المعجبون العرب بمايكل جاكسون يخفون حبهم له وحزنهم عليه

يطلقون أكثر من 60 مجموعة على «فيس بوك» لتلقي التعازي فيه

بعد قضية التحرش بالأطفال واتجاهه للظهور بمظهر امرأة، أصبح كثير من المعجبين العرب بجاكسون يخفون حبهم له، ويكتمون حزنهم عليه، بعد وفاته (أ.ف.ب)
TT

«مرحبا.. من منا لا ينتظر بلهفة الألبوم الجديد لمايكل جاكسون؟». هذه واحدة من الجمل الكثيرة التي نشرت على موقع «فيس بوك»، ومواقع فنية أخرى مختلفة من قبل محبي «ملك البوب» من العرب، الذين يقدر عددهم بعشرات الآلاف.

لكن العدد قد يكون أكثر من ذلك بكثير، لسبب، يقول أحد باعة اسطوانات جاكسون في مدينة الإسكندرية، الأكثر تحررا وانفتاحا من العاصمة المصرية القاهرة ومدن عربية أخرى، إنه يرجع لأسباب تتعلق بجوانب تخص الشخصية العربية والشرقية المحافظة بطبيعتها، فبعد قضية التحرش بالأطفال، واتجاهه للظهور بمظهر امرأة، في السنوات الخمس الأخيرة من عمره، أصبح كثير من المعجبين العرب بجاكسون يخفون حبهم له، ويكتمون حزنهم عليه، بعد وفاته.

«لا أتذكر بالضبط في أي سنة كان ذلك، لكن هذا الأمر حدث حين كنت في الفرقة الثالثة في كلية الحقوق بجامعة الإسكندرية منتصف ثمانينات القرن الماضي.. نعم أحببت مايكل جاكسون حين شاهدت للمرة الأولى الطريقة التي يحرك بها قدميه وساقيه، ويبهر الجمهور بحركاته العجيبة وصوته الذي تتخلله شهقات مؤثرة».

وظل «محمد» الذي يعمل حاليا ممثلا قانونيا لمؤسسة رقابية بالإسكندرية شمال غربي القاهرة، يقتني كل جديد من شرائط كاسيت مايكل من كشك بيع الأسطوانات الغنائية الغربية، المجاور لبيت أسرته، في شارع الإسكندر الأكبر، حتى بعد أن تزوج واستقر في ضاحية ميامي، على شاطئ المدينة، في التسعينات، لكنه قرر التوقف عن الجهر بهذه العادة نهائيا، طوال السنوات الخمس الأخيرة، والاكتفاء بسماع أغانيه مثل «ثريللر» (Thriller) و«باد» (bad)، في سيارته، لسببين، الأول: قضية التحرش بالأطفال التي اتهم بها «ملك البوب» حيث ملأت أخبارها الدنيا، ووصلت هذه الأخبار لزوجته وحماته، والثاني: تشبه مايكل بالنساء، كما يقول محمد. وحتى بعد تبرئة مايكل من تهم التحرش، وبعد تزايد الأخبار التي تقول إنه اعتنق الإسلام، لم يكن محمد قادرا على إعادة أسطوانات موسيقى وأغاني جاكسون إلى بيته.. «زوجتي ووالدتها، وأشقاؤها، يقولون إنه يتشبه بالنساء، وينظرون إلي في ريبة، وهم يقولون ذلك، لأنهم يعرفون حبي لأغانيه».

ويقول عبد الكريم عبد الراضي، الطالب بالفرقة الرابعة بكلية الحقوق جامعة القاهرة، والذي كان يقضي المصيف مع أسرته على شاطئ العجمي بالإسكندرية، إن خبر وفاة جاكسون أصابه بحالة من الحزن العميق، لأنه يعلم أنه لا يستطيع أن يخبر به أحدا، وأضاف عبد الكريم، الذي كان يستمع لمجموعة من أغاني ألبوم جاكسون «بلود أون ذي دانس فلور» (Blood On The Dance Floor)، إن والدته كانت توبخه، وأبوه كان ينظر إليه بغضب، حين يشغل شريط فيديو لمايكل جاكسون على التلفاز، وأردف عبد الكريم أنه اكتفى بكتابة كلمات عزاء في جاكسون تحت اسم مستعار على موقع عربي للدردشة لمحبي مايكل جاكسون، ومما كتبه: «أحببت فنك، وهربت من العالم لأستمع لإبداعك، وأشاهده.. ما قمت به لن يتكرر».

وكان بائع شرائط الكاسيت الشهير، سلامة ميوزك، بجوار محطة كليوباترا بالإسكندرية، لا يبيع شرائط الكاسيت فقط، بل شرائط الفيديو التي يظهر فيها مايكل جاكسون وهو يغني للشجر والنبات والحيوان والحياة على الأرض، لكن مبيعاته تراجعت بشكل ملحوظ، بعد قضية التحرش الجنسي، وبعد ظهوره في حفلات وكأنه سيدة، لا رجل. «في الإسكندرية، مثل القاهرة أو أي مدينة عربية أخرى، من العيب أن يرتدي الرجل ملابس امرأة، ومن العيب أن تعلن أنك تحب الاستماع لمغن يضع مساحيق النساء على وجهه، والآن يقولون إنه أصبح مسلما، لكنني أعتقد أن هذا لم يكن ليغير من الأمر شيئا».

ويضيف، سلامة ميوزك، أنه هو الآخر توقف عن وضع صور لمايكل جاكسون لهذا السبب. «كان زبائن الأغاني العربية، يتندرون على صوره، ويستهجنون قيامي بتعليقها على واجهة المحل، لكن محبي مايكل جاكسون لم يتوقفوا عن شراء اسطواناته سرا.. وبعضهم كان ينزع غطاء الاسطوانة الذي توجد عليه صورة مايكل جاكسون، خوفا من الدخول بها إلى البيت». ويتذكر أن آخر صورة علقها على محله كانت للـ«بوستر» الذي ظهر لمايكل جاكسون مع أغنية باد (BAD)، حيث كان يرتدي ملابس سوداء مزخرفة، يبدو فيها، مع مساحيق وجهه، أقرب لصورة بنت منها لصورة رجل.. «هذه الصورة أثارت جدلا كبيرا بين زبائن المحل، لكن الصور التي ظهرت لمايكل جاكسون بعد ذلك، لم تكن تصلح بأي حال».

ومع ذلك يأمل «ميوزك» في أن تستمر حالة الزخم الموجودة حاليا حول وفاة مايكل جاكسون المفاجئة، وأن تؤدي هذه الحالة لمزيد من إقبال الشباب العرب من الجيل الجديد، على شراء اسطواناته، سواء من شباب الإسكندرية أو زوارها في الموسم الصيفي من القاهرة والمدن المصرية والعربية المجاورة. وماذا عن الزبائن القدامى، يجيب «ميوزك» غامزا بعينه: «بدأوا يستعيدون ألبوماتهم القديمة». وانتظارا لإصدار ألبومه الجديد الذي كان يعد له، كتب عدد من الشبان العرب على استحياء، على عدة مواقع الدردشة: «مرحبا.. من منا لا ينتظر بلهفة الألبوم الجديد للأسطورة مايكل جاكسون؟ بالتأكيد جميعنا ننتظر هذا الألبوم بشوق، والذي ننتظره من عدة سنوات». لكن جاكسون مات.

وفي اليوم الأول لوفاته أطلق شبان من دول عربية مختلفة أكثر من 60 مجموعة على «فيس بوك» لتلقي التعازي في ملك البوب، إضافة للإعلان عن مجموعات أخرى تتغنى بجاكسون ورحلة كفاحه، وأشهر أغانيه، وما يتردد عن إسلامه، منها مجموعة «وداعا ملك البوب مايكل جاكسون.. أنت في قلوبنا»، ومجموعة «عشاق مايكل جاكسون» ومجموعة «إلى محبي مايكل جاكسون رحمة الله عليه». ومجموعة «فلندافع عن مايكل جاكسون»، ومجموعة «ظالمين ليه مايكل جاكسون»، وغيرها.