خيارات «كبسة» الجمعة تميل لصالح «الهامور» و«الكنعد» و«الشعور»

أمراض العصر تجبر السعوديين على تغيير عاداتهم الغذائية

سعودي يستعرض سمكة كبيرة في سوق السمك في الرياض (تصوير: مسفر الدوسري)
TT

مالت خيارات غداء الجمعة الذي درجت العادة في السعودية على تجهيز وليمة كبسة الجمعة لاجتماع العائلة أو الضيوف إلى التغيير لصالح المكونات البحرية تتقدمها لحوم أسماك «الهامور»، «الكنعد» و«الشعور»، وسط تنامي هواجس أمراض العصر لدى الكثير من الأسر في المملكة، إذ لم يقتصر ذلك على المناطق الساحلية، بل بلغ الأمر أن أصبحت أسر في مدن كالرياض يستهويها الأكل البحري بشكل كبير في غداء الجمعة.

ودفعت تلك الهواجس إلى المحاولات الجاهدة لتخطي بعض سلوكيات الأكل، وبخاصة تلك الوجبات التي تحتوي على النشويات من جانب، والدهنيات من جانبٍ آخر. واستغلت بعض الأسر في المملكة بعض الأيام والمناسبات، لتغيير نمط الغذاء لديها، حيث باتت أسواق الأسماك، تشهد إقبالاً جيداً في أيام العطل الأسبوعية، خاصةً يوم الجمعة.

وما أن تنتهي صلاة الجمعة من كل أسبوع، حتى يهم بعض المصلين، متوجهين نحو محلات بيع السمك، التي تشهد ازدحاما كبيرا في ذلك التوقيت، حيث يرتادها كثير من السعوديين والمقيمين، بحثا عن السمك الطازج، ليكون الوجبة الرئيسية في يوم الجمعة.

وتناول الأسماك والدعوة لمأدبتها، ليست غريبة، بل تُعد مألوفةً لدى سكان الساحلين الشرقي والغربي في السعودية، بل إن السمك بطرق طهية العدة، يُعتبرُ من أحد معالم كرم أهالي تلك الأجزاء من السعودية.

ولم يكن مألوفاً في غير المناطق الساحلية أن يولم أحد من سكانها أسماكاً بدلاً من اللحم «المفاطيح»، لكن ربما كثرة النصائح التي توصي بتناول السمك بما يحوي من فوائد، ولو لمرة أو مرتين في الأسبوع، كان لها تأثير على سكان المناطق الصحراوية في السعودية.

ويعزو بعض مرتادي محلات الأسماك أسباب توجههم إليها مع نهاية الأسبوع، إلى ظروف المكان، حيث يكون معظم أفراد العائلة موجودين في وقت واحد، إضافة إلى إمكانية دعوة بعض الأقارب لتناول وجبة الغداء أو العشاء الـ«سمكية»، والأهم من ذلك، أن يوم الجمعة يعتبر يوم الراحة الرئيسي لدى كافة شرائح المجتمع السعودي.

العميد موسى النبهان، ضابط متقاعد، اعتاد على أن يتوجه معظم أيام الجمعة إلى سوق السمك، التي يشتهر بكثافتها أحد شوارع العاصمة السعودية الرياض (شارع الوشم) ليختار بنفسه أنواع السمك الطازج، وبالأحجام التي يراها مناسبة.

ويضيف النبهان أن كثرة ارتياده لسوق الأسماك، أعطته خبرة واسعة في معرفة السمك الطازج، وحتى مواسم بعض الأسماك والمنتجات البحرية الأخرى، باتت معروفه لدى معظم مرتادي محلات الأسماك.

وعن طريقة معرفة الأسماك والطازج منها، يوضح النبهان أن السمك الطازج تكون رائحته مقبولة غير كريهة، وعيناه لامعتين، وأن يكون لحمه متماسكاً وصلباً عند اللمس، وأن تكون الخياشيم ذات احمرار، والزعانف صلبة، وفي الأنواع التي ليس بها قشور كالبياض والقراميط، يجب أن يكون الجلد ناعماً غير متجعد، وكذلك في الأنواع ذات القشور.

ويستبعد أبو ناصر فكرة الذهاب إلى سوق وسط الرياض للبحث عن الأسماك الطازجة، مؤكدا أن المحلات الصغيرة المنتشرة في شوارع الرياض تفي بالغرض، وتغنيه عن مشقة الذهاب إلى وسط البلد. وأكد أبو ناصر أن ما يميز محلات بيع الأسماك هو «القلي» التي تقوم به، حيث إنه يغني عن التجهيزات التي غالبا ما تصاحب أي وجبة في المنزل.

في المقابل، يرى بعض البائعين مبيعات نهاية الأسبوع وتحديدا يوم الجمعة، مُعادلةً لمبيعات بقية أيام الأسبوع، مُرجعين ذلك إلى الظروف الملائمة لارتياد المحلات هذه، خاصة أن كثيرا من الزبائن لا يرغبون بالعودة إلى بيوتهم بعد صلاة الجمعة إلا ومعهم وجبة الأسماك حتى لا يضطروا للخروج مرة أخرى.

وتتميز الأسماك بغناها بالبروتينات التي تحوي أحماضا أمينية مهمة، مثل الارجنين والتريبتوفان وغيرهما، وهي مهمة للمحافظة على أنسجة الجسم ولبناء ما يحتاجه في عمليات الترميم التي تحدث لأنسجة الجسم.

ويعتبر السمك مصدراً مهماً من مصادر اليود والفوسفور الضرورية للأسنان والعظام والدم، وهو مصدر مهم للكالسيوم، ويحتوي السمك على فيتامين أ، د الموجود في كبد السمك.

وغالبا ما ينصح اختصاصيو التغذية والأطباء بتناول السمك باعتباره طعاماً مغذياً يحمي من أمراض القلب والأوعية الدموية، ويحتوي على فوائد قيمة أخرى أبرزها المحافظة على التوازن الغذائي.

ويندرج السمك في خانة اللحوم في الهرم الغذائي، لأنه يوازي شريحة من اللحم المشوي، وهو مصدر جيد للبروتينات، فضلاً عن قيمته البيولوجية الكبيرة لاحتوائه على جميع الأحماض الأمينية، الضرورية لنمو الجسم وتجدد الخلايا.

ومن منافع السمك الأخرى أنه يحتوي على الحديد الحيوانيّ المصدر الذي يمتصه الجسم بشكل جيد. وللسمك أنواع لا تعد ولا تحصى، ولا يعرفها غير خبراء الصيد والمناطق المحيطة بالبحار، فهناك أسماك لها مسميات في دول الخليج العربي معروفة، فيما يطلق عليها أسماء أخرى في مناطق أخرى من العالم.

وتتحكم فصول السنة ودرجة الحرارة بأسعار السمك، حالها حال أسعار الأغنام والجمال، فأسعارها في الشتاء مرتفعة ويقل المعروض منها، لأن السمك يدخل في أعماق البحار بحثا عن الدفء، فيما تنخفض أسعارها صيفا.

وأبرز الأسماك التي يقبل على شرائها سكان العاصمة السعودية هي: الكنعد، الشعور (الشعري)، الهامور، العنبر أو سلطان ابراهيم، الناجل، البياض، العربي، الزبيدي، الصافي، البوري، البليطي، وغيرها من الأسماك الأخرى، بالإضافة إلى الروبيان.