الفلسطينيون في الضفة يذهبون إلى السينما بعد أن افتقدوها 20 عاما

الوضع الاقتصادي الصعب وانتشار محلات نسخ الأفلام يحد من الإقبال على دور العرض

بدأت دور العرض تعلن عن مواعيد لعرض أحدث الأفلام.. وهو مشهد غاب طويلا عن الفلسطينيين («الشرق الأوسط»)
TT

في عدة مدن في الضفة الغربية، يمكن مشاهدة «بوسترات» أحدث الأفلام المصرية والأميركية، التي تعرض في مسارح ودور سينما، بدأت تستعيد دورها في عرض الأفلام، شيئا فشيئا.

وبعد أكثر من 20 عاما على إغلاق جميع دور العرض السينمائي في الضفة، بسبب اندلاع الانتفاضة الأولى، بدأ فلسطينيو الضفة، يستعيدون متعة الذهاب إلى السينما. ففي نابلس، التي كانت تلقب بجبل النار، بسبب أنها تحولت إلى مركز لنشاط المسلحين، افتتحت مجددا دار العرض السينمائي الوحيدة «سينما سيتي»، أبوابها، وبدأت تعلن عن مواعيد لعرض أحدث الأفلام. وهو مشهد غاب طويلا عن الفلسطينيين. ومن الأسباب التي شجعت أصحاب سينما سيتي على إعادة افتتاحها، أن نابلس بدأت تستعيد عافيتها كعاصمة للاقتصاد، بعد أن خفف الجنود الإسرائيليون من قبضتهم على المدينة، وسمحوا لفلسطينيي الضفة وعرب الداخل في إسرائيل بالدخول إليها. وتزامن ذلك مع فرض السلطة الفلسطينية للأمن في المدينة، حيث أنهت ظاهرة السطو المسلح والخاوات التي أرهقت تجار نابلس، وأضرت كثيرا بالحياة هناك. وطال التخفيف الإسرائيلي، حاجز حوارة الرئيسي على مدينة نابلس، الذي كان يتفاداه الفلسطينيون، إذ يضطرون للانتظار عدة ساعات في الدخول والخروج. ويقول مروان المصري، صاحب «سينما سيتي» التي عادت إلى العمل منذ مطلع يونيو (حزيران) الحالي «منذ فترة طويلة ونحن نفكر في إعادة فتحها، غير أن الوضع الأمني لم يكن يسمح لنا بذلك».

وافتتاح هذه السينما، يدل على أن الحياة بدأت تعود طبيعية في جبل النار، حتى إن أسواق المدينة تشهد خلال أيام الأسبوع اكتظاظا غير مسبوق. ويزور فلسطينيو الداخل نابلس، من أجل التسوق، ويجربون طبعا أشهر ما في المدينة، وهي الكنافة التي أخذت شهرتها من نابلس، وأصبحت تعرف بالكنافة النابلسية.

وتنتشر عشرات محلات الكنافة في نابلس وبعد أن كان أصحابها يشكون من سوء الحال، مثل عمار حجاب، فإنه يقول إن «عز نابلس» بدأ يعود. وبسبب هذا الاكتظاظ أخذت بلدية نابلس تنفذ مشروعا لتجهيز أنفاق للمشاة تحت الأرض، ونقلت أسواقا شعبية من منتصف المدينة إلى أماكن أبعد قليلا.

وقالت رانيا، التي تدرس في جامعة النجاح الوطنية، إنها بدأت مع صديقاتها في التسوق ليلا، بسبب استقرار الأمن. وقالت إنها ستكون سعيدة بأخذ وقت من الراحة في مشاهدة أحد الأفلام المصرية الجديدة مع رفيقاتها. وأضافت «إذا ما عرضوا فيلم عمر وسلمي 2 فسأذهب بدون تردد». وفي بيت لحم عادت سينما العمل الكاثوليكي لعرض أفلام من جديد، وانضمت لها دار الندوة الدولية، بينما تحولت السينما الأقدم في المدينة إلى موقف للسيارات تعلوه بناية تجارية ضخمة.

ويقول محمد شحادة (55عاما) من مخيم عايدة في بيت لحم، إن للسينما ذكريات جميلة «إنها تذكرني بالزمن الجميل وأنا حزين لأن السينما التي تعودنا عليها شبابا تحولت إلى مركز تجاري».

ولم يذهب شحادة للسينما منذ عشرين عاما، ويقول، «نحن بحاجة إلى أن نتعود من جديد، نسينا السينما». وقد يصل عدد الحاضرين في إحدى قاعات السينما إلى 15 شخصا. والسبب، كما يقول البعض، هو تردي الحالة الاقتصادية، وهو ما أكدته هالة (26 عاما) وتعمل مدرسة، حيث قالت إن السينما «ترف قد نكون لسنا بحاجة له في ظل هذا الوضع الاقتصادي الصعب».

وتابعت قائلة «ثمن التذكرة 20 شيكل، (5 دولارات)، فإذا أردت أن أذهب مع عائلتي فستكلفنا 100 شيكل، (20 دولارا).. نحن أولى بهذه الأموال في ظل هذا الوضع الصعب والتزاماتنا كثيرة». وتابعت مبتسمة، «ثم إن قنوات الأفلام تعرض كل شيء».

ويراهن أصحاب دور العرض على التحسن الاقتصادي والوقت كي يتعود الناس في الضفة على السينما. لكن هذه الحالة لا تنطبق على كل مدينة، إذ تشهد دور العرض في رام الله، بالعادة، اكتظاظا على مشاهدة الأفلام الجديدة. وبدأت السينما في رام الله مع دخول السلطة عام 1996، وقد تحولت المدينة إلى عاصمة السلطة السياسية وساعد العائدون مع السلطة الذين عاشوا في بلاد عربية وأجنبية على تغيير بعض عادات السكان. ويذهب الشباب أكثر من غيرهم إلى دور العرض، وقال إياد الحروب، 30 عاما، إن السينما «ممتعة وفيها تغيير للروتين القاتل في فلسطين». وإلى جانب السينما تنتشر في فلسطين محلات لنسخ أقراص أحدث الأفلام بدون أي رقابة، إذ لا توجد مراعاة لحقوق النشر، وهذه المحلات تشهد إقبالا كبيرا، وقال أحمد مزهر إنه يذهب إلى هذه المحلات ويشتري أي فيلم حديث بأقل من دولارين ويشاهده في بيته كلما شاء».