رئاسة كردستان تنفي وجود ضغوط أميركية لإرجاء استفتاء الدستور.... ومسؤول برلماني يتهم بغداد

رئيس ديوانها لـ«لشرق الأوسط»: بارزاني وبايدن تحادثا هاتفيا لأكثر من ساعة وتبادلا الآراء

TT

تضاربت الأنباء والمواقف الرسمية وشبه الرسمية الصادرة في إقليم كردستان أو في بغداد وواشنطن، بشأن القرار المفاجئ للمفوضية العليا للانتخابات في العراق ليلة الاثنين الماضي بإرجاء الاستفتاء على الدستور الكردستاني، الذي كان مقررا إجراؤه يوم 25 من يوليو (تموز) الحالي بالتزامن مع الانتخابات النيابية والرئاسية.

ففي الوقت الذي أشارت فيه تقارير إلى أن ضغوطا أميركية مورست على المفوضية العليا والقيادات الكردية أثناء زيارة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن إلى بغداد مطلع الأسبوع الحالي لإرجاء الانتخابات، أكد الجانب الكردي أن القرار يتعلق بأمور فنية تخص المفوضية وحدها، ولا علاقة لها إطلاقا بمواقف أو قرارات سياسية أو ضغوط خارجية.

وأكد الدكتور فؤاد حسين، رئيس ديوان رئاسة إقليم كردستان، أن رئاسة الإقليم أصدرت بيانا رسميا بهذا الخصوص، وما برح منشورا على موقعه الخاص في شبكة الإنترنت وباللغة العربية، وقال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن نائب الرئيس الأميركي «تباحث مع الرئيس بارزاني هاتفيا ولمدة ساعة كاملة بخصوص مسائل عدة، وتبادل الجانبان الآراء ووجهات النظر بشأنها، ولا يمكن أن نصف تبادل الآراء بممارسة الضغوط، وأؤكد أن قرار إرجاء الاستفتاء يجسد إرادة الإقليم الداخلية والقيادة السياسية في الإقليم تماما، وقد اتخذ القرار في ضوء مستجدات الوضع الحالي ومتطلبات إجراء الاستفتاء الذي يحتاج إلى مجموعة من المقومات الفنية واللوجيستية».

وأوضح رئيس الديوان أن القرار الأول والأخير في المسألة يعود إلى البرلمان الكردستاني، بعد التشاور طبعا مع الجهة المعنية التي هي المفوضية العليا للانتخابات، مضيفا أن رئاسة الإقليم تبادلت الآراء أيضا مع جهات أخرى غير نائب الرئيس الأميركي، ولكنه لم يشر إلى أسماء هذه الجهات، منوها بأن الجانب الأميركي يدرك تماما أن قضية الدستور تتعلق بمصير ومستقبل شعب كردستان وحياته، وأن القرار بشأنها ينبغي أن يتخذ بروية ودقة.

وفيما يتعلق بأسباب التحول المفاجئ في موقف المفوضية التي سبق لها أن أعلنت قدرتها على إجراء الاستفتاء بالتزامن مع الانتخابات البرلمانية، قال حسين «كانت المفوضية قد ذكرت أن مشاكلها الفنية قد ذللت، لكن عقباتها اللوجيستية ما برحت قائمة، وبما أن جميع الفنيين والمختصين في المفوضية لم يكونوا موجودين في الإقليم، لذلك فإن مجلس المفوضية العليا اتخذ قراره بإرجاء الاستفتاء في ضوء نتائج تقارير جميع الفنيين الذين كان قسم منهم موجودا في بغداد، أي بعد مناقشة الموضوع على نحو جماعي وبعد التأكد من عدم إمكانية تذليل العقبات اللوجيستية أيضا في الوقت الراهن».

من جهته، أبدى الدكتور فؤاد معصوم، رئيس الكتلة الكردستانية في مجلس النواب (البرلمان) العراقي، القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه الرئيس العراقي جلال طالباني، اعتقاده أن «طلب المفوضية العليا المستقلة للانتخابات تأجيل عملية الاستفتاء على دستور إقليم كردستان العراق قد تكون وراءه أسباب سياسية وليست فنية». وقال لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من بلدة رانية، أمس، إن «الرأي العام الكردستاني بدأ يطالب بتشكيل هيئة خاصة للانتخابات في كردستان كبديل عن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات إذا ما ثبت أنها تتصرف بدوافع وتأثيرات سياسية»، وقال «هذا حق من حقوق المواطن الكردستاني». إلى ذلك، قال طارق جوهر، مستشار رئيس البرلمان الكردستاني للشؤون الإعلامية، إن «السلطات الاتحادية في بغداد لا شك أنها بذلت جهودا مضنية عبر جهات خارجية لكبح عملية الاستفتاء على الدستور». وأضاف أن «الأوساط التي تدعي في بغداد منع التدخل الخارجي في شؤون العراق الداخلية هي التي استنجدت بالجهات الخارجية لعرقلة مشروع الدستور الكردستاني». من جانبه، قال فرج الحيدري، رئيس هيئة المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، إن «المفوضية لم تعلن قبل الآن إطلاقا استعدادها التام لإجراء الاستفتاء على الدستور، بل أكدت أنها تلقت طلبا رسميا من البرلمان الكردستاني حول الاستفتاء، وبعد أن درست المفوضية المسألة في ضوء المتطلبات الموجودة وجدت أنه من غير الممكن إجراء الاستفتاء في الموعد المذكور، وقد بحثنا الموضوع أكثر من مرة مع رئاسة البرلمان الكردستاني». وأضاف الحيدري لـ«الشرق الأوسط» «أجزم بأن المعرقلات الفنية واللوجيستية والتحضيرات الضرورية هي السبب الأساسي وراء قرار إرجاء الاستفتاء، الذي كان من الممكن إجراؤه في ظل الإمكانات الحالية ولكن دون أن يكون مطابقا للمعايير الدولية، لذلك فضلنا إرجاءه». وحول ما تردد عن ممارسة الولايات المتحدة ضغوطا على المفوضية لحملها على إرجاء الاستفتاء قال الحيدري «إطلاقا لم نتعرض لأي ضغوط من الجانب الأميركي، والدليل على ذلك أننا بحثنا هذا الأمر مع الإخوة في البرلمان الكردستاني قبل نحو أسبوع أي قبل مجيء بايدن إلى بغداد، لذلك فإن ما يشاع بهذا الخصوص من تقارير صحافية لا يستند إلى معلومات دقيقة أو صحيحة». وبخصوص دور وموقف الحكومة العراقية في المسألة وما إذا كانت قد مارست ضغوطا على المفوضية قال الحيدري «أقول بأمانة شديدة إنني لم أتلق ولو اتصالا هاتفيا واحدا، لا من الحكومة العراقية ولا من مجلس النواب».