«طرزان» في متحف الفنون البدائية في باريس

حامي الأدغال وأول المدافعين عن البيئة

TT

سارة بيلين، المرشحة الجمهورية السابقة لمنصب نائب رئيس الولايات المتحدة كانت معادية للنظرية الداروينية، وأدرجت كتاب «طرزان» بين قائمة من 50 كتابا كانت تعتزم سحبها من الأسواق فيما لو فاز الجمهوريون بالانتخابات الرئاسية. وجاء الرد على بيلين بأن قام متحف «كي برانلي» في باريس المخصص للفنون البدائية بتنظيم معرض كبير فريد من نوعه يتمحور حول هذه الشخصية من سلسلة الكتب الكلاسيكية.

الصرخة الشهيرة لـ«الرجل ـ القرد» هي أول ما يسمعه الزائر، التي تجيء مختلطة مع أصوات الأدغال مع موسيقى وأنغام أفريقية. ويشاهد أيضا مقتطفات من أفلام أنتجت في فترات مختلفة حول البطل الأسطوري الذي أصبح رمزا لحماية الطبيعة من أضرار التمدن.

عام 1912 قدم الكاتب الأميركي إدغار رايس بوروز، الذي توفي عام 1950، هذه الشخصية لأول مرة إلى القارئ وخصص لها 26 رواية خلال حياته. وكانت فكرة «الرجل ـ القرد» ولدت لدى بوروز بعد قراءته «كتاب الأدغال» لروديار كيبلينغ واستكشافه أفريقيا في سن الثامنة عشرة من خلال المعرض العالمي في شيكاغو عام 1893. ومنذ البداية، اهتم بوروز بنظريات داروين حول أصل الأنواع ونشوئها، وعكست رواياته تأثره بهذه النظرية. ويشرح روجيه بولاي الباحث في الأنثروبولوجيا والمشرف على المعرض، في تعليقات أوردتها وكالة الصحافة الفرنسية، أن «طرزان سمح بفهم كيفية تشكيل أسطورة من البشرية، بطريقة مرتجلة مبنية من عناصر متخيلة وواقعية». ويتقاسم طرزان مع «موغلي»، شخصية كتاب كيبلينغ، هذه الغريزة الحيوانية التي تسمح باكتشاف الخطر عبر حاستي الشم والسمع، سواء اشتم وجودا غريبا أو سمع حفيف ورقة.

وتحولت رواية «طرزان ملك الغاب» (1912) إلى قصة ملحمية، وإن كان الفضل يعود للسينما في زيادة شعبية هذه الشخصية التي أداها بطل السباحة السابق جوني فايسملر، بمئزره الممزق ومهاراته في الغطس والتزحلق من غصن إلى آخر. وشكلت جاين فياندرا بزيها المؤلف من قطعتين من جلد النمر عنصرا مكملا للوحة الأسطورية. ومثل طرزان نموذجا للرجل النقي الذي يرغمه شر العالم على الخروج من ملاذه. ويصفه روجيه بولاس بأنه «شخصية تتشكل على عكس الأبطال الخارقين الممكنين الذين ظهروا في الحقبة ذاتها. هو الكامل الذي يجسد نظرية روسو في ما يتعلق بالإنسان غير المشوه».

ومن خلال مغامرات طرزان أنتج 42 فيلما إضافة إلى المسلسلات التلفزيونية: من «طرزان الرجل القرد» مرورا بـ«طرزان في نيويورك» حيث يكتشف الرجل البري الطيب أدغال المدن وصولا إلى «غريستوك».

وكان لأسطورة طرزان أيضا حيزها في مملكة الرسوم المتحركة. ويتضمن متحف «برانلي» لوحات رائعة بريشة رسام الشخصية الأسطورية بورن هوغارت، مع بعض لوحات من المجلات والكتب المصورة التي كان طرزان بطلها.

في النهاية يعتبر طرزان، حامي الأدغال الذي لا يكل ضد التجار والمهربين وناهبي الثروات، واحدا من أول المدافعين عن البيئة. ويشدد المشرف على المعرض على أنه «منذ 80 عاما، كان اي.ار.بوروز قد بدأ بالفعل بطرح الأسئلة حول تدمير ثروات أفريقيا».

ويتضمن المعرض أيضا قطعا أفريقية من أقنعة ودروع وقلادات وغيرها، ليكمل الزائر رحلته إلى كوكب طرزان. يستمر المعرض حتى 27 سبتمبر (أيلول) المقبل.