غنسلر.. شرطي مضاربات النفط

أمضى 20 عاما في وول ستريت ويريد فرض رقابة حازمة على المضاربات

TT

أول من أمس، أعلن غاري غنسلر، الرئيس الجديد للجنة «سي إف تي سي» (لجنة تجارة السلع المستقبلية) أنه سيمنع الشركات والمؤسسات غير النفطية من الاشتراك في المضاربات المستقبلية في سوق النفط والغاز. وقال إن لجنته ستعقد جلسات استماع خلال هذا الشهر لبحث مشكلة الباب المفتوح أمام أي مضارب ليشترك في مضاربات أسعار النفط والغاز.

غير أن السناتور بيرنارد ساندرز (مستقل من ولاية فيرمونت) شكك في قدرة غنسلر على فعل ذلك. وقال إن سجله في هذا المجال لا يؤكد قدرته، بل لا يؤكد إيمانه، بتغيير الوضع الحالي.

في بداية السنة الماضية، بسبب المضاربات في سعر النفط، ارتفع سعر البرميل إلى مائة وخمسين دولارا تقريبا. ثم مع تفاقم الأزمة الاقتصادية وفي نهاية السنة الماضية، انخفض إلى ثلاثين دولارا تقريبا. والآن، وصل السعر إلى سبعين دولارا تقريبا.

مثل عدد غير قليل من الخبراء المسؤولين الأميركيين في الاقتصاد، تخرج غنسلر في مدرسة «وارتون» للاقتصاد، التابعة لجامعة بنسلفانيا. ثم قضى عشرين سنة تقريبا في «وول ستريت» (شارع المال في نيويورك)، مع مؤسسة «غولدمان ساكس» الاستثمارية.

وهناك سجل رقما قياسيا عندما صار «مشاركا» في المؤسسة قبل أن يبلغ عمره ثلاثين سنة. وبعد سنوات قليلة قفز إلى رئاسة القسم المالي فيها. وفي سنة 1996، وهو الذي ينتمي إلى الحزب الديمقراطي، اختاره الرئيس كلينتون مساعدا لوزير الخزانة. وبعد سنتين صار وكيلا للوزارة. ثم عاد إلى «وول ستريت» بعد نهاية إدارة كلينتون، وبداية إدارة بوش الابن.

غير أنه واصل التعاون مع أعضاء الكونغرس الديمقراطيين. وساعد في إصدار قانون لمراقبة شركات ومؤسسات المراجعة العامة، بعد فضائح في «وول ستريت» بسبب تساهل شركات المراجعة، واستثمارات بعضها في نفس الشركات التي كانت تراجعها. ورغم أن غنسلر أسهم سنة 2000 في إصدار قانون آخر (قانون تحديث المضاربات المستقبلية في أسواق السلع)، لم يتشدد في فرض رقابة حازمة على تبادل البنوك والمؤسسات الاستثمارية للديون.

في السنة الماضية، بعد تفاقم الكارثة المالية، صار واضحا أن بيع وشراء الديون ومغامرات مالية أخرى، كانت سببا رئيسيا للكارثة.

لهذا، عندما اختار الرئيس أوباما غنسلر لرئاسة لجنة السلع المستقبلية، انتقده بعض أعضاء الحزب الديمقراطي في الكونغرس (لم تصوت أغلبية أعضاء الحزب الجمهوري في الكونغرس مع قانون سنة 2000، بمحاسنه ومساوئه). ومؤخرا، صار السناتور بيرنارد ساندرز من أهم منتقدي غنسلر. قال إنه لم يتشدد في قانون 2000 لأنه كان اتفق مع السناتور فيل غراهام الجمهوري بعدم التشدد في مراقبة تبادل الديون. وأعاد السناتور ساندرز إلى الأذهان أن إفلاس مؤسسة «إيه آي جي» (شركة التأمينات الأميركية) في بداية السنة الماضية، الذي كان سببا رئيسيا للأزمة المالية، ما كان سيحدث لو كان قانون سنة 2000 متشددا.

وليس غريبا حرص السناتور ساندرز على التشدد في موضوع التشدد أكثر من غيره من قادة الحزب الديمقراطي (ناهيك عن قادة الحزب الجمهوري). يسمي «السناتور الاشتراكي»، وهو، حقيقة، فاز في ولاية فيرمونت كمرشح اشتراكي. غير أنه عندما دخل الكونغرس فضل وصف «مستقل». وخلال السنوات الثماني، ظل من كبار دعاة تشديد الرقابة الحكومية على البنوك والمؤسسات الاستثمارية في «وول ستريت».

لهذا، السؤال الآن هو: هل سيكون غانسلر متشددا مع هذا التحدي الجديد: مع المضاربين في سوق النفط والغاز والذين لا صلة لهم بأي نفط وأي غاز؟