مصطفى.. من هاوٍ إلى محترف في البورصة

الخسارة علمتني كيفية الاستثمار ومتعة الربح

TT

يفتخر مصطفى الغياتي الذي يعمل مهندسا في مصر بأنه ينتمي إلى الجيل الثاني في البورصة المصرية، فمنذ ستة أعوام تقريبا بدأ نشاطه بها. شرارة البداية كانت عشقه للمغامرة، فلطالما سمع كما يسمع الكثيرون عن هذا الكائن الخرافي المسمى «البورصة».

وفي عام 2003 وضع مصطفى مغامرته على المحك، وشجعه على ذلك حكايات سمعها عن جني رواد البورصة الكثير من الأرباح، فبدأ بمبلغ ضئيل، وما بين الفرح بالمكسب وألم الخسارة بدأ مصطفى يتعلم كيف يستثمر في البورصة حتى أصبحت الآن عشقا لا يستطيع أن يفارقه، ومتعة لا يستطيع أن يسلوها.

بدأ يومي مع مصطفى في التاسعة صباحا، وفور انتهائه من طقوس الصباح والفطور في منزله، وبعد اطلاعه على آخر تطورات البورصة الأميركية والبورصات الأوروبية في اليوم السابق، التي يقول إنها تحدد بشكل كبير شكل البورصة المصرية، وذلك لوجود استثمارات أجنبية كبيرة فيها، ثم يذهب إلى عمله ويتابع حركة الأسهم من خلال كل السبل الممكنة، سواء من خلال التليفون الجوال أو عن طريق خدمات تقدمها شبكات الاتصالات لعملائها لتعرفهم آخر الأخبار إلى جانب أسعار الأسهم، هذا إلى جانب متابعته أحد برامج الحاسب التي تزوده بالأسعار اللحظية للأسهم.

مع الخسارة بدأت معاناة مصطفى، التي قال عنها «إنها أصعب شيء، فهي مثل الفشل، تشعر حينها كأنك إنسان جاهل، وأن هناك أناسا كثيرين أفضل منك». ويروي مصطفى أن أول سنة في البورصة كانت عبارة عن مكاسب محدودة وخسائر كبيرة، «في بداية طريقي كنت أعتقد أن الاستثمار في البورصة ما هو إلا شيء عبثي، وأن الحظ هو اللاعب الرئيسي في البورصة، ولا أعرف لماذا خسرت أو حتى لماذا ربحت».

لكن مع الخسائر المتوالية التي مُني بها مصطفى بدأ يسأل: هل الاستثمار علم؟ هل حركة الأسهم تخضع لمعايير ونظريات؟ وعندما عرف أن هناك علوما تدرس كيفية الاستثمار في البورصة قرر مصطفى أن يوقف جميع استثماراته في البورصة، التي تعدت حينها خمسة آلاف جنيه، وعكف على دراسة كيفية الاستثمار في البورصة.

بعد هذه الوقفة جاءت البداية الجديدة لمصطفى في منتصف عام 2004، ومثلما كان للخسارة آنذاك أسباب، كان للمكسب أيضا، ومع معرفته لأسباب خسارته ومكسبه بدأ يتعلم من أخطائه، وبدأت تنمو استثماراته في البورصة حتى أصبح يدير استثمارات عائلته وبعض أصدقائه في البورصة، وبدأت خبرته في البورصة تنمو إلى أن أصبح الآن أحد المحنكين، ويلجأ إليه الكثيرون ليأخذوا بعض النصائح تساعدهم في إدارة استثماراتهم في البورصة.

يذهب مصطفى إلى قهوة البورصة كل يوم اثنين وخميس، وهي قهوة في شارع الشريفين، الشارع القديم الذي يضم بين أحضانه مقر البورصة المصرية، وإلى جانبها توجد قهوة البورصة، وأغلب روادها من المستثمرين في البورصة، تجدهم مصطفين على جانبي الشارع الذي لا يتعدى اتساعه خمسين مترا، تُشاع هناك أخر الأخبار، إلى جانب النصائح التي تقدم مجانا مع كوب من الشاي والشيشة. ويقول مصطفى إنه يذهب إلى هناك لكي يتسامر مع أصدقائه ويعرف ما هي المستجدات الحالية، ويقول إن أغلب ما يسمعه هناك هو شائعات تكون خاطئة في الغالب، لكنه يسمعها من باب العلم بالشيء.

ويلفت مصطفى إلى أن منتديات البورصة على المواقع الإلكترونية أصبحت تجذب المستثمرين أكثر بكثير من المقاهي، وذلك بعد أن أصبحت تستعرض آراء الكثير من المحللين المعروفين، إلى جانب أنها تضم عددا كبيرا من المستثمرين لا تتحملهم أية قهوة في مصر. ويقول مصطفى إن المنتديات والآراء المعروضة فيها أصبحت تؤثر على قرار الكثير من المستثمرين في البورصة، مشيرا إلى أن تعامله في البورصة علّمه الكثير من الأشياء التي استفاد منها في حياته، سواء الشخصية أو العملية، حتى إنها علمته كيف يدير وقته جيدا، وعلمته ألا ييأس.

وينصح مصطفى كل شاب بأن يستثمر وقته في شيء مفيد، وأن تكون وظيفته الحالية ما هي إلا نواة لحلم خاص أو استثمار خاص به في المستقبل. ويقول إن دراسة أساليب الاستثمار تعلم الإنسان كيف يبدأ حياته من راتب يتقاضاه من صاحب العمل، إلى أن يصبح صاحب عمل يصرف الرواتب لموظفيه، فالاستثمار في رأي مصطفى ليس شرطا أن يكون في البورصة فقط، بل يمكن أن يكون في مجالات أخرى كثيرة.

وفي ختام يومه معنا يقدم مصطفى هذه النصيحة: «المهم أن يعرف الإنسان ماذا يريد، ويتعلم المرء أن يصل إلى هدفه بطريقة صحيحة دون أن يقابله الكثير من العوائق التي تجعله ينتقل من عناء الأمل إلى راحة اليأس».