خامنئي لأميركا: ينبغي ترجمة التغيير إلى أفعال.. والمنطقة تكن حقدا على واشنطن

المرشد الأعلى منتقدا الإصلاحيين: احترام أمتنا اليوم ينعكس في العالم

TT

أعلن المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية، آية الله علي خامنئي، أمس، أن التغيير في السياسة الأميركية في المنطقة ينبغي أن يترجم إلى أفعال، وجاءت تصريحات خامنئي قبل ساعات من إلقاء الرئيس الأميركي باراك أوباما خطابه المنتظر في القاهرة أمس. وقال خامنئي، في خطاب بمناسبة الذكرى العشرين لوفاة مؤسس الجمهورية الإسلامية آية الله روح الله الخميني، إن «أمم المنطقة تكن حقدا عميقا للولايات المتحدة لأنها لمست منها العنف والتدخلات العسكرية والتمييز منذ سنوات». وتابع أن «الحكومة الجديدة تسعى إلى تغيير هذه الصورة» معتبرا أن «ذلك لن يتم بالكلام والخطابات والشعارات». وقال إن «الأفعال ضرورية ولا يمكن إزالة هذا الحقد بالكلام والخطابات والشعارات». ويعتبر النظام الإيراني الولايات المتحدة المسؤول الأول عن زعزعة الاستقرار والأزمات في الشرق الأوسط، فيما ترى الولايات المتحدة أن إيران هي العقبة الأولى التي تحول دون عودة الهدوء إلى المنطقة. وبالرغم من الانتقاد الضمني لسياسات أوباما حتى الآن، فإن محطات التلفزيون الإيرانية نقلت أجزاء من خطاب أوباما لاحقا، كما نقله تلفزيون العالم على الهواء مباشرة مع ترجمة فورية. كذلك، اتهم خامنئي الأميركيين بـ«الكذب» على صعيد البرنامج النووي الإيراني. وأضاف «قلنا مرارا إننا نريد الطاقة النووية لأغراض سلمية وصناعية. لكنهم يكررون أن إيران تسعى إلى الحصول على القنبلة النووية. وأمتنا تكرههم لأنهم يقومون بذلك». وتخشى دول عدة، خصوصا غربية، أن تتمكن طهران من تحويل برنامجها النووي المدني لأهداف عسكرية. وتابع خامنئي «منذ أعوام عدة، كررت أمتنا والمسؤولون فيها أننا لا نريد أسلحة، هذا الأمر يحظره الإسلام. حتى لو دفعوا لنا ثمنها فإننا لا نريدها». وهتف الحشد الذي كان يتحدث أمامه المرشد الأعلى الإيراني أن «الطاقة النووية حقنا الذي لا تراجع عنه».

وعلى صعيد الحملة الانتخابية الإيرانية، قال خامنئي إنه يجب ألا يكون «احترام» الجمهورية في العالم محل تشكيك، في انتقاد ـ فيما يبدو ـ للإصلاحيين الذين ينافسون الرئيس محمود أحمدي نجاد في الانتخابات التي تجرى هذا الشهر. وتحدث الزعيم الإيراني بعد يوم واحد من اتهام منافس معتدل للرئيس المحافظ بإذلال الأمة من خلال تبنيه سياسات خارجية «متطرفة». وأعرب رئيس الوزراء السابق مير حسين موسوي عن هذا الادعاء في مناظرة ساخنة بثها التلفزيون وأبرزت خلافات واضحة في السياسة والشخصية بين المرشحين اللذين ينظر إليهما على أنهما الأبرز في الانتخابات الرئاسية التي تجرى في 12 يونيو (حزيران). وفي المناظرة التي استمرت 90 دقيقة وبثها التلفزيون الإيراني على الهواء وأخذت بألباب الأمة تبادل المرشحان اللطمات في قضايا تتراوح بين الاقتصاد والعلاقات مع الولايات المتحدة إلى محارق النازي التي شكك فيها أحمدي نجاد مرارا. ويقول منتقدو أحمدي نجاد، ومن بينهم بعض المحافظين، إن خطبه النارية المناهضة للغرب عزلت إيران التي هي على خلاف مع الغرب بشأن أنشطتها النووية المثيرة للخلاف. وكان خامنئي قد أشاد فيما سبق بتعامل أحمدي نجاد مع القضية النووية. وفي الشهر الماضي دعا الإيرانيين لدعم مرشح مناهض للغرب دون أن يذكر أي أسماء.

وقال خامنئي في كلمته التلفزيونية «احترام أمتنا اليوم ينعكس في العالم». وأضاف «أنا لا أقبل أقوال من يتخيلون أن أمتنا جرى التقليل من شأنها في العالم بسبب التزامها بمبادئها... هذا المسار سيستمر حتى تحقيق الانتصار النهائي». وكان موسوي قد قال إنه سيواصل المحادثات النووية مع القوى الكبرى إذا تم اختياره رئيسا، على النقيض من أحمدي نجاد الذي استبعد إجراء أي مفاوضات من هذا النوع مع الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وألمانيا وبريطانيا. وقال موسوي في مناظرة أول من أمس، إن كرامة الإيرانيين تضررت منذ انتخب أحمدي نجاد عام 2005. ورد الرئيس متهما موسوي وداعميه، ومنهم الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي، بمحاولة إضعاف إيران برغبته في اتباع سياسة «الوفاق» مع الغرب. وكانت شوارع العاصمة طهران شبه خالية من المارة، حيث شاهد ملايين الإيرانيين المناظرة. وتدفق أنصار المنافسين إلى الشوارع بعد انتهائها حاملين صورا لمرشحيهم وأخذوا يهتفون ويطلقون نفير السيارات. وهذه هي المرة الأولى منذ قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 التي يتم فيها بث هذه المناظرات في انتخابات رئاسية. وحث خامنئي الإيرانيين على التحلي بالهدوء في الحملة الانتخابية تجنبا «للخصومة» و«الفوضى». وقال «ليست لدي أي مشكلة مع المناظرات والانتقادات لكن حاولوا أن تقوموا بهذا في إطار العمل الصحيح من الشريعة والدين». على صعيد آخر، وجهت إيطاليا ـ الرئيس الحالي لمجموعة الثماني ـ الدعوة رسميا لإيران لحضور مؤتمر مجموعة الثماني الذي يعقد على مستوى الوزراء بشأن أفغانستان في وقت لاحق من يونيو (حزيران)، وقال دبلوماسي إيطالي رفيع إنه يتوقع حضور طهران. وقال سيرجيو ميركوري المبعوث الإيطالي الخاص لأفغانستان للصحافيين «نعم إيران مدعوة للمؤتمر. نحن مقتنعون أنهم سيقبلون الدعوة». وقالت الولايات المتحدة إنها ترغب في زيادة تواصلها مع إيران وباكستان كجزء من منهج إقليمي أوسع للتعامل مع القوة المتنامية لمتشددي طالبان في جنوبي وشرقي أفغانستان. ويهدف المؤتمر، الذي يعقد يومي 26 و27 يونيو، إلى مشاركة جيران مثل إيران في تعزيز استقرار أفغانستان. وقال ميركوري إن البنود المدرجة على جدول الأعمال تتضمن جهود تأمين الحدود ومكافحة تهريب المخدرات وتعزيز التنمية الاقتصادية.

ويأتي ذلك فيما اعتبر وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، أمس، أن اللقاء الذي جمع في باريس الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ووزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي «يثير استياء كبيرا». وقال ليبرمان إثر اجتماعه في مينسك برئيس بيلاروسيا، ألكسندر لوكاشنكو «المؤسف أن غالبية دول أوروبا تقيم علاقات دبلوماسية» مع إيران، الخصم اللدود لإسرائيل.

وأضاف «بالنسبة إلينا، فإن اللقاء بين الرئيس الفرنسي ووزير الخارجية الإيراني أمر يثير استياء كبيرا». وأكد ليبرمان أن «إيران (تشكل) تهديدا للاستقرار في الشرق الأوسط. الإرهابيون والمقاتلون الذين يتحركون في منطقتنا يتلقون جميعا تدريبا من إيران ويستخدمون أسلحة من إيران ويتلقون تمويلا من إيران». والأربعاء، استقبل ساركوزي متقي لأكثر من ساعة، وأدان أمامه التصريحات الأخيرة للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، التي نفى فيها حصول المحرقة، وفق بيان لقصر الإليزيه.