المزاج السني «متعكر».. والمعارضة تطمح إلى تسجيل نقاط في معقل الحريري

الانتخابات اللبنانية.. بين الحصص المذهبية والخيارات السياسية

رئيس الأكثرية البرلمانية في لبنان، النائب سعد الحريري، في لقاء انتخابي جمعه أمس مع حشد من مؤيديه في بيروت. (أ.ب)
TT

على الرغم من أن الاستطلاعات تظهر بوضوح شعبية كبرى لـتيار المستقبل في كل المناطق السنية التي ينازل فيها خصومه، فإن الماكينات الانتخابية للتيار لا تهدأ، وهي تنطلق من أن المفاجآت واردة جدا، في أي دائرة، وعليها أن تبقى في يقظة وحذرٍ كاملين. لذلك في كل مركز اقتراع صغير، سيوجد يوم الانتخاب حوالي 85 شخصا للتيار، مهمتهم، تأمين أقصى حالات الاستنفار لدى الناخبين، وضمان الحد الأعلى من الأصوات، دون التفريط بأي صوت. فالمزاج السني بات مترددا في بعض الأحيان، وهذا ما يجعل تيار المستقبل قلقا ومستنفرا! فكيف سيقترع السنة يوم الأحد المقبل؟ ما الذي يحدد خياراتهم؟ وما هي توجهاتهم؟

يشكل السنة في لبنان أقل من ثلث عدد السكان، يتمركز غالبتهم في المدن الساحلية الكبرى. ويقدر عدد المقترعين منهم في الانتخابات النيابية المقبلة بنحو 851.670 ناخبا. هؤلاء يوجدون بكثافة في دوائر الشمال: طرابلس، المنية ـ الضنية، عكار، وفي دائرة بيروت الثالثة، ومدينة صيدا، والبقاع الغربي. لكن أصواتا سنية لا بأس بها ستكون مؤثرة في عدد من الدوائر لا سيما زحلة حيث المنازلة حادة. ويتنافس 160 مرشحا سنيا تقريبا على 27 مقعدا نيابيا، موزعة على النحو التالي: الشمال 11، بيروت 6، جبل لبنان 2، الجنوب 3، البقاع 5 مقاعد.

وقد صوت السنة في لبنان عام 2005 بشكل كاسح للوائح تيار المستقبل و14 آذار التي قادها سعد الحريري، إثر استشهاد والده في جريمة اغتيال اعتبر اللبنانيون أنها تجاوزت كل الخطوط الحمراء ولا بد من معاقبة مرتكبيها. أربع سنوات مضت منذ ذلك التاريخ وكأنها دهر، عاش خلالها لبنان أزمات عصية، وصدامات مسلحة متنقلة، وحربا إسرائيلية مدمرة عام 2006 واعتصامات وتظاهرات، ومشاحنات بين فريقي الأكثرية والأقلية، وفتن طائفية ملتهبة بين السنة والشيعة. أحداث يعتقد البعض أنها ستترك أثرها على الانتخابات المقبلة، وعلى الناخبين السنة بطبيعة الحال، وهو ما يجعل تيار المستقبل يشعر بالقلق حتى في الدوائر التي كانت الأكثر وفاء له في انتخابات 2005 مثل طرابلس، والمنية ـ الضنية. يشرح لنا مدير مكتب انتخابي لـتيار المستقبل في طرابلس، يرفض الكشف عن اسمه: «أن 60% من الناخبين، يشكلون قوة أكيدة للتيار في المدينة، لكن هناك 40% لا نعرف لمن سيقترعون خلف العازل». ولا يوفر تيار المستقبل أي أسلوب في المناطق المحسوبة له إلا وينتهجه لاستمالة الناخبين، من مهاتفة السكان عائلة عائلة، إلى طرق الأبواب بيتا بيتا، هذا غير المكاتب الكثيفة التي افتتحها في كل المناطق. ويقول مدير المكتب الانتخابي: «نعلم أن طرق الأبواب، والاتصالات الهاتفية ليست مثمرة بالضرورة، فالناخب يقول نعم أنتخبكم وحين يصبح خلف العازل يفعل ما يشاء. لذلك علينا أن لا نشعر بالاطمئنان بتاتا. نحن نعمل على مدار النهار منذ أكثر من شهر، هناك العائلات التي نتواصل معها، السيارات التي يجب أن نؤمنها لمن يحتاجها، الخدمات التي يجب أن نؤديها للناخبين». وعن الخطاب الذي توجهه الماكينة للناخبين يقول مدير المكتب: «هناك عمل دؤوب مع الناس، نحاول أن نقنعهم بأن لبنان يجب أن لا يترك لسورية وإيران، وأن الهجمة علينا كبيرة، وأن الطائفة السنية يجب أن تتكتل. نقول لهم نريد دولة لا ميليشيا من المسلحين، وعليهم أن يصوتوا للائحة الشيخ سعد، كي لا يكون لبنان في خطر. هذه هي الأمور التي نعمل عليها». وعن آلية العمل يقول مدير المكتب الانتخابي: «لكل مركز اقتراع صغير يضم 3 أو 4 آلاف ناخب، يوجد 40 مندوبا للتيار بين ثابت وجوّال، وهناك 45 شخصا وظيفتهم التنسيق مع العائلات وإحضارهم، إضافة إلى رئيس الماكينة ونائبين له. وكل شخص من منسقي العائلات، ملزم بأن يأتي بعشرين شخصا من عائلته كحد أدنى لينتخبوا». رسمت الدوائر الانتخابية في «اتفاق الدوحة» بحيث لا تترك مجالا لمفاجآت أو منافسات كبيرة إلا في بعض الدوائر الانتخابية المسيحية، لكن العام الماضي، وما شابه من مخاضات، لحقت بأحداث 7 مايو (أيار) 2008، جعلت الدوائر الانتخابية ذات الطابع السني تتململ بعض الشيء. فهجوم أنصار المعارضة على بيروت وعلى رأسهم حركة أمل وحزب الله، والعجز السني عن مواجهة هذه الحركة المسلحة، ترك لدى الطائفة السنية إحساسا بالعجز، والكثير من التساؤلات حول المسار الذي انتهجه تيار المستقبل حينها. لكن هذه التململ عند سنة 14 آذار، ومناصري تيار المستقبل، لم يقلب الموازين لصالح فريق المعارضة، بقدر ما رجح كفة شخصيات ذات لون متوازن، ضمن تيار المستقبل أو خارجه، مثل رئيس الوزراء السابق نجيب ميقاتي الذي ينادي بـ«الوسطية» نهجا وسلوكا، والوزير محمد الصفدي الذي اقتصد في انتقاد سورية طوال السنوات الأربع الماضية، رغم انتمائه إلى فريق الأكثرية، ووزير الثقافة الحالي تمام سلام (ابن رئيس الوزراء الأسبق صائب سلام) الذي دخل الانتخابات كمرشح مستقل على لوائح 14 آذار في بيروت الثالثة. ومع غياب صدمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، عادت واستفاقت العصبيات العائلية، والمزاحمات الشخصية، ولعبت كثرة عدد المرشحين الراغبين في ولوج لوائح 14 آذار ـ مع محدودية الأماكن المتاحة ـ دورا في استبعاد عدد ممن اعتبروا أساسيين في الموالاة مع بقائهم مرشحين ومنافسين لزملاء لهم من الفريق نفسه. هذا كله خلق بلبلة في الساحة السنية، قد تتسبب في اختراقات للوائح 14 آذار هنا وهناك، لكنها، على الأرجح لن تنقل السنة خلال هذه الدورة الانتخابية من ضفة سياسية إلى أخرى مختلفة. ويشرح عبد الغني عماد هذا الوضع معتبرا «أن ثمة فرقا بين المزاج السني السياسي والمزاج الانتخابي. فالانتخابات لها علاقة بالمصالح والخدمات والأحجام. والتنوع الذي طرأ على المرشحين بقي ضمن إطار 14 آذار وليس بالتناقض معه. ففي بيروت مثلا لا يوجد معارضون جادون، وقد تم استيعاب شخصية مثل تمام سلام وكذلك الجماعة الإسلامية بضم عماد الحوت إلى لائحة تيار المستقبل، في إطار الانفتاح على قوى سياسية سنية أخرى. وكذلك الحال في طرابلس حيث تم استيعاب حالة انتخابية صاعدة مثل رئيس الوزراء السابق نجيب ميقاتي، وبقيت الحالة الوحيدة التي تغرد خارج السرب ممثلة برئيس الوزراء الأسبق عمر كرامي، وفتحي يكن الأمين العام لجبهة العمل الإسلامي. وعمليا لم نر أن المعارضين في أي من الدوائر ذات الغالبية السنية، استطاعوا تشكيل لائحة جدية من أسماء لها وزن». ويكمل عماد: «هذا دليل على أن المزاج السني لم يتغير كثيرا عن الانتخابات السابقة، ورغم كل ما يقال عن الإسلاميين. فهناك مرشح السلفيين هو حسن الشهال، وثلاثة غيره ربما، ولا يبدو من الآن أنهم يستطيعون أن يحصدوا أصواتا وازنة، وبالتالي من الواضح أن الحالة الإسلامية ضخمت إعلاميا وأعطيت أكبر من حجمها». ويكمل عماد «التغيير حصل بمعنى الرغبة السنية في البحث عن التنوع ضمن إطار 14 آذار، وتيار المستقبل وليس خارجه. وقد فهم الآخرون اللعبة وانضموا إلى لوائح المستقبل، مسايرة للمزاج السائد. فالطائفة السنية كبيرة، وأكبر من أن يحكمها حزب واحد لأمد طويل. فمرحلة استشهاد الرئيس الحريري مضت، وسنرى في السنوات الأربع المقبلة بروز حالات استقلالية جديدة، ولكن ضمن الخط العام».

لكن الباحث كمال فغالي، رئيس «مركز بيروت للإحصاء والتوثيق» لا يرى أن القوى السنية الصاعدة هي التي هرعت للانضمام تحت لواء تيار المستقبل، بقدر ما يرى أن «انفتاح تيار المستقبل على هذه القوى السنية الصاعدة والتحالف معها جاء دلالة على تقلص نفوذ التيار، وحاجته إلى تحالفات كان بغنى عنها في الانتخابات السابقة». ويؤكد أن «نفوذ الحريري تقلص في طرابلس بشكل خاص بعد الأحداث الدموية التي عصفت بها الصيف الماضي». وعلى هذا يجيب النائب عن تيار المستقبل والمرشح عن منطقة المنية ـ الضنية، أحمد فتفت، بالقول: «لننتظر يوم 8 يونيو (حزيران) وسيرى الجميع النتائج، نحن نتوقع أن تكون كتلة نواب المستقبل في الشمال أكبر مما هي عليه اليوم أو على الأقل بنفس الحجم أي 14 نائبا». ولا يتردد فتفت في أن يقول إن «توقعات المستقبل هي فوز الموالاة بحوالي 62 إلى 72 مقعدا في المجلس الجديد». أعفى اتفاق الدوحة بيروت الثانية، من منازلة انتخابية حامية، خاصة أنها دائرة متنوعة طائفيا وسياسيا، وذلك من خلال اتفاق ضمني وزع مقاعدها الأربعة بالتساوي بين فريقي 14 و8 آذار لكل منهما مقعدان. أما بيروت الأولى ذات الغالبية المسيحية فستشهد معركة حامية الوطيس بين الجنرال ميشال عون والقوى المسيحية الأخرى في 14 آذار. أما بيروت الثالثة، التي تم تفصيلها أساسا لتكون ذات غالبية سنية وتضم حوالي 160 ألف ناخب سني، فهي معقل الحريرية وبالإمكان القول إن نتائجها محسومة للائحة سعد الحريري المكتملة بمرشحيها العشر الموزعة على النحو التالي: السنة (5) الشيعة (1) الأرثوذكس (1) الدروز (1) الأقليات (1) والإنجيليين (1)، التي يفترض أن تصل كاملة إلى المجلس النيابي. ومع ذلك لم يقطع فريق 8 آذار أي أمل في اختراق اللائحة الحريرية الأهم، والأكثر رمزية، وحدثت نزالات كبيرة بين مرشحي فريق 8 آذار لا سيما بين مرشحي المقعد الأرثوذوكسي نجاح واكيم وبشارة مرهج، لدى تشكيل اللائحة المعارضة. وعلى الرغم من أن المعركة لا تبدو متكافئة في أي حال فإن هؤلاء اعتمدوا على وجود طوائف متعددة بأعداد صغيرة، لكن مجموع أصواتها قد يغير شيئا من المعادلة وفق حساباتهم. ففي بيروت الثالثة حوالي 33 ألف ناخب شيعي و45 ألف ناخب مسيحي، و3 آلاف ناخب درزي، و500 علوي، إضافة إلى «جمعية المشاريع الخيرية» (الأحباش)، وتجمعات حزبية يسارية متنوعة ذات نزعة عروبية، بالإضافة إلى المجنسين حديثا أيام الوجود السوري في لبنان ويقدرهم البعض بخمسين ألفا. وهؤلاء قد تنحاز نسبة كبيرة منهم للمعارضة. لكن السؤال الكبير: هل سيتمكن هؤلاء من انتزاع مقعد واحد، من كتلة انتخابية حريرية، شديدة الانحياز لتيار المستقبل؟ قد يكون الجواب بالنفي، لكن المعارضة تخوض المعركة بجدية، ويفسر محللون هذا الاستشراس على مقاعد قد تكون محسومة سلفا بأن قساوة المنافسة بين فريقي 8 و14 تجعل كل التفاصيل مهمة، ومجرد تسجيل النقاط، وانتزاع الأصوات ولو لم تكن كافية للفوز، هو من لوازم هذه المنازلة الانتخابية الحادة.

يصح القول إن معركة رئاسة الوزارة لما بعد الانتخابات تدور رحاها في طرابلس. فالمرشحون الأربعة الكبار لهذا المنصب من أبناء هذه الدائرة التي تعد حوالي 148 ألف مقترع سني إضافة إلى أقليات من طوائف أخرى ينتخبون 8 نواب (5 سنة، ماروني واحد، أرثوذوكسي وعلوي). وقد استبق سعد الحريري حصول مفاجأة قد تخترق لائحته في عاصمة الشمال، كما فضل المرشحان الكبيران في المدينة تجنب أي مخاطرة، وشكلوا معا ما سمي «لائحة التضامن الطرابلسي». وهكذا وجد على لائحة واحدة رئيس الوزراء السابق نجيب ميقاتي الذي يتمتع بشعبية كبيرة في المدينة، والمعروف بأنه ليس بعيدا عن سورية، إضافة إلى وزير الاقتصاد والتجارة الحالي محمد الصفدي الذي له خدمات مهمة في طرابلس، ومواقفه معتدلة. ويتمثل سعد الحريري في هذه اللائحة ـ وهو المرشح الأبرز لرئاسة الوزارة في حال فاز فريق 14 آذار ـ بالنواب سمير الجسر، محمد كبارة، بدر ونوس (علوي) والكتائبي سامر سعادة (ماروني)، إضافة إلى روبير فاضل (روم أرثوذوكس)، والنائب السابق أحمد كرامي. وهذه اللائحة التي استحقت مفاوضات طويلة وشاقة بين أقطابها السنة الثلاثة (حريري، ميقاتي، الصفدي)، ستفوز بالكامل بحسب «الدولية للمعلومات» و«مركز الإحصاء والتوثيق». لكن الماكينة الانتخابية لتيار المستقبل لا تزال تخشى خرقا للائحة يطيح بمرشحها الأضعف أحمد كرامي الذي جاء باقتراح من ميقاتي، وكان غائبا عن الساحة السياسية تماما بالنسبة للمقترعين، وقد يختارون بدلا منه ابن عمه رئيس الوزراء الأسبق عمر كرامي، الذي أخرج من «اللائحة التضامنية الطرابلسية» رغم تراثه العائلي التقليدي في طرابلس مما جعله يتهم أقطابها الأثرياء الثلاثة بأنهم يريدون أن يربحوا بسلطة المال. أما المرشح الثاني الذي قد يخترق اللائحة فهو النائب مصباح الأحدب من 14 آذار الذي استبعد بسبب عدم توفر الأماكن، وبقي على ترشحه المستقل.

وتتحدث لـ«الشرق الأوسط» مسؤولة حملة انتخابية لأحد المستقلين المرشحين ضد لائحة التضامن فتقول: «أخبارنا أن الأقطاب الموجودين على اللائحة على الرغم من أنهم وحدوا ماكيناتهم الانتخابية فإنهم لا يأمن بعضهم بعضا.. فلكل منهم طريقته في قلب الطاولة على الآخرين. وفي هذه الحالة فقط سيستفيد المرشحون المعارضون في المدينة». لكن مدير مكتب انتخابي تابع للحريري يؤكد «أن شيئا من هذا لن يحدث، فالأوامر صارمة. وعن هذا الموضوع يقول نائب تيار المستقبل أحمد فتفت لـ«الشرق الأوسط»: «حلفاؤنا لهم مصلحة انتخابية بالالتزام معنا. من ناحيتنا سنلتزم ولا أرى لهم مصلحة في أن لا يبادلوننا الالتزام».

هي واحدة من أكثر المناطق اللبنانية حرمانا، لها ارتباطات تجارية قوية بسورية، وبدت أثناء الوجود السوري في لبنان مستسلمة لامتدادها الجغرافي صوب الشام، بعض قراها لا تعرف إن كانت سورية أم لبنانية أم الاثنين معا. لكن عكار بعد خروج الجيش السوري من لبنان ولت وجهها صوب تيار المستقبل، وانتخبته بكثافة عام 2005. دفعت أثمانا بشرية باهظة أثناء معركة نهر البارد، إذ كان غالبية شهداء الجيش من أبنائها، واتهمت بالإرهاب في صيف 2008 بعد أن تبين أن نسبة كبيرة من المطلوبين في حوادث تفجيرات ضد الجيش من أبنائها أيضا. وتلعب العشائرية والعصبية العالية دورا مهما في عكار، ولم يكن من السهل على سعد الحريري أثناء تشكيل لائحته مؤخرا أن يستبدل بعض النواب الحاليين بمرشحين غيرهم، ووصل الحال حد إطلاق الرصاص وقطع الطرقات، من قبل إحدى العشائر لاستبدال أحد أفرادها وهو النائب الحالي محمد سليمان بمرشح آخر. وعلى الرغم من هذا الخلاف مع من يعرفون بـ«العرب»، والكلام على أن المرشحين الجدد غير معروفين ولا ينتمون جميعا إلى عائلات وازنة، فإن المتوقع أن تفوز لائحة الحريري كاملة في هذه المنطقة. غير أن النائب عن تيار المستقبل أحمد فتفت، يرى «أن ثمة عملا لا بد من استكماله في عكار قبل يوم الانتخاب مع عائلة المرعبي والعرب، وهؤلاء تعدادهم كبير، وهناك مرشح للعرب أخرج من لائحة 14 آذار، وبقي منفردا ويرفض أن ينسحب لصالحها. وهذه نقطة ضعف للائحة». ثمة خلاف آخر في دائرة المنية ـ الضنية، بين رئيس تيار المستقبل سعد الحريري وعائلة علم الدين، حين حاول استبدال النائب هاشم علم الدين بالمرشح بسام الرملاوي. فهاجت العائلة واستنفرت عصبيتها، وضغطت بكل قواها لإعادة مرشحها إلى اللائحة التي عادت لتضم نفس مرشحي عام 2005 وهم: أحمد فتفت، قاسم عبد العزيز وهاشم علم الدين. وإضافة إلى العصبيات العائلية التي يخشى أن تطيح بأحد هؤلاء المرشحين، فإن ثمة من يعتبر أن جهاد الصمد الذي يتهمه أحمد فتفت بأنه مرشح السيد حسن نصر الله، لا يزال مصرّا على خوض المعركة وإن بدا أن حظوظه تضاءلت.

للمرة الأولى منذ عام 1972 تدور الانتخابات في هذه الدائرة، من دون دائرتي الجنوب والنبطية، وبعيدا عن تأثير الناخب الشيعي. ويحرص حزب الله على أن لا تكون صيدا، بوابة الجنوب، بعيدة بالكامل عن نفوذه رغم أن غالبية سكانها من السنة (43 ألف ناخب سني) في ما لا يزيد عدد الناخبين الشيعة عن 5 آلاف. وكان ثمة رغبة عند المعارضة في أن يترشح لمقعديها السنيين الوزيرة الحالية بهية الحريري وأسامة سعد من قوى 8 آذار، كنوع من التسوية، وللحفاظ على التوازن في المدينة. لكن ترشح رئيس الوزراء فؤاد السنيورة عن المقعد الثاني في مواجهة أسامة سعد، أثار حفيظة 8 آذار ورأوا فيه تحديا كبيرا ونوعا من الاستفزاز. وعلى الرغم من أن المعركة تدور في حقيقة الأمر على مقعد واحد بحكم موقع بهية الحريري المحصن في صيدا، فإن عدم فوز السنيورة، بما يمثله كرئيس للوزراء، وما له من مواقف في مواجهة المعارضة في السنوات الأربع الأخيرة، ستكون رمزيته كبيرة ونتائجه مدوية على تيار المستقبل. علما بأن شعبية فؤاد السنيورة تضررت، بحكم غيابه المديد عن المدينة، وانشغاله بمناصب وزارية لسنوات إلى جانب الرئيس الراحل رفيق الحريري، قبل أن يترأس الوزارة. وكانت «الدولية للمعلومات» قد نشرت استطلاعا منذ ما يقارب الشهر حصلت فيه بهية الحريري على حوالي 55% من الأصوات وأسامة سعد ما يقارب 44%، في ما حصد فؤاد السنيورة 39%. لكن استطلاعا جديدا لـ«الدولية للمعلومات» كما أخبرنا محمد شمس الدين، وآخر لـ«مركز الإحصاء والتوثيق» بحسب ما يؤكد كمال فغالي، أوضحا أن فؤاد السنيورة بات متفوقا على أسامة سعد، مما يؤشر إلى فوز «المستقبل» بالمقعدين في صيدا.