«مهرجانات بيت الدين» تتحول إلى حلبة للصراع السياسي

مسؤول في قناة المنار: أسئلتنا حول الفنان جاد المالح لم تجد إجابات شافية

TT

وصل تسييس المهرجانات في لبنان أعلى درجاته يوم أمس، حين دعت نورا جنبلاط زوجة الزعيم وليد جنبلاط ورئيسة «مهرجانات بيت الدين»، في سابقة هي الأولى من نوعها، إلى مؤتمر صحافي يتكلم خلاله أربعة وزراء لوضع النقاط على الحروف في قضية الفنان الكوميدي جاد المالح الذي شنت حملة ضده، جعلته يلغي حفلاته المقررة في لبنان، ضمن المهرجان، منتصف الشهر المقبل. وبدا واضحا من كلام الوزراء المشاركين في المؤتمر الذين ساندهم بوجوده النائب المنتخب نديم بشير الجميل، أنهم جاؤوا لمعاضدة لجنة المهرجان، بعد أن أطلقت بعض الوسائل الإعلامية، لا سيما قناة «المنار» وجريدة «البلد»، حملة ضد الفنان اليهودي، وقالت إنه يساند الجيش الإسرائيلي، وإنه شارك في نشاط تضامني مع الجندي الأسير في غزة جلعاد شاليط، ونبشت صورة له منشورة على موقع يدعم الجيش الإسرائيلي وهو بملابس عسكرية. قرأت نورا جنبلاط بيانا قالت فيه إن «لجنة المهرجانات ليست أداة سياسية» وإن الحملة التي صورت اللجنة على أنها «مركز لتهريب أو تسريب الذين ينالون من سيادة البلد وانتمائه العربي هو أمر غير صحيح». غامزة بذلك من «قناة المنار» التي أعدت ثلاث حلقات حول جاد المالح حملت عنوان «تسلل إسرائيلي من نوع آخر إلى لبنان... وهذه المرة عبر المهرجانات السياحية».

أول الوزراء المتكلمين في المؤتمر كان وزير السياحة جو سركيس الذي قال بنبرة عالية: «لا نقبل التشهير بالفنانين والضغط على اللجان. حين ندعو فنانا لا نريد أن نعرف مَن أمه وما جنسيته وما آراؤه السياسية، ما يهمنا منه هو الجانب الثقافي» وأضاف سركيس: «لا أعرف إذا كنا سنمنع الرؤساء الذين يزورون إسرائيل من زيارة لبنان، إذا استمر الأمر على هذا الحال»، وتابع: «أنا كوزير سياحة أقول لجاد المالح أهلا وسهلا بك في لبنان ولا خوف عليك، وسنذهب لنستقبله في المطار. وإن كان لا يريد أن يأتي، فنطلب منه حفلة بالبث المباشر حيث هو، يحضرها جمهوره في لبنان». بنفس التصميم تكلم وزير الثقافة تمام سلام قائلا: «نحن لا تنقصنا المزايدات السياسية والمماحكات.. لا نريد أن نعطل أو نعرقل، كفانا مشاغبات وتعطيلا»، في إشارة إلى الثلث المعطل الذي تطالب به المعارضة في الحكومة والتظاهرات الاحتجاجية التي قامت بها قبل انتخاب الرئيس ميشال سليمان. ولم يتردد وزير الثقافة في الربط بين الاحتجاج على دعوة المالح والأحداث الأمنية التي شهدتها بيروت منذ يومين قائلا: «نمر بظروف صعبة وبيروت وأهلها تعرضت للانتهاك»، داعيا إلى معالجة المسألة بهدوء.

أما وزير الإعلام طارق متري، فبدا كأنه العنصر المهدئ في هذا المؤتمر الصحافي الذي جمع مجلسا وزاريا مصغرا، فقال متري: «لا أريد أن أدافع عن جاد المالح، لأن بعض ما يقوله لا يعجبني. على الأرجح أن دوافع الحملة على المالح كانت وطنية لكن أصحابها لم يقيّموا جيدا نتائجها. نحن نقاطع الجيش الإسرائيلي والمؤسسات الرسمية، لكننا لا نعادي أي فنان أو رجل دين بسبب دينه أو مواقفه السياسية». وكشف متري أنه كان منذ الأسبوع الماضي على اتصال بمن سمّاهم «أصحاب الحملة»، وكانت وجهات النظر متطابقة، «لكنني لا أعرف لماذا تصاعدت الأمور بشكل مفاجئ». وبمجرد أن فتح باب الأسئلة انبرى مسؤول التحرير في «قناة المنار» عبد الله شمس الدين الذي هوجمت محطته طوال المؤتمر دون أن تسمى، وقال إنه المسؤول عن الحلقات التي بثت عن جاد المالح، وأضاف: «أنتم تتهموننا ظلما، نحن لم نهاجم المهرجانات، ولم نعادِ الفنان بسبب دينه، وأسئلتنا لا تزال دون أجوبة. الصورة التي نشرناها لجاد المالح بالثياب العسكرية الإسرائيلية، وأنكرها هو، ليست مزورة، لأننا قبل نشرها عرضناها على أصحاب الخبرة وأكدوا صحتها. وسألناكم هل تقبلون باستضافة رجل يتضامن مع جندي أسير في غزة كان يقتل أطفالنا، ولم تجيبوا. الموقع الذي عليه الصورة وكلام المالح موجود منذ ثلاث سنوات، لماذا لم يُعترض عليه إذا كان مزورا؟». هنا استشاطت نورا جنبلاط وقالت له: «أنتم آذيتم المهرجان ووضعتم صورة موقع المهرجان وإلى جانبه صورة الجندي الإسرائيلي يطلق النار، بقرب نجمة داوود. هذا عيب، وعليكم أن تنزعوا هذه الصورة، وأن تقفوا «الفوروم» الذي افتتحتموه على الإنترنت، وباتت كل حواراته شتما لنا». وأضافت جنبلاط: «أنت لا تتخيل كم وصلنا من تهديدات ومكالمات غاضبة، هذا أنتم من حركتموه».

وفي هذه الأثناء تدخل صحافي من جريدة «البلد» التي شاركت في الحملة وقال: «طلبتم منا التوقف عن مهاجمة المالح وفعلنا، لكن في المقابل لم تجيبوا عن الأسئلة التي طرحها زميلي وتأخذون النقاش إلى مكان آخر». وافق الصحافيان على أنهم كمعترضين على حضور المالح لم يستخدموا التهويل كما يقال ولا التهديد «وإنما استخدمنا طرقا ديمقراطية، وكل ما فعلناه أننا نشرنا ما وجدناه في أثناء البحث، وطلبنا ممن يوافقنا مقاطعة الحفلات». وأضاف شمس الدين من المنار: «عندنا معلومات كثيرة عن المالح وتوجهاته، لكننا لم ننشرها، لأننا قبل أن نتأكد من المعلومة بشكل تامّ لا نعرضها على الناس. وبقي النقاش حادا بين الوزراء والصحافيين الغاضبين الذي انضموا إلى الزميلين في المنار والبلد، حتى بعد انفضاض المؤتمر، ووصول وزير الداخلية زياد بارود متأخرا عن الموعد.