مسؤولون يطالبون بإقالة المفاوض الإسرائيلي حول شليط لتورطه في قضية مشبوهة

حماس تنفي أي حراك في ملف الجندي الأسير

TT

مع الإعلان عن قرب استئناف المفاوضات بين إسرائيل وحركة حماس حول تبادل الأسرى، كشف النقاب، أمس، أن المفاوض الإسرائيلي الرئيسي، حجاي هداس، متورط في شراكة تجارية مشبوهة. وأثار أحد الوزراء الكبار في الحكومة شكوكا في مدى صلاحيته لإدارة المفاوضات. وطالب بإقالته، مما جعل استئناف المفاوضات غير مؤكد.

وكانت أوساط سياسية إسرائيلية، قد نقلت على لسان السلطات المصرية أنباء عن احتمال استئناف المفاوضات حول صفقة تبادل أسرى في غضون أيام قليلة. وأن هداس سيسافر إلى مصر للقاء المسؤولين عن إدارة هذه المفاوضات، حاملا اقتراحات جديدة تتيح استئنافها وربما إحداث انطلاقة جديدة فيها. وكان من المفترض أن تكون هذه أول زيارة له إلى مصر، حيث أنه أمضى فترة الأسابيع الخمسة الماضية، منذ تعيينه لهذا المنصب، في دراسة الملف والتقاء المعنيين والمتابعين لهذا الملف في إسرائيل وفرنسا وغيرهما. وترافقت هذه الأنباء مع الكشف عن «خطوات ايجابية» قام بها الطرفان، إسرائيل وحماس، باتجاه التقدم في المفاوضات. ومع أن كلا الطرفين نفى وجود تقدم حقيقي، إلا أن أوساطا مقربة من قيادة الطرفين وكذلك أوساط مصرية قالت إن التقدم حقيقي. وذكرت أن إسرائيل وافقت على إطلاق سراح 75 أسيرا من العيار الثقيل من مجموع 125 أسيرا كانت ترفض إطلاقهم، وأن حماس تراجعت عن رفضها السابق إبعاد أسرى محررين إلى خارج الوطن. ووافقت على إبعاد 144 أسيرا من مجموع الأسرى الذين سيطلق سراحهم. ولذلك باتت ظروف نجاح الصفقة أفضل.

لكن أسامة المزيني المسؤول السياسي عن ملف الأسرى في حماس، نفى وجود حراك سياسي جديد لإنهاء ملف شاليط، أو تقديم حماس لقائمة جديدة للأسرى. وقال المزيني لموقع حماس، «لم نبلغ بشكل رسمي حتى الآن بأي حراك في هذا الملف من الإخوة المصريين، وبالتالي نحن نعتبر أن هذا الكلام هو امتداد للترويج الغريب وغير الدقيق، كان هناك كلام كثير كله لا أساس له من الصحة». وجدد المزيني نفيه تقديم قائمة جديدة بالأسرى وقال: «إن أي قائمة جديدة ستفرغ الصفقة من محتواها وحقيقة الصفقة هم هؤلاء الأبطال ذوو الأحكام العالية، وأي تغيير في أسمائهم معناه أن الصفقة غير ذات مضمون وغير ذات محتوى، وبالتالي حماس لن تقوم ولا تفكر بأن تعكف على إعداد قائمة غير القائمة التي قدمتها».

واعتبر المزيني أنه ليس أمام إسرائيل خيار غير القبول بشروط المقاومة وقال، «هو يريد أن يستعيد جنديه وهذه الاستعادة لها ثمن وبالتالي أنا أتصور أنه إذا أراد أن يستعيد جنديه فلا بد أن يستجيب لمطالب المقاومة وبالتالي ليس أمامه خيار».

وهاجم المزيني الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، الذي اعتبر في تصريحات قبل أيام، أن أسر شاليط كلف الشعب الفلسطيني الكثير من الشهداء والجرحى والأسرى. وقال «نستغرب هذا الطرح من قبل محمود عباس لا سيما أن ما يقدمه الشعب الفلسطيني ليس من 2006 بل منذ عشرات السنين نتيجة هذا الاحتلال القذر وهذه المعاملة الهمجية من العدو الصهيوني». وبالنسبة لقضية الاحتيال التي يتهم هداس بالتورط فيها. فإنها تدور حول شركة إسرائيلية ادعت أنها طورت طريقة لكشف النوبات القلبية قبل أن تحدث بنصف ساعة. وتعتمد الطريقة على قطعة قماش لاصقة تحتوي على مواد قادرة على كشف إشارات النوبة. كما ادعت الشركة أنها حصلت على موافقة السلطات الطبية الأميركية لاستخدام هذا التطوير وأنها أبرمت صفقة مع شركة بريطانية بمليارات الدولارات.

وتبين أن صاحب الاختراع هو مواطن إسرائيلي مشهور بالاحتيال وانه سبق وأدين في قضية احتيال كبرى في التسعينات وأمضى في السجن أربع سنوات بسببها. ولذلك، شككت وسائل الإعلام الإسرائيلية في الاختراع وكل ما يتعلق به. وكشفت أول من أمس أن اثنين من الأصدقاء الشخصيين لرئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، متورطان في هذه القضية، أحدهما مسؤول المفاوضات حول الأسرى، هداس. فراح الإعلاميون والسياسيون يطرحون علامات استفهام حول استمرار تعيينه في هذا المنصب.

ومن تحقيقات الصحف في الموضوع اتضح أن شبهات دارت حول هداس وهو قائد في جهاز المخابرات الخارجية «الموساد». وقالت صحيفة «هآرتس» إن رفاق هداس السابقين لم يصدموا مما نشر عن الشبهات حول الشركة ودور هداس. وقالوا انه كان قد تورط في عدة أمور في الماضي ولكن سحره الشخصي وعلاقاته الجيدة منعت تقديم قضية ضده. وان هذا هو أحد أسباب المشاكل التي وقعت في حينه بين هداس وبين مئير دوغان، رئيس الموساد، التي أدت في نهاية المطاف إلى خروج هداس من هذا الجهاز مع انه كان أحد المرشحين لرئاسته في المستقبل.

وصرح أحد الوزراء الإسرائيليين بأن وجود هداس في منصب المفاوض الرئيسي يعتبر مشكلة «ففي مصر وحماس يتابعون ما يجري في إسرائيل حول الفضيحة الجديدة ويتعرفون الآن على نقاط ضعف هداس فيستغلونها ضد إسرائيل. ولذلك، على نتنياهو أن لا يبقيه لحظة واحدة في المنصب».

وإذا ما تواصل النشر ضد هداس، فإن من المشكوك فيه أن تستأنف المفاوضات حول الأسرى في القريب وسيتعين على نتنياهو أن يعين شخصا آخر، وهذا الشخص سيحتاج إلى وقت لدراسة الملف قبل أن يبدأ المفاوضات.