رحلة دولية إلى عام 2000 عندما سقطت طائرة كونكورد على فندق في منطقة قريبة من مطار شارل ديغول بعد أقل من دقيقة و نصف من إقلاع الكونكورد. وتسبب الحادث وقتها بمقتل جميع الركاب المائة والطاقم المشكل من 9 أشخاص كما قتل أربعة أشخاص في الفندق الذي هوت عليه الطائرة. أما آخر حادث أصاب طائرة «اير فرانس» فقد وقع في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2007 عندما تعطل أحد محركي الـ«بوينغ 777» وهي في رحلة من بكين إلى باريس ما دفعها إلى الهبوط اضطراريا في مدينة سان بيترسبورغ الروسية. أخطر كوارث الطيران منذ 1977

* باريس ـ أ.ف.ب: أخطر حوادث الطائرات التي وقعت منذ 1977، الذي شهد الحادث الأسوأ من حيث عدد الضحايا، مع استثناء الحوادث التي كان سببها اعتداءات أو أعمال حربية:

ـ 27 مارس (آذار) 1977: جزر الكناري ـ اصطدام طائرتي «بوينغ 747» في مطار تينيريف ما أودى بحياة 583 شخصا في أسوأ كارثة يشهدها عالم الطيران المدني.

ـ 25 مايو (أيار) 1979: الولايات المتحدة ـ تحطم طائرة «دي.سي ـ 10» لدى إقلاعها من مطار شيكاغو ومصرع 273 شخصا.

ـ 19 أغسطس (آب) 1980: السعودية ـ مصرع 300 شخص احترقت بهم طائرة «ترايستار» سعودية في مطار الرياض.

ـ 12 أغسطس (آب) 1985: اليابان ـ سقوط طائرة «بوينغ 747» تابعة لشركة «جابان ايرلاينز» خلال رحلة بين طوكيو وأوساكا ومصرع 520 شخصا.

ـ 12 ديسمبر (كانون الأول) 1985: كندا ـ تحطم طائرة «دي.سي ـ 8» تابعة لشركة «آرو ايرلاينز» لدى إقلاعها من مطار غندار (نيو فاوندلاند) ومصرع 256 شخصا.

ـ 11 يوليو (تموز) 1991: السعودية ـ انفجار طائرة «دي.سي ـ 8» تابعة لشركة «نيشن اير» الكندية بعيد إقلاعها من مطار جدة، ما أسفر عن مصرع 261 شخصا.

ـ 26 أبريل (نيسان) 1994: اليابان ـ سقوط طائرة «ايرباص ايه-300-600» تابعة لشركة «تشاينا ايرلاينز» التايوانية في مطار ناغويا (وسط) ومصرع 264 شخصا.

ـ 17 يوليو (تموز) 1996: الولايات المتحدة ـ انفجار طائرة «بوينغ 747» تابعة لشركة «تي. دبليو. ايه» متجهة إلى باريس فوق المحيط الأطلسي بعد إقلاعها من نيويورك إثر تعرضها على الأرجح لماس كهربائي أشعل النار في مستودع وقود ومصرع 230 شخصا.

ـ 8 يناير (كانون الثاني) 1996: زائير ـ سقوط طائرة شحن «انطونوف ـ 32» على سوق بالقرب من وسط كينشاسا، ما أودى بحياة أكثر من 300 شخص.

ـ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) 1996: الهند ـ اصطدام طائرة «بيونغ 747» سعودية بأخرى «اليوشن ـ 76» كازاخستانية في الجو فوق نيودلهي ما أودى بحياة 349 شخصا.

ـ 26 سبتمبر (أيلول) 1997: إندونيسيا ـ تحطم طائرة «ايرباص ايه ـ 300» تابعة لشركة «غارودا» الإندونيسية شمال سومطرة ومصرع 234 شخصا. ويبدو أن الحادث نجم عن حريق غابات.

ـ 31 أكتوبر (تشرين الأول) 1999: الولايات المتحدة ـ اختفاء طائرة «بوينغ 767» تابعة لشركة مصر للطيران أمام سواحل الولايات المتحدة وعلى متنها 217 شخصا.

ـ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) 2001: الولايات المتحدة ـ سقوط طائرة «ايرباص ايه ـ 300» تابعة لـ«اميركان ايرلاينز» بعد إقلاعها على حي كوينز في نيويورك، مما أودى بحياة 265 شخصا.

ـ 25 مايو (أيار) 2002: تايوان ـ سقوط طائرة «بوينغ 747 ـ 200» تابعة لشركة «تشاينا ايرلاينز» التايوانية في البحر ومصرع 225 شخصا.

ـ 19 فبراير(شباط) 2003: إيران ـ تحطم طائرة نقل عسكرية إيرانية من طراز «اليوشن» جنوب شرق إيران وسقوط 275 قتيلا بينهم العديد من عناصر الحرس الثوري.

ـ 18 يوليو(تموز) 2007: البرازيل ـ سقوط طائرة «ايرباص ايه 320» تابعة لشركة «تي.ايه.ام» على مبنى تابع لمطار كونغوناس في ساو باولو ومصرع 200 شخص.