نصير شمة يعزف من أجل حرية العراق

كرّم اللاجئين في يومهم ببيروت

نصير شمة يقدم أغانيه على مسرح اليونيسكو من بيروت («الشرق الاوسط»)
TT

امتزجت مشاعر الفرح بالحزن على وقع أوتار عود العازف العراقي نصير شمة في يوم اللاجئ العالمي، الذي اختار أن يحييه هذا العام في بيروت. هذه الليلة القصيرة لم تشف شغف الحاضرين، لكنها بالتأكيد كانت كفيلة بأن توقظ فيهم الأحاسيس وتنقلهم إلى عالم موسيقي آخر ربما بات يندر الاستماع إليه والاستمتاع به في هذا العصر.

ثقافة شمة الشعرية اختلطت بحرفيته الموسيقية فأنتجت مقطوعات تحمل عناوين شاعرية وتختصر حالات عاطفية ووطنية من دون أن تغيب عن السهرة ألحان قديمة تركت بصمة في عصرها وتربت عليها أجيال تعرف قيمة الموسيقى وتميز الألحان، فكان حضور «أنت عمري» لأم كلثوم و«يا دارة دوري فينا» لفيروز.

غنى فأغنى ليلة اللاجئين الموسيقية ونطقت أنامله بأساهم فأجادت لأنها احترفت اللعب على أوتار العود. قدرة شمة على امتلاك هذه الأوتار جعلته يستحق لقب «الزرياب الصغير» الذي منح إياه في باريس عام 1985. إلا أنه فضل البناء على ما يحققه باسمه. وقال «أريد أن أكون نصير شمة. زرياب هو موسيقي عظيم قدم الكثير من المقطوعات الموسيقية. لذا فإن واجبنا أن نقدم ولو بعضا مما قدمه في عالم الموسيقى مع تطوير أنفسنا في العزف على آلة العود الشرقية».

من معزوفته «زهرة الألم» الهادئة انتقل إلى «لماذا الرجوع إليك عسير» التي يعود تاريخها إلى 150 عاما، ثم «من شرفات عالية يهوى القلب»، وصولا إلى مقطوعة «البهجة المتأخرة» المستلهمة من لحن عراقي قديم والتي اختصر فيها بهجته المتأخرة حيال خبر انسحاب الجيش الأميركي من المحافظات العراقية وانفعالاته التي رافقت إعلان هذا الحدث. واستغل شمة وجوده في مسرح اليونيسكو في بيروت وسط عدد كبير من اللاجئين العراقيين الذي تهافتوا لسماع موسيقاه بدعوة من «مفوضية شؤون اللاجئين في لبنان»، ليقول «لا بد من أن أعزف لمن سالت دماؤهم من أجل أن يخرج الأميركي من بلدنا. لا أظن أن عزفي سيدفع كل عراقي إلى نسيان الألم الذي عاشه خارج وطنه، كما أنه لن يدفع هذا العراقي اللاجئ إلى نسيان الوطن الثاني الذي استقبله لسنوات، وسيبقى يكن له المحبة وكأنها طوق من الياسمين يلتف حول عنقه». وقال «خرجت من العراق في عام 1993، وبعد احتلال الجيش الأميركي لوطني كنت أرفض العودة، أما اليوم فخبر الانسحاب كان كفيلا باتخاذي قرار العودة إلى مهد طفولتي». والفنان نصير شمة ولد سنة 1963 في مدينة الكوت جنوب العراق. وتخرج سنة 1990 في معهد الدراسات الموسيقية (بغداد). وقد وضع ألحانا ومؤلفات موسيقية عديدة، ووضع الموسيقى التصويرية لعدد من الأفلام والمسرحيات والمسلسلات العراقية والعربية والأجنبية. وقد نال جوائز تقديرية عدة، ويعمل أستاذا للعود في دار الأوبرا المصرية ضمن مشروع بيت العود العربي، كما أسس «فرقة عيون» لموسيقى التخت العربي في القاهرة.

وفي نهاية الحفلة التي نظمتها مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ورعاها وزير الداخلية والبلديات اللبناني زياد بارود وحضرها ممثلون للجمعيات الأهلية والمنظمات الدولية، سلم ستيفان جاكميه، الممثل الإقليمي للمفوضية، الموسيقي العالمي نصير شمّة درعا تكريمية في المناسبة تقديرا لدعمه المتواصل لهذه المؤسسة وإحيائه يوم اللاجئ العالمي الذي يعود ريع حفلته هذا العام لمساعدة اللاجئين في لبنان.