موريتانيا: نتائج الاقتراع الجزئية تبرز فوز الجنرال ولد عبد العزيز بالرئاسة في الدورة الأولى

نسبة المشاركة بلغت 61%.. والمعارضة نددت بـ«المهزلة الانتخابية»

TT

تصدر الجنرال محمد ولد عبد العزيز، الرئيس المستقيل للمجلس الأعلى للدولة (المجلس العسكري) في موريتانيا، الذي أطاح في أغسطس (آب) 2008، بالرئيس المدني المنتخب ديمقراطيا سيدي ولد الشيخ عبد الله، النتائج الجزئية لاقتراع أول من أمس لاختيار رئيس جديد للبلاد، وذلك بحصوله على نسبة 52.2% من مجموع الأصوات لدى فرز نسبة 61.17% من إجمالي الأصوات، وفق ما أعلنت عنه أمس اللجنة المستقلة لمراقبة الانتخابات.

وذكرت اللجنة أن مسعود ولد بلخير رئيس الجمعية الوطنية (البرلمان) ومرشح الجبهة المعارضة للانقلاب، حصل على نسبة 16.63% من الأصوات، أي بفارق واسع عن الجنرال ولد عبد العزيز، تلاه أحمد ولد داداه رئيس حزب «تكتل القوى الديمقراطية»، الذي يُعتبر الحزب الأساسي في المعارضة، وذلك بنسبة 13.89%من الأصوات.

وحصل جميل ولد منصور، المرشح الإسلامي المعتدل الذي ترشح للمرة الأولى في الانتخابات الرئاسية، على نسبة 4.66% من الأصوات، متقدما على العقيد اعل ولد محمد فال الرئيس السابق للمجلس العسكري (2007 ـ 2008)، الذي حصل على 3.78% من الأصوات.

وأعلنت اللجنة المستقلة للانتخابات في موريتانيا أن نسبة المشاركة في الانتخابات بلغت 61%. وكانت مكاتب الاقتراع في البلاد قد أغلقت أبوابها في الساعة السابعة من مساء أول من أمس.

وفي غضون ذلك ندّد مرشحو المعارضة الأربعة الرئيسيون للانتخابات الرئاسية في موريتانيا أمس أمام الصحافيين بما أسموه «مهزلة انتخابية» بعد إعلان النتائج الجزئية، التي تشير إلى فوز الجنرال ولد عبد العزيز في الدورة الأولى.

وأصدر المرشحون الأربعة للانتخابات الرئاسية وهم: ولد داداه، وولد بلخير، وولد محمد فال، وحمادي ولد أميمو، بيانا مشتركا، انتقدوا فيه نتائج الاقتراع التي وصفوها بأنها ملفقة، وطالبوا بإجراء تحقيق دولي لتسليط الضوء على العملية الانتخابية برمتها.

وقال محمد ولد بيا المتحدث باسم المجموعة إنه «تم التلاعب في القوائم الانتخابية، وإن الناخبين استخدموا بطاقات اقتراع وبطاقات هوية مزورة خلال الانتخابات لزيادة عدد الأصوات الممنوحة لولد عبد العزيز».

وطالب البيان اللجنة المستقلة للانتخابات، ووزارة الداخلية الموريتانية، والمجلس الدستوري، بعدم التصديق على نتائج الانتخابات.

ومن جهته، قال المرشح مسعود ولد بلخير في مؤتمر صحافي أمس، إن «النتائج الأولية تشير إلى أن الأمر يتعلق بـ«مهزلة انتخابية تسعى إلى تشريع انقلاب يوم السادس من أغسطس (آب) 2008»، مشيرا إلى أن نتائج الاقتراع جاءت لتمديد روح الانقلاب، الذي قاده ولد عبد العزيز. وأضاف: «من الواضح تماما بالنسبة إليّ أن ما نشهده تمثيلية انتخابية».

وبخلاف ذلك، أعلن فريق المراقبين العرب الذي تابع الانتخابات تحت راية جامعة الدول العربية، عن ارتياحه لسير العملية الانتخابية، مؤكدا أن عملية الاقتراع تمت في ظروف طبيعية وشفافة.

وقال فريق المراقبين العرب، الذي يتكون من 23 شخصية منتمية إلى 12 دولة عربية، إن التجاوزات التي سُجلت لا تؤثر تقنيا على نزاهة الانتخابات، وإن العملية برمتها كانت طبيعية وشفافة.

إلى ذلك، أكد وزير الإعلام الموريتاني، الكوري عبد المولى، أن الانتخابات الرئاسية جرت في جو من النزاهة والشفافية، وقال الوزير الموريتاني في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إن أيا من المرشحين الأربعة لم يتقدم بطعن رسمي على نتائج تلك الانتخابات.

وأضاف أن «الانتخابات جرت في ظروف طيبة أسفرت عن فوز الجنرال ولد عبد العزيز بنسبة أكثر من 52%، نافيا وجود أي عمليات تزوير في ظل وجود 600 مراقب أجنبي اعترفوا بنزاهة وشفافية الانتخابات.

وفي اتصال هاتفي آخر قال إمام الشيخ ولد علي، أحد مسؤولي الحملة الانتخابية لولد عبد العزيز، لـ«الشرق الأوسط» مساء أمس: «إن وزير الداخلية بصدد إعلان النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية، التي تؤكد فوز الجنرال ولد عبد العزيز في الانتخابات التي مرت في أحسن حال، ولم تظهر خلالها أي مشكلات»، مشيرا إلى أن المراقبين العرب والأفارقة والفرانكفونيين، شهدوا بذلك. وأوضح ولد علي أنه بعد أيام سيبحث المجلس الدستوري ملف الانتخابات والموافقة على نتائجها، وإعلان ولد عبد العزيز فائزا نهائيا، وبعد ذلك تنتقل موريتانيا إلى حفل تنصيب الرئيس رسميا، ليبدأ في ممارسة مهامه، وتنفيذ أولويات برنامجه الرئاسي، وضمنها تنشيط العمل في المجال السياسي والاقتصادي، ومحاربة الفقر، وتوزيع الثروة بصفة عادلة، ومحاربة الفساد من منطلق أن موريتانيا عانت كثيرا منه، كما يستأنف الرئيس ولد عبد العزيز نشاطه، الذي بدأه خلال الأشهر التسعة الماضية، الذي كان يركز على استكمال البناء في مشاريع البنية الأساسية خصوصا المدارس والمستشفيات وشق الطرق، وتشييد معمار يليق بالعاصمة نواكشوط.

وأكد ولد علي أن الرئيس ولد عبد العزيز سيقوم بتوزيع الأراضي على الفقراء لبنائها أو استخدامها في الزراعة، إضافة لذلك سيسعى إلى توطيد الوحدة الوطنية، وإنهاء الخلافات، وتقوية الجبهة الوطنية الداخلية للتخلص من فترة الخلافات الماضية التي سيطرت على موريتانيا منذ صيف العام الماضي عقب ما اسماه الرئيس «ثورة التصحيح». وكان متوقعا أن يعلن محمد ولد رزيزيم، وزير الداخلية الموريتاني، المنتمي إلى قطب المعارضة، مساء أمس، عن النتائج النهائية لاقتراع السبت، خلال مؤتمر صحافي.

وهذه أول انتخابات تجرى في موريتانيا منذ انقلاب أغسطس (آب) 2008 ضد أول رئيس منتخب ديمقراطيا، وتهدف إلى أن يظهر للمستثمرين والجهات المانحة أن البلاد مستعدة للعودة إلى الأسرة الدولية بعد فرض عقوبات.

وقال ولد عبد العزيز أمام أنصاره بعد تأكد تقدمه: «أهنئ طاقم حملتي الانتخابية على العمل الجبار الذي مكنني من الحسم في الدور الأول»، وتعهد بمحاربة الفساد وبتنمية موريتانيا وضمان رخاء سكانها. وكان ولد عبد العزيز أبلغ أنصاره مرارا قبيل الاقتراع أنه بإمكانه الفوز بالرئاسة في الجولة الأولى، مما يعني تجنب جولة ثانية من الاقتراع.

ووعد ولد عبد العزيز بخفض أسعار المواد الغذائية والوقود وهو الوعد الذي من المرجح أنه استمال الكثير من الموريتانيين الذين يعيش 40 في المائة منهم تحت خط الفقر.

وكان مرشحو المعارضة يعتزمون مقاطعة الانتخابات في بادئ الأمر، بيد أنهم وافقوا على المشاركة بعد مفاوضات مطولة في خطوة، قال دبلوماسيون إنها ستضفي قدرا أكبر من المصداقية على الانتخابات.