منذ أسابيع نشرت الصحافة البريطانية المبالغ التي تنفقها المغنية البريطانية شيريل كول، زوجة نجم كرة القدم بالدوري الإنجليزي آشلي كول، على مظهرها: أكثر من 100 ألف جنيه استرليني (165 ألف دولار) سنويا. وذكرت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية أن المغنية، عضو في فريق «جيرلز ألاود» النسائي، تنفق سنويا 30 ألف جنيه استرليني على خبير الموضة الخاص بها، وتسعة آلاف على تصفيف شعرها و12 ألفا على خبير الحمية الغذائية و14 ألفا على حصص اللياقة البدنية وخمسة آلاف على مستحضرات التجميل، بالإضافة إلى 36 ألفا بغرض حرق الدهون. ورغم ضخامة المبالغ، إلا أن شيريل البالغة من العمر25 عاما، تعتبر الأمر بمثابة استثمار. لهذا لا تصدقي أن الجينات وحدها المسؤولة عن عنصر الإبهار الذي تتمتع به النجمات. فأنت لو سألت أية واحدة منهن عن أسرار جمالها، وصدقتك القول سترد عليك بأن الفضل فيه يعود إلى فريق الماكياج والأزياء، الذي لا تستطيع الاستغناء عنه مهما كان، وهذه الصور خير دليل على أن الجينات الطبيعية تحتاج إلى دعم ومساعدة من ريشة فنان ماكياج. ولا يقتصر الأمر على نجمة من دون أخرى بدءا من أنجلينا جولي وشارليز ثيرون إلى باميلا اندرسون وجيسيكا ألبا وهلم جرا. ومن النكات التي تتردد في أوساط الفن ومجلات «النميمة» أن الممثلة ليندسي لوهان لا تفارق بيتها من دون فريقها الخاص، سواء كانت متوجهة إلى مصحة تأهيل أو إلى مكان تصوير. ورغم ما في الأمر من مبالغات، إلا أن المتعارف عليه أن خبراء التجميل والشعر يتقاضون في هوليوود، وفي اليوم الواحد، ضعف ما يتقاضاه أي واحد منا في الشهر. بل أصبح من المتعارف عليه أيضا، أن هناك منافسة بين النجمات على كسب ود خبراء ومصففي شعر معينين، يحرصن أن يسافرون معهن في كل تنقلاتهن ورحلاتهن، نذكر من هؤلاء باميلا أندرسون، التي لا تستغني عن خبيرة ماكياجها، وجيسيكا سمبسون، التي كسبت مصفف شعرها، كين بافيس، كصديق، مع العلم انه من أشهر مصففي الشعر في هوليوود، ويعمل أيضا مع إيفا لونغوريا، جينفر لوبيز، ريس ويذرسبون وغيرهن. كذلك الأمر بالنسبة لكل من جينفر انستون، التي لها فريق مفضل، وكاميرون دياز التي اعترفت أكثر من مرة أن الفضل في مظهرها المتألق يعود إلى خبير ماكياجها، لا سيما أنها تعاني من حب شباب قوي حفر ثقوبا على بشرتها، مما يستدعي ماكياجا كثيفا لإخفائه والحصول على بشرة متجانسة ومتألقة. فهؤلاء باتوا يعرفون عيوبهن ويتقنون إخفاءها، وبالتالي أصبحن أكبر رصيد يمتلكنه.
تقول هولي ألبوت، من قسم الماكياج والتجميل في محلات «هاوس أوف فرايز» اللندنية: «تحرص كل امرأة على استعمال الماكياج والتفنن فيه للحصول على طلة جذابة. فالمظهر الحسن يعزز الثقة بالنفس ويشعرنا بالسعادة، وهذا بحد ذاته يرفع مبيعات منتجات التجميل ويجعلها جزءا من الحياة اليومية». لكن ما تعرفه كل واحدة منا أن إتقان وضع الماكياج شيء، وعندما يكون بيد خبير متمرس، فإنه يأخذ بعدا آخر أشبه بعملية تجميل وشد، وهذا ما تعرفه النجمات بحكم تجاربهن مع الأضواء. وما زاد من الطين بلة، تطور التكنولوجيا، التي شجعت المجلات البراقة على عدم الاكتفاء بخدع الماكياج وحدها، بل سهلت لها القيام برتوشات على صورهن بواسطة الكمبيوتر، من تنحيف وتكبير ونفخ وتغيير ملامح، من أجل بيع المزيد من النسخ. فالحقيقة الأزلية، أحببنا أم كرهنا، أن الجمال يبيع وأننا ننجذب بصورة عفوية وتلقائية لكل ما هو جميل وأنيق. لكن المشكلة أن المبالغة وصلت حدا لا يمكن السكوت عنه، كما ولدت أمراضا اجتماعية ونفسية لدى بعض صغيرات السن، اللواتي أصبح هاجسهن التشبه بهؤلاء النجمات، أو بالأحرى بصورتهن الملمعة والمثالية، مما يسبب لهن عقدا نفسية ويؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها. وهذا ما دفع إلى ابتكار مضادات أخذت عدة أشكال منها موقع على الإنترنت بعنوان «سكوبي دوت كوم» أخذ على عاتقه متابعة المشاهير خلال جولاتهم العادية، والتقاط صور غير ملمعة لهم بغرض نشرها على الموقع. وهي صور من شأنها أن تسبب الكثير من الحرج لصاحبها، لكنها على الأقل تؤكد أن هؤلاء المشاهير مجرد بشر لهم أخطاء وعيوب كما لهم جماليات ومحاسن. وأكدت مبيعات المجلات التي تنشر هذه الصور، وكذلك حجم زيارة هذه المواقع، أننا نستلذ بمشاهدة النجمات من دون ماكياج بقدر ما نحب أن نراهن بالماكياج، لأن مظهرهن العادي يعيد الثقة في النفس، ويؤكد أنهن لا يختلفن عن أية واحدة منا.
وهكذا أصبح تصيد نجوم من دون ماكياج ومن دون رتوشات، حلما أي باباراتزي؛ لأنه يحصل من ورائها على مبالغ هائلة، وتُنشر على أنها خبطة صحفية. بدورها طرحت مجلة «فوغ» الفرنسية في شهر أبريل الماضي نسخة خصصتها لنجمات عالميات من دون ماكياج. أثارت الفكرة والصور على حد سواء الكثير من الجدل، وإن كان معظمه جدلا يصب في صالح المجلة وخطوتها المبتكرة في وضع الأمور في نصابها، كما يرفع أسهم النجمات اللواتي وافقن على الظهور في العدد من دون ماكياج. فمن الصعب على أية امرأة، وبالخصوص إذا كانت أمام الأضواء وتعتبر جمالها من أهم أرصدتها، أن تقبل الظهور من دون ماكياج أمام الآخرين. بل حتى المرأة العادية، ونظرا للتعود اليومي على الماكياج، قد تشعر بأنها عارية من دونه. وإذا كانت الأمثال الشعبية قراءة في النفوس وفي المجتمع فإن مقولة «لولا علبة المكي لكانت الحالة تبكي» أبلغ قراءة في هذا الصدد. ورغم أن الاستعانة بالماكياج أمر مطلوب ومرغوب، خاصة في حياتنا العصرية، حيث أصبح المظهر الجميل هو عنوان العقل السليم، إلا انه كأي شيء يزيد عن حده ينقلب إلى ضده. بيد أن المثير للدهشة أن هذه الصور الطبيعية للمرأة، لقيت ترحيبا كبيرا في الكثير من الأوساط، ومن قبل المرأة والرجل على حد سواء. وهذا بحد ذاته أمر إيجابي بالنظر إلى أن ردة فعل الرجل منذ سنوات كانت مختلفة تماما عنها الآن. فعندما ظهرت المذيعة أوبرا وينفري في حلقة من برنامجها من دون ماكياج منذ بضع سنوات في محاولة لها لتشجيع النساء على تقبل أنفسهن كما هن، واجهت الكثير من الانتقادات من قبل الجنس الخشن بالذات. لكن ما يحسب لأوبرا أنها لم تتوقف عن محاولاتها تغيير النظرة السائدة عن الجمال وإدخال السعادة والثقة لنفوس الفتيات، حتى وإن تطلب الأمر فتح مدارس تجميل خاصة للفتيات في أفريقيا؛ لتعليمهن فنون التجميل، حتى تؤكد لهن أن الجمال حق يكتسب في بعض الأحيان. لكن أوبرا ليست نجمة من نجمات هوليوود تعتمد على مظهرها للحصول على سيناريوهات وأدوار وعقود، فهي مليونيرة تملك شركة إنتاج وشركات أخرى، ولا تحتاج لمن يمنحها دورا في فيلم، أو عقد مع بيت أزياء، على العكس من مثيلات شارون ستون أو جيسيكا ألبا أو كاميرون دياز، أو حتى مادونا التي تملك الملايين، ومع ذلك تحتاج إلى صورة ملمعة لبيع ألبوماتها للصغار قبل الكبار، وهو الأمر الذي لا يمكن أن تحققه إذا ظهرت في الخمسين من عمرها.