الأسر الأميركية من أصل إيراني تعاني من انقسام الأجيال

الشباب يعتقدون أن التغيير في إيران ممكن من خلال صناديق الاقتراع.. لكن آباءهم متشككون

TT

منذ عدة أشهر، أعلنت بونيه، التي تبلغ من العمر 24 عاما وهي طالبة جامعة أميركية من أصل إيراني، أمام والدها أنها سوف تصوت لصالح مرشح المعارضة مير حسين موسوي في الانتخابات الرئاسية الإيرانية. وبعد خسارة موسوي، التحقت بآلاف المتظاهرين في الغرب بدعوى تزوير الانتخابات.

ويهز أفيستا، والدها الذي يبلغ من العمر 70 عاما، رأسه للدلالة على ما يراه سذاجة من جانب ابنته الشابة. فقد كان الباحث الطبي المتقاعد الذي ترك إيران قبل الثورة الإسلامية في عام 1979، يشعر بأن الانتخابات سوف تكون عملية تزوير، واستعراضا لدعم الحكومة الحالية، التي لا يدعمها هو أو ابنته. ويقول أفيستا «إن ذلك شعور عام للأفراد في مثل عمري، فلم ولن نقبل نظام الملالي. وهي تعتقد أنه ليس هناك بديل في الوقت الحالي، وأنا أعتقد أن ذلك ليس حكما صحيحا». وتقول بونيه إن صوتها أظهر على الأقل أن موسوي كان على الأقل أفضل من منافسه المحافظ الرئيس محمود أحمدي نجاد. ومثل هذا الجدل السياسي يعتبر نموذجا للانقسام بين الأجيال في العديد من العائلات الأميركية من أصل إيراني. فأولئك الذين يبلغون العشرين من عمرهم أو أكثر قليلا يعتقدون أن التغيير في إيران ممكن من خلال صناديق الاقتراع. لكن الآباء من ناحية أخرى يقولون إن الانتخابات السابقة جعلتهم متشككين في العملية الانتخابية. وهم يعلمون جيدا كيف أن التفاؤل السياسي لدى الشباب يخبو بمرور الوقت. وقد تمتم أفيستا ببعض الكلمات القليلة باللغة الفارسية عندما ظهر وجه رجل الدين الإيراني على شاشة قناة «سي.إن.إن». وقالت بونيه «إنه يسب التلفزيون فقط».

وبعد ذلك، عندما ظهرت صورة بعض رجال الدين الذين يجلسون في إحدى الغرف، عبر أفيستا عن استيائه باللغة الإنجليزية قائلا «انظر إلى هذه الحجارة».

ثم حملقت بونيه في والدها وقالت لي «انظر، أستطيع أن أجلس هنا وألا أقول أي شيء. لكن هناك من لا يستطيعون ذلك». وقد طلبت بونيه ووالدها ألا نذكر اسمهما الأخير لأن لديهما أقارب في إيران وسوف تزورهم بونيه قريبا. وقد ساعدت بونيه في تنظيم سلسلة من العروض في لوس أنجليس خلال السنوات الثلاث الأخيرة، حيث كانت ترتدي قناعا أسود اللون لحماية نفسها خلال قمع الحكومة للمتظاهرين في إيران. وتخشى والدتها بشأن سلامتها. ولا يمانع والدها من التظاهر في حد ذاته ضد الحكومة الإيرانية، حيث لا يتم انتخاب المسؤولين وتكون لهم السلطة المطلقة. لكنه يعتقد أن التظاهرات الأخيرة كانت في صالح موسوي تماما وليست معارضة للنظام بما يكفي. ويقول أفيستا «إنهم يتظاهرون حوله فقط وهو أحد هؤلاء المجرمين وهو ليس أفضل من الآخر».

ويقول مسعود كاظم زاده، وهو أستاذ في سياسات الشرق الأوسط في جامعة سام هوستون في تكساس، إن العديد من الإيرانيين المغتربين في مرحلة الثورة يشاركون أفيستا رؤيته. فالكثير رحبوا بالثورة التي أطاحت بالشاه في بادئ الأمر، لكن ظهر الزيف عندما قبض النظام الجديد على قادة المعارضة وأغلق الصحف وأجبر النساء على تغطية رؤوسهن ومنع المنتقدين من الترشح للانتخابات. ويقول كاظم زاده «إن الجيل القديم يميل إلى تصوير الأمر كله على أنه زيف، وعلى أن الانتخابات زائفة» مما يعني أن أصواتهم لا معنى لها. ويقول حسين حجازي، وهو مذيع معروف في إذاعة وتلفزيون فارسيين في لوس أنجليس، إنه لم يصوت في أي انتخابات إيرانية منذ عام 1979. وقال إنه يندم على سفره إلى إيران من أجل الإدلاء بصوته. وبعد ثلاثة عقود فإنه ما زال غاضبا لأنه دعم آية الله روح الله الخميني، الذي كان يشجع الناس على تأييد الجمهورية الإسلامية الجديدة. ويتذكر حجازي «كان يقول إنه سوف يجلب الديمقراطية والحرية، ولن يكون هناك جيش بعد الآن، وسوف نساعد الفقراء، وظننت أننا سوف نحصل على الجنة في ذلك الوقت».. لكن الاتجاه الذي سارت إليه البلاد لم يكن هو ما توقعه. ويقول كاظم زاده «إن هذا الجيل من الشباب لم يمر بما مر به آباؤهم. وهم يصدقون أي أحد يخرج ويقول لهم إنه سوف يجعل الأشياء أفضل لهم، فيذهبون ويصوتون له».

وعلى الرغم من أن موسوي كان جزءا من الثورة التي أسست الحكم الديني وكان رئيسا لوزراء إيران بين عامي 1981 و1989 فإنه قال في لقاء تلفزيوني أخير إنه يخشى من الاتجاه الذي يقود أحمدي نجاد البلاد إليه. وقد تعجب نجم الدين مشكاتي، وهو أستاذ في الهندسة المدنية والبيئية في «يو.إس.سي»، من نشاط بعض طلابه الإيرانيين. فقبل الانتخابات بيوم واحد قام الطلاب بتنظيم جلسة نقاش حول الانتخابات. ويقول «لقد كان الحماس والطاقة اللذين رأيتهما شيئا غير مسبوق بين الطلاب الإيرانيين. وقد ذهبوا جميعا للتصويت».

وبالنسبة إلى بونيه، فلم يكن الأمر مجرد الوعد بمزيد من الحرية وحقوق المرأة هو الذي شجعها على دعم موسوي، ولكن بالإضافة إلى ذلك كان وجود العديد من الأفراد المستعدين للتصويت وتأسيس الحركة الشعبية الخاصة بهم. ويقول والدها إنه تعهد بعدم الإدلاء بصوته وتجنب الحكومة. وفي أحد أيام الثلاثاء الأخيرة كانت بونيه ووالدها يجلسان في غرفة المعيشة يشاهدان المؤتمر الصحافي للرئيس أوباما. وكانت ترتدي الجينز وتيشيرت مكتوبا عليه «الأمل يساعد الناس في كل مكان». وقد انزعج أفيستا عندما سمع أوباما يقول إن الولايات المتحدة لن تتدخل، وإن الإيرانيين «يتجادلون» فيما بينهم. وقال أفيستا: «هل قتل الناس جدال؟».

وقالت بونيه: «انظر، إن ذلك شيء مما نختلف عليه نحن الاثنان. فأنا لا أعتقد أن على الغرب أن يتدخل في إيران».

فقال والدها «لن يتدخل ولكنه يساعد».

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» خاص بـ«الشرق الأوسط»