رئيس الوزراء الإسرائيلي يتحدى واشنطن ويصر على مواصلة الاستيطان في القدس

مقربون من نتنياهو يتبادلون نكات تعكس استخفافهم بأوباما

TT

تحدى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الإدارة الأميركية معلنا رفضه المطالب الأميركية بوقف الاستيطان في شرق القدس المحتلة. وفي مطلع جلسة الحكومة الإسرائيلية الأسبوعية صباح أمس قال نتنياهو إن أي يهودي بإمكانه أن يسكن في أي مكان من القدس. وتساءل نتنياهو قائلا: «ماذا سيحدث لو أن أحدا حظر على اليهود أن يقطنوا في لندن أو نيويورك أو باريس أو روما؟ من المؤكد أن العالم لن يقبل هذا، فهل يعقل أن يطلب من اليهود عدم الاستيطان في القدس؟»، على حد تعبيره.

وقد ذكر موقع «يديعوت» أن مسؤولي الخارجية الأميركية استدعوا السفير الإسرائيلي في واشنطن مايكل أورن وأبلغوه بأن إدارة أوباما تطالب إسرائيل بأن توقف على الفور التمهيد لبناء وحدات استيطانية في حي الشيخ جراح شرق القدس لكي لا يتم تغير في الشكل الديمغرافي في القدس. ورد وزير الإعلام والشتات الإسرائيلي يولي ادلشتين على المطلب الأميركي قائلا إن إسرائيل ستواصل البناء، وقضية البناء في المستوطنات أمر غير قابل للنقاش.

ويأتي تحدي نتنياهو في الوقت الذي أكدت فيه مصادر إسرائيلية أن الولايات المتحدة وإسرائيل تعكفان على بلورة «قاعدة بيانات مشتركة» بشأن الاستيطان، تمهد لاتفاق أميركي إسرائيلي ينهي الخلاف حول موضوع الاستيطان، الذي تفجر في أعقاب خطاب الرئيس أوباما.

من ناحيتها أكدت صحيفة «هآرتس» النقاب عن أن تغيرا واضحا طرأ في تعاطي نتنياهو وطاقمه مع إدارة أوباما، حيث أصبحت دوائر صنع القرار في إسرائيل تتعاطى مع أوباما باستخفاف. وأشارت الصحيفة إلى أن الذي يعكس هذا الاستخفاف هو حقيقة أن كبار موظفي ديوان نتنياهو أصبحوا يتبادلون بعض النكات التي تدل على الاستخفاف بأوباما. وأشارت الصحيفة إلى أن أكثر النكات رواجا تقول: «ماذا يفعل الأميركي عندما يكتشف خرابا في بيته، أو أن مغسلته كانت مسدودة؟ بسيط جدا... يدعو باراك أوباما إلى إلقاء خطاب، فتحل المشكلة». ونوهت الصحيفة بأن موظفي ديوان نتنياهو راضون تماما عن رسم كاريكاتيري للرسام الإسرائيلي يعقوب كيرشان، حيث يظهر في الرسم الهاتف الأحمر الذي ينقل الأخبار الساخنة للرئيس أوباما، ويظهر أوباما وهو يغط في نوم عميق في أثناء رن الهاتف الذي كان ينقل تقارير حول التطورات الدراماتيكية في كوريا الشمالية وباكستان وإيران، لكن بمجرد أن نقل تقرير عن البناء في المستوطنات، قام أوباما فزعا قائلا: «اليهود يقومون بالبناء في الضفة الغربية!».

وأكد المعلق الإسرائيلي ألوف بن أن الانطباع السائد لدى نتنياهو وطاقمه أن أوباما ضعيف، وأنه يحاول التغطية على ضعفه عبر إلقاء الخطابات الرنانة، منوها بأن التقارير التي وصلت مكتب نتنياهو حول لقاء أوباما بقادة المنظمات اليهودية في أميركا مؤخرا تؤكد على صحة هذا الانطباع، حيث عكف أوباما خلال اللقاء على التأكيد للزعماء اليهود أن الخلاف بين إدارته وإسرائيل هو «خلاف داخل الأسرة»، وأنه سيطالب الفلسطينيين والدول العربية بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل. وأكدت التقارير أن أوباما حاول التقليل من شأن الخلافات بين إدارته وإسرائيل بشأن الاستيطان. وأكدت المصادر الإسرائيلية أن اللوبي اليهودي حقق إنجازا كبيرا بصمت ودون تحدٍّ مباشر مع إدارة أوباما عندما أقنع الكونغرس بالتلميح إلى أوباما بترك إسرائيل وشأنها وعدم الضغط عليها في موضوع الاستيطان. وكشفت «هآرتس» النقاب عن أنه خلال زيارة نتنياهو الأخيرة لواشنطن سلم 73 سناتورا من مجلس الشيوخ رسالة لأوباما بفرض قائمة طويلة من الشروط على الفلسطينيين، وأن يتعامل مع إسرائيل من منطلق الود. وأكدت الصحيفة أن معظم الموقعين على الرسالة هم من الحزب الديمقراطي الذي يتزعمه أوباما.

وأكدت المصادر الإسرائيلية أن إدارة أوباما تراجعت وباتت توافق على أن تتم معالجة موضوع الاستيطان ضمن رزمة شاملة، تتضمن التطبيع بين إسرائيل والدول العربية وضرب ما يسمى بالإرهاب. وأكد صحيفة «هآرتس» أنه بخلاف التقارير التي تحدثت مؤخرا عن توجه الإدارة الأميركية لطرح مبادرة جديدة، فإن كل المؤشرات تؤكد أن مثل هذه المبادرة لن ترى النور قريبا. وفي المقابل يوجه نتنياهو وطاقمه أصابع الاتهام لاثنين من مستشاري أوباما اليهود، وهما رام إمانوئيل رئيس طاقم البيت الأبيض، وديفيد أكسلرود، ونقل عن نتنياهو قوله بشأنهما: «هما يهوديان تفترسهما الكراهية الذاتية».

إلى ذلك أعرب مسؤولون في السلطة الفلسطينية عن قلقهم من إمكانية توصل واشنطن وتل أبيب إلى اتفاق يضفي شرعية على مواصلة البناء في المستوطنات. وذكرت مصادر فلسطينية أن السلطة الفلسطينية بعثت برسائل للإدارة الأميركية تؤكد أنها ترفض أنصاف الحلول، وأنه يتوجب على إسرائيل وقف الاستيطان بشكل كامل. وأكدت المصادر أن كلا من الرئيس محمود عباس وكبار مساعديه سيبحثون هذه القضية مع المبعوث الأميركي جورج ميتشل الذي سيزور رام الله الأسبوع الحالي.