بعد 6 أعوام من الإطاحة بحزب «البعث»..العراق بلا قانون أحزاب

الحكومة رفعت مسودة إلى البرلمان.. ونواب يجدون أنها تصلح لـ«الأنظمة الشمولية»

TT

رغم مرور ست سنوات على التغيير في العراق وبروز ما يقرب من 500 حزب وتشكيل سياسي، إلا أنها ما زالت تعمل من دون قانون ينظم عملها. واقتصر الأمر على تعليمات وضعها الحاكم المدني الأميركي السابق في العراق بول بريمر لتنظيم عمل الأحزاب، غير أنه جرى لاحقا إيقاف العمل بها. وهذا ما دفع القوى السياسية المشاركة في العملية السياسية إلى المطالبة بالإسراع بإقرار هذا القانون الذي بقي الحديث عنه يدور داخل أروقة البرلمان حتى قدمت الحكومة قبل أيام مسودة قانون جديد، لاقى اعتراضات من الكتل النيابية حتى قبل مناقشته، واعتبروه قانونا «تسلطيا تعسفيا» سيعيد وضع تشكيل الأحزاب إلى ما قبل سقوط النظام.

ولم يسمح النظام السابق بتعدد الأحزاب في العراق فيما هيمن حزب البعث المنحل على مقاليد السلطة في البلاد.

البرلماني العراقي عن الائتلاف العراقي الموحد، حميد المعلة، قال لـ«الشرق الأوسط»، «إن البرلمان تلقى من الحكومة العراقية قبل أيام مسودة، ما زالت في طور أن تصبح مشروع قانون جديد لتنظيم عمل الأحزاب، وما زالت هذه المسودة لم تأخذ طريقها للنقاش أو العرض على مجلس النواب، وحينما تعرض ستكون هناك اعتراضات وتعديلات»، وأضاف موضحا «أن المسودة فيها متناقضات كونها كتبت بصيغة تعطي انطباعا بأنها تصلح لأنظمة شمولية، فهي تعطي لوزارة الداخلية الحق في إعطاء رخصة للحزب للسماح له أو عدم السماح، وتقديم كشوفات (مالية)، وكأنها عملية تحقيق استخباراتية أكثر من كونها إجازة تأسيس حزب».

وأضاف المعلة قائلا «إن بعض القوانين تصاغ بروحية الحد من المقابل، فهي تسعى دائما إلى تقييد وتكميم المقابل وكأنه مشكوك فيه ابتداء، وهنا يضعون قوانين لتقييده رغم أننا في بلد ديمقراطي، وهذه أمور مرفوضة من كافة الكتل السياسية وسنعمل على تعديلها».

من جانبه، قال محمود عثمان لـ«الشرق الأوسط»، «إن قانون الأحزاب لم يعرض على البرلمان إطلاقا، وهذا نقص كبير، فلا يمكن وجود هكذا عدد كبير من الأحزاب تعمل من دون قانون، وهناك جهود حاليا لتفعيل الأمر بحسب كلام رئيس البرلمان، ويجب أن يقر القانون قبل إجراء الانتخابات، التي يجب أن تكون مسبوقة بإحصاء وقانون أحزاب لضمان نزاهتها»، مضيفا «أن الأحزاب حاليا تعمل كما يحلو لها فلا قانون يحددها».

رئيس لجنة تعديل الدستور في البرلمان الشيخ همام حمودي، قال «إن مشروع قانون الأحزاب الذي وصل لمجلس النواب، لم يكن يمثل الحالة الجديدة في العراق وكأنه قانون مقتبس من النظام السابق، وفيه الكثير من التقييد غير المقبول بهذا الوضع، ولذلك ستتم إعادة النظر بمشروع القانون بشكل كامل». وأضاف «أن هناك مسعى لأن يكتب من قبل البرلمان وليس الحكومة».

وعن أبرز الملاحظات حول مسودة القانون، قال حمودي  «إن هذا القانون يعطي الحق لوزارة الداخلية بالتحكم في الأحزاب والإشراف عليها ومتابعة ومراقبة أنشطتها، وهذا نفس ما كان معمول به في النظام السابق ، وهو شيء مرفوض من قبل الجميع».

وحذرت جهات سياسية من عدم وجود قانون للأحزاب، لأن هناك إمكانية حدوث خروقات أمنية، خصوصا فيما يتعلق بالتدخل المخابراتي والتمويل الخارجي، وأن القانون سيضمن تمويلا ثابتا لهذه المكونات وأيضا معرفة ارتباطات الأحزاب، التي تملك ميليشيات، وكان يفترض إقرار القانون عام 2005 . وقال الخبير في مجال القوانين العراقية طارق حرب لـ«الشرق الأوسط» «إن العراق لم يعرف شيئا اسمه قانون الأحزاب حتى عام 1991 ، عندما صدر قانون الأحزاب، لكنه وضع شروطا قاسية، لذلك تجد أنه لم ينشأ أي حزب إلا حزب البعث العربي الاشتراكي»، مشيرا إلى أن عراقيا قدم طلبا لتأسيس حزب (الخضر) المماثل لأحزاب الخضر في أوروبا، لكن طلبه جوبه بالرفض. وأشار حرب إلى أن قانون بريمر للأحزاب «لم يشترط سوى توقيع باسم الشخص المؤسس للحزب، ولم يشترط أعضاء أو مؤيدين للحزب، كما اشترط عدم دخول الأشخاص في الانتخابات إلا من كان منتظما في حزب أو كيان، واستمر العمل حتى الآن بهذا القانون». وحول المسودة الجديدة، قال حرب إنها «تتضمن تنظيم العمل الحزبي وإقامة الأحزاب، مشترطة عدم إقامة علاقات مع دول أجنبية فيها، أشبه بتحقيق أهداف تلك الدول داخل العراق، وكذلك منع تمويل هذه الأحزاب من الخارج ووضع موازنة سنوية لها».