ميتشل: أوباما يريد استئناف المفاوضات فورا.. وإسرائيل تشتكي: الأوروبيون الأكثر فظاظة

عباس مستبقا الدعوة لإطلاق المفاوضات: قمنا بواجبنا.. وعلى إسرائيل تنفيذ البند الأول من «خريطة الطريق»

TT

وصل الموفد الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل إلى تل أبيب، أمس، ليبدأ جولة وصفت بأنها تستهدف «المباشرة في تطبيق رؤية الرئيس الأميركي باراك أوباما حول السلام في الشرق الأوسط»، وأن الخطوة الأولى التي سيبدأها هي السعي لاستئناف المفاوضات الرسمية بين إسرائيل والفلسطينيين حول هذا السلام فورا. واستبق الرئيس الفلسطيني محمود عباس، تلك الدعوة، ليعلن أنه لا يمانع في بدء المفاوضات إذا كان ذلك طلب الرئيس أوباما، لكنه أشار إلى أن المطلوب من إسرائيل قبل العودة إلى المفاوضات، هو تنفيذ البند الأول من خطة خريطة الطريق.

ونقل ميتشل في مستهل اجتماع للجنة المختصة بالجهات المانحة للفلسطينيين في العاصمة النرويجية، أوسلو، أمس، عن الرئيس الأميركي باراك أوباما، أنه يعتبر أن حل الدولتين هو الحل السياسي الوحيد القابل للحياة. مؤكدا أن هذا الأمر هو على رأس الأجندة الأميركية. وأوضح ميتشل، أن أوباما يرغب في استئناف المحادثات على الفور بين إسرائيل والفلسطينيين بهدف التوصل إلى تسوية سلمية شاملة في الشرق الأوسط. وقال إن الرئيس أوباما طلب منه بذل قصارى جهده لخلق المناخ الملائم لاستئناف المباحثات حالا. وسيلتقي ميتشل في إسرائيل، ابتداء من صبيحة اليوم، كلا من نتنياهو، والرئيس شمعون بيريس ووزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، ووزير الدفاع، إيهود باراك. وسيعرض باراك عليه لائحة بالإجراءات التي نفذها لتخفيف معاناة الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة. وسيبلغه بقائمة تضم عدة إجراءات أخرى تنوي الحكومة تنفيذها خلال الفترة القادمة في إطار تطبيق المرحلة الأولى من «خريطة الطريق»، بما في ذلك الانسحاب من المدن والبلدات الفلسطينية إلى المواقع التي كانت ترابط بها قبل سبتمبر (أيلول) سنة 2000، أي قبيل اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية وإطلاق سراح عدد من الأسرى الفلسطينيين. وقالت مصادر سياسية عليا في إسرائيل، أمس، إن نتنياهو سيطلع ميتشل على المضمون الأساسي للخطاب الذي سيلقيه في جامعة بار ايلان في رمات غان (بمحاذاة تل أبيب)، يوم الأحد القادم، ويعتبرونه في إسرائيل مهما للغاية وهناك من يقول إنه سيكون خطابا «تاريخيا». وأضافت هذه المصادر أن نتيناهو سيوضح للمبعوث ميتشل أن حكومته ليست رفضية وأنها تتعامل بمنتهى الإيجابية مع طروحات الرئيس أوباما. ومن جهتها أكدت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون في واشنطن أنها لا تتأثر بسياسة الرفض التي يبديها نتنياهو وقالت: «لا تحكموا على نتنياهو من تصريحاته الأولية، فكل رئيس حكومة في إسرائيل توصل في السنوات الأخيرة إلى قناعات جديدة. ولا أحد كان يتوقع مثلا أن يقدم رئيس الوزراء السابق، أرئيل شارون، على إزالة جميع المستوطنات في قطاع غزة وشمالي الضفة الغربية سنة 2005 ولم يتوقع أحد أن يوافق رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق، إيهود أولمرت، على إعادة الأراضي الفلسطينية والسورية التي احتلت العام 1967». وفي رام الله اعتبر الرئيس عباس، أن طلبه إلى إسرائيل تطبيق البند الأول من خريطة الطريق ليس شرطا، وإنما مدخل ضروري للمفاوضات، وقال «نحن لا نضع شروطا مسبقة للمفاوضات ولا نخترع أشياء جديدة» وأضاف «ما نريده هو أن تفي إسرائيل بالتزامات خريطة الطريق التي قبلتها قبل سبع سنوات». وينص البند الأول من خريطة الطريق، على وقف الاستيطان وما يسمى بالنمو الطبيعي في المستوطنات، وفتح مؤسسات القدس المغلقة، وإعادة الأوضاع لما كانت عليه قبل 28 سبتمبر (أيلول) 2000، (أي قبل بدء الانتفاضة الثانية). وفي المقابل، فعلى السلطة أن تحارب كل أشكال «الإرهاب» وتكبح جماح الجماعات المسلحة. وقال عباس «هذا هو المطلوب الآن.. المطلوب منا هو الأمن والاستقرار، ونحن بدورنا نقوم بواجباتنا.. الأمن متوفر والاستقرار قائم، وبالتالي على إسرائيل أن تقوم بواجبها، فإذا رفضت إسرائيل هذا ورفضت الاعتراف بحل الدولتين فعلى ماذا نتفاوض؟». وجاءت تصريحات عباس، في وقت أكد فيه الموفد الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل، قبل أن يبدأ زيارة لإسرائيل والأراضي الفلسطينية، أن واشنطن تبذل كل ما في وسعها من أجل التوصل سريعا إلى إقامة دولة فلسطينية. ومن جهة ثانية، علم أن مسؤول ملف الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، خافير سولانا، سيصل غدا إلى كل من القدس الغربية ورام الله للقاء المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين ليؤكد انخراط أوروبا في المجهود الأميركي لاستئناف مفاوضات السلام على أساس مبدأ الدولتين للشعبين. وأنه سيربط ما بين الدعم الأوروبي للطرفين وبين تطبيق بنود المرحلة الأولى من خريطة الطريق. وتأتي هذه الزيارة قبل أسبوع من سفر وزير الخارجية الإسرائيلي، ليبرمان، إلى بروكسل للقاء نظرائه الأوروبيين. وقد تم تقديم موعد إلقاء خطاب نتنياهو من الثلاثاء القادم إلى الأحد حتى يستطيع ليبرمان حمل رسالة سلام واضحة إلى الأوروبيين. وقالت مصادر سياسية في القدس، أمس، إن الاتحاد الأوروبي يتصرف بشكل أشد فظاظة من الإدارة الأميركية مع إسرائيل ويهدد بأن لا ترفع أوروبا درجة علاقاتها مع إسرائيل إذا لم تتجاوب مع الإرادة الدولية لإنجاح مسيرة السلام. وقد بدأت لجان الاتحاد الأوروبي في إعداد لائحة بإجراءات عقابية ضد إسرائيل لاستخدامها في حالة عرقلة هذه الجهود، ومن هذه الإجراءات تخفيض درجة التعاون في البحوث العلمية بين الطرفين والفضاء وتشديد مقاطعة البضائع الإسرائيلية المنتجة في المستوطنات.

وأضافت هذه المصادر أن الأميركيين والأوروبيين يتعاونون معا بشكل لم يسبق له مثيل في الضغط على إسرائيل. وأن هذه الضغوط تنتشر على مختلف مجالات العلاقات القائمة حاليا وأنها في حال تطبيقها ستكون موجعة جدا لإسرائيل. وقالت إن الأميركيين والأوروبيين يتابعون التطورات داخل المجتمع الإسرائيلي عن كثب ويستمدون التشجيع في هذه الضغوط من أصوات داخل الحكومة الإسرائيلية نفسها (يشيرون بإصبع الاتهام إلى الوزيرين، باراك وليبرمان) وكذلك من استطلاعات الرأي التي تشير إلى أن 56% من الإسرائيليين يؤيدون الرضوخ للإرادة الأميركية وقبول شروط أوباما للتسوية. وتكشف هذه التصريحات عن طبيعة مهمته في إسرائيل، وسط حالة من الجدل الحاد في الحكومة الإسرائيلية، حول كيفية تعامل إسرائيل مع الطلبات الأميركية، وقال ميتشل إن هدف تلك المباحثات سيكون التوصل إلى سلام شامل وتطبيع للعلاقات بين الدول العربية وإسرائيل، مما يخدم المصالح الأمنية للولايات المتحدة.