«بي إن بي باريبا» الفرنسي يتوسع في القطاع البنكي العالمي

مدير عمليات التشغيل: «فورتيس» البلجيكي هدية الأزمة والربع الأول هو البداية

المكتب الرئيسي لبنك «ي ان بي باريبا» في وسط العاصمة الفرنسية باريس (رويترز)"
TT

شرع بنك «بي أن بي باريبا» الفرنسي في التوسع في القطاع البنكي العالمي بخطوة بدأها من خلال السيطرة على «فورتيس» البلجيكي، وإعلان نتائج إيجابية في الربع الأول من العام الجاري خلال فترة وصفها بالـ«عاصفة».

وأوضح المصرف الأكبر في أوروبا أن الربع الأول وأرباح الربع الأول البالغة 1.56 مليار يورو ما هي إلا بداية لسلسلة من النجاحات المتوقعة خلال السنوات القادمة، ارتكز فيها على استثمارات منطقة الخليج ودول مجلس التعاون، موضحا أنها ما زالت الأقل تضررا مقارنة بعمالقة مثل روسيا وأميركا اللاتينية. وتحدث جورج شوردون دو كورسيل مدير عمليات التشغيل بالبنك المصنف «أأ+» من «ستاندارد آند بورز» العالمية، عن أن أهم رسالة يمكن توجيهها هي كيفية الاستفادة من تلك الأزمة، التي جعلت «بي أن بي باريبا» الأكبر في منطقة اليورو بعد الاستحواذ على «فورتيس» الذي لم يكلف البنك عبئا كبيرا، والتوسع ليصل إلى 200 ألف عميل، منهم نحو 70 في المائة خارج فرنسا. وأفاد أن الربع الرابع من عام 2008 كان بمثابة غمامة سحابية كبيرة اجتازها البنك، ليغلق العام بأكمله على أرباح محدودة قيمتها 3 مليارات يورو، لا تقدر بالكبيرة نسبة إلى عام 2007 عند 7 مليارات يورو. وأضاف أن العوائد كانت بنسبة 60 في المائة، وجاءت من قطاع التجزئة، ومكانة في قطاع التمويل العالمي ليحتل البنك مركزا من الستة الأوائل في العالم.

وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» أوضح كورسيل أن البنك بدأ في استخدام آليات حماية ضد أزمات مستقبلية في القطاع التمويلي، بالابتعاد عن التعرض الشديد لاستثمارات خطرة وفي أسلوب إدارة البنك ككل، خاصة أن الهدف الأساسي الآن هو عدم فقدان أية أموال. وقال: «الاستثمار عموما محفوف بنسبة من المخاطرة، ولكن أولوياتنا هي عدم تسجيل خسائر». وأشار، موضحا، أن الخليج منطقة تتمتع بمزايا أكثر من أية دولة أخرى، أولها الثروة النفطية، ولكن عليها التكيف مع الأوضاع الحالية. وقال كورسيل إنه، من ناحية التوقعات، لا يتوقع أن يشهد القطاع البنكي مزيدا من الضربات الموجعة، ولكن متوقع أن تعلن بنوك صغيرة وهيئات تمويلية إفلاسها، وأعاد، «ليس بالوتيرة نفسها». وعاد ليشرح النموذج الكلاسيكي للدول الغنية بنكيا وصغيرة جغرافيا، مثل النمسا وأيرلندا، واللتين تصعب حالات الإصلاح بهما أكثر من الدول المتوازنة، وتتمثل الصعوبة في عدم قدرة الحكومات على النهوض بالبنوك. وبالنسبة لتوقعات المستقبل، استطرد كورسيل أنه من الناحية العالمية، التوسع سيزداد في أوروبا، ويتوقع أن يزداد توسعا، خاصة بعد الاستحواذ على «فورتيس».

وقال «(بي أن بي) لا يحتاج إلى زيادة رأس المال، فهو يقتل الاقتصاد»، و«بي أن بي» ليس بحاجة لذلك.

ويعمل المصرف الفرنسي في خمس دول في المنطقة بـ11 من الكيانات المختلفة، و53 دولة على مستوى العالم بأكثر من 35 جنسية مختلفة (35 في المائة من الخليج). ويعمل المصرف على استراتيجية في المنطقة، هي أن يصبح من أهم ثلاثة مصارف هناك، ليشهد بالفعل زيادة بنسبة 25 في المائة في عدد العملاء، بالإضافة إلى 38 في المائة زيادة في العوائد خلال 2007 إلى 2008 في الاقتصادات الناشئة، ليتوسع نحو مدغشقر وموريتانيا من خلال شبكات التوسعة للاقتصادات الناشئة.

* تاريخ «بي إن بي باريبا» في سطور

* يعد «بي أن بي باريبا» أكبر مصرف في أوروبا بعد الاستحواذ الأخير على «فورتيس» البلجيكي قبل أسابيع قليلة ليكون وحدة «بي أن بي باريبا فورتيس».

عام 2000 أعد من أهم وأكبر 3 بنوك في فرنسا، ليندرج تحته «سوسيتيه جنرال»، و«كريدي ليوانس»، المدرجين في البورصة الفرنسية على مؤشر «كاك 40». عام 1999 تقدم «سوسيتيه جنرال» بعرض لشراء «باريبا»، فشلت محاولة «بي أن بي» شراء «سوسيتيه جنرال»، لتنجح الصفقة الأخرى، وتثمر عن اندماج البنك. ثم تأسس المصرف في 23 مايو (أيار) 1999 من خلال دمج بنكي «ناسيونال دو باري»، ومصرف «باريبا»، ليشكل «بي إن باريبا» واحدا من أعرق ثلاثة مصارف فرنسية في القلعة المالية، يندرج تحته كل من «سوسيتيه جنرال» و«كريدي أجريكول». عام 1993، تمت خصخصة مصرف «باريبا»، وعام 1998، تم تغيير اسم (شركة باريس المالية) ليصبح «باريبا» بعد شراء «كمبين بنكير».

يعود تاريخ البنك إلى عام 1869، عندما قامت مجموعة من المصرفيين والمستثمرين، بإنشاء «بنك دي باري».

وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية، قررت الحكومة الفرنسية تطويع المصارف، والجهات التمويلية والائتمانية لصالح جهود إعادة الإعمار الوطني، ليطلق منها رينيه بليفين، وزير المالية في ذلك الوقت، حملة كبرى لإعادة هيكلة القطاع المصرفي.