أين شركة الكهرباء من حرائق الصيف؟!

سعود الأحمد

TT

وبدأ فصل الصيف.. ومعه ارتفع معدل استهلاك الطاقة الكهربائية، لمن لم تساعدهم ظروفهم على السفر لقضاء الإجازة الصيفية في مدن الضباب والأنهار والأمطار. وبدأت تكثر الحرائق وانفجارات عدادات الكهرباء في المدن ومنها الرياض على سبيل المثال.. وإليك كيف يحصل هذا.

فلأننا نقوم ببناء مساكننا بأنفسنا ومن دون إشراف فني مؤهل، ويتم عمل الشبكات بطريقة اجتهادية. وأعتقد أننا البلد الوحيد (في العالم) الذي تُبنى فيه المساكن الفخمة، ويتم فيه عمل الشبكات الكهربائية بأيدي عمالة غير مؤهلة ودون إشراف هندسي!.. فيأتي فني الكهرباء الذي يكون (غالبا) من إحدى الجنسيات الآسيوية بإيصال أسلاك التيار الخارجة من المنزل (الكابل) للعداد الخارجي.. وقد لا يقوم بربطها كما يجب. وبعد مدة (وجيزة) يزداد الفراغ بين التوصيلات الكهربائية. وأحيانا يتم الربط بطريقة غير صحيحة ويحصل فراغ بين التوصيلات (Loose).. ويبدأ التيار الكهربائي يصل وينقطع، ويحدث ما يعرف بالماس الكهربائي، مما يؤدي إلى تسخين واحتراق أجزاء الشبكة الكهربائية. وتزداد هذه الحالات في فصل الصيف (بالذات) مع ارتفاع درجات حرارة الجو وإبقاء معظم الناس أجهزة التكييف تعمل في كامل طاقتها طوال اليوم.. ومع تزايد الأحمال والتيار في حالة توصيل متقطع Misconnections ينتج عن ذلك حريق كهربائي يبدأ بأصوات مدوية وانفجارات تهز مباني الحي (بأكمله).. وتخرج من العداد قذائف نارية خطرة جدا، ويبدأ اشتعال العداد الخارجي بالنار.. لتنتهي القصة بحرائق قد تمتد من العداد الخارجي إلى داخل المبنى لتمتد للمباني المجاورة له (إذا لم يتم قفل العدادات الداخلية).. وإذا كان الموقع عبارة عن محل تجاري أو مستودع فذلك معناه انتشار سريع للحريق، مما قد يمتد إلى أسواق ومجمعات بكاملها. والله وحده يعلم إلى أين ينتهي الأمر. ويأتي أبطال الدفاع المدني الذين في العادة يطلبون من المبلّغ عن الحريق أن يتصل بشركة الكهرباء لإبلاغهم عن الحادث، لعدم توافر فني كهرباء لديهم.. ولتنتهي القصة بصدور تقرير يصرح به الدفاع المدني مفاده أن الذي حدث قضاء وقدر نتج عن ماس كهربائي!! ولا أحد يبحث عن السبب والمتسبب ويشخص الحالة بشكل سليم!! في وقت نحن بحاجة إلى أن نشخص الحالة بشكل أدق وننظر لهذا التفريط على اعتبار أنه قد يتسبب في أضرار مادية وبشرية لا حدود لها. ولعلي أذكر بحريق محلات سوق البطحاء وحراج ابن قاسم بالرياض العام الماضي وغيرهما كثير. والأمر الآخر، أن بعض الفنيين يقوم بتوزيع الأحمال بين العدادات في البيت الواحد بشكل غير متساو، ويحمّل بعض التوصيلات أكثر من طاقتها. مما يؤدي إلى نفس النتيجة. حيث تسخن الأسلاك وتشتعل الحرائق الكهربائية! وسؤالي: لماذا لا يتم التنسيق بين شركة الكهرباء، باعتبارها الجهة الفنية، وبين وزارة البلدية، لعمل إجراء وقائي يهدف إلى التأكد من إتمام الشبكات الكهربائية بالشكل المطلوب، بحيث لا يتم توصيل التيار الكهربائي للمباني الجديدة والمرممة إلا بعد التأكد من صحة إتمام شبكات التوصيل الكهربائي.. وأن تكون هذه الخدمة ضمن التكاليف التي تتقاضاها الشركة (والمبالغ فيها) كقيمة لتوصيل الخدمة. والتي يدفع عنها المشترك آلاف الريالات كقيمة عداد نحن نعلم (مسبقا) أنه لا يساوي في السوق مئات الريالات! والسؤال الآخر: أين هو نشاط شركة الكهرباء التوعوي، الذي يفترض أن يوجه للمستهلك؟ نحن لا نطلب من شركاتنا الكبيرة أن تبني مستشفيات وجامعات ودور رعاية اجتماعية، من باب المساهمة في خدمة المجتمع كما هو الحال بالمجتمعات الأخرى، لكننا نطالب بقيامها بواجبها المفترض تقديمه كواجب مكمل حتى لا تتسبب خدماتها في دمار البنية التحتية للبلاد.

* كاتب ومحلل مالي