رئيس «جي بي مورغان» المصرفي الأكثر نفوذا لدى إدارة أوباما

رام إيمانويل سيكون الضيف الخاص على اجتماع مجلس الإدارة

TT

يعقد جامي ديمون رئيس «جي بي مورغان تشيس»، اليوم، اجتماعا لمجلس إدارة الشركة في واشنطن للمرة الأولى، بحضور ضيف خاص هو رام إيمانويل كبير موظفي البيت الأبيض.

وسيؤكد حضور إيمانويل على مكانة ديمون، الذي برز وسط حالة عدم الثقة، التي تتعرض لها الصناعة المالية في الولايات المتحدة، على أنه رجل البنوك الأول والمفضل لدى الرئيس باراك أوباما، مما أثار حسد خصومه في وول ستريت. كما يعكس أيضا العائد الجيد لما وصف به ديمون، علاقات شركته بالحكومة على أنها «الخط السابع للعمل».

كانت بداية أسلوب التأثير الجيد على واشنطن بدأت في أواخر عام 2007 ثم وصل إلى ذروته لدى ضرب الأزمة المالية، وتحولت العاصمة إلى مركز المال في الولايات المتحدة. ثم أفرز انتخاب أوباما عن صعود نجم الديمقراطي الشهير المقيم في شيكاغو ديمون، الذي قضى الأعوام الماضية يدير بنكا هناك.

وأشار أحد مسؤولي الإدارة، إلى أن إيمانويل وافق على التحدث أمام مجلس الإدارة بعد الاطلاع على مراجعة أعدها مستشار البيت الأبيض، بينما رفض وزير الخزانة تيموثي غتنر، تلبية الدعوة حتى لا ينظر إليه على أنه داعم لشركة لديها الكثير من القضايا المنظورة أمام الوزارة.

وقال مدير شركة مالية كبرى: «من الجيد بالنسبة لمجلس الإدارة أن يحدث ذلك، لكن لا بد وأن تحظى بنفوذ واسع كي يتحقق ذلك».

يتمتع ديمون وشركته بنفوذ كبير بين عالم جماعات الضغط والمؤسسات البحثية، يوازي نهضتهم مؤخرا في وول ستريت. وكانت الشركة قد دخلت أزمة أكبر من منافساتها لكنها كشفت عن مكاسب ربع سنوية جيدة الأسبوع الماضي تؤكد مكانتها الكبيرة.

مع دخول الأزمة أصبح ديمون، المانح الديمقراطي، أكثر مشاركة من الناحية السياسية، وربما كان في هذه العملية الصوت الأكثر مصداقية لصناعة باتت مشوهة السمعة. فيما حافظت البنوك العملاقة الكبرى مثل سيتي غروب وبانك أوف أميركا على صمتهما نظرا لكونهما تحت وصاية الدولة.

قامت شركة «جي بي مورغان» برد أموال الإنقاذ التي اقترضتها بسرعة على الرغم من أن كل بنوك الولايات المتحدة الكبرى لا تزال تستفيد من منح القروض الحكومية وتسهيلات الإقراض.

وقال النائب الديمقراطي عن ولاية ماساشوتس بارني فرانك، الذي يرأس لجنة البنوك في الكونغرس: «إنه أحد المديرين الديمقراطيين القلائل في هذه الصناعة، من كانوا أقل خسارة من آخرين، لذا تم منحه دورا قياديا».

ويذهب ديمون رئيس «جي بي مورغان» ومديرها التنفيذي إلى واشنطن مرتين شهريا على عكس السابق كلية ستريت حيث كان يقوم بزيارتين سنويا، كما طلب من كبار مديريه السفر أيضا».

وقد التقى ديمون خلا الشهور الأخيرة بمسؤولين مثل غيتنر والمستشار الاقتصادي للبيت الأبيض لورنس سومرز وكبار المشرعين من كلا الحزبين. كما يتواصل هاتفيا أو عبر البريد الإلكتروني مع رام إيمانويل، ويقدم له مساعدوه قائمة تضم أسماء ستة من المسؤولين ممن ينبغي الاتصال بهم.

وقال ديمون في مقابلة معه: «يجب أن يتم الأمر بصورة منتظمة، يجب أن تكون لديك بعض العلاقات حتى يعرفك الناس ويثقوا بك، وعندئذ ستكون وسيطا أمينا وستتمكن من مقاومة كل شيء».

وفي الوقت الذي بدا فيه متعجلا في انتقاد الإدارة اختارت «جي بي مورغان» معاركها بصورة متأنية، حيث رأت في حماسته استثمارا جيدا، خاصة أن الحكومة تفكر في إعادة صياغة تاريخية للقوانين المالية. وقد أكال أوباما المديح لديمون أكثر من مرة. بيد أن بعض الديمقراطيين قالوا إن بمقدور ديمون أن يكون صريحا أكثر من اللازم، وأصم تجاه العداء للبنوك في البلاد. وعندما اشتكى في كلمة مارس (آذار) من ذم واشنطن لوول ستريت، بعث أكثر من 40 ديمقراطيا في الكونغرس برسالة احتجاج.

وقال فرانك: «كان ذلك هراء».

بيد أن ديمون أسهم في إقناع فرانك والكونغرس بتسهيل الشروط للبنوك والسماح لـ«جي بي مورغان» بسداد 25 مليار دولار قيمة خطة الإنقاذ من برنامج إغاثة الأصول المتعثرة المعروفة اختصارا بـ«تارب» وقد قام بذلك عبر الشكوى على نحو علني وخاص، لدرجة أن «جي بي مورغان» كانت مترددة في الحصول على الأموال العام الماضي من إدارة بوش، لتجنب أن توصم بأنها من بين أكثر البنوك حاجة، لكنه اصطدم بقيود جديدة في استقدام موظفين أجانب ورواتب المديرين التنفيذيين وأمور أخرى.

وقد تعرضت «جي بي مورغان» والصناعة المالية للخسارة عندما تحول مشروع قانون بطاقات الائتمان المناصر للمستهلكين إلى قانون، لكنها ردت على ذلك بمقترح للسماح لقضاة الإفلاس بخفض عدد ملاك المنازل المدينين برهون عقارية. وقد جاء ذلك النصر مكلفا: فقد أغضبت «جي بي مورغان» الجمهوريين عبر التفاوض مع الديمقراطيين ثم أغضبت الديمقراطيين عندما انهارت تلك المحادثات.

لكن ديمون و«جي بي مورغان» لديهما رغبة في تحمل تلك الهزائم إذا ما كانت ستترجم إلى نصر في خضم الصراع داخل قطاع التشريعات المالية الأوسع، الذي على وشك البدء.

كانت أبرز تلك الجهود ما يتعلق بتنظيم سوق للتعاقدات المالية، الذي تهيمن عليه شركة «ديمون». وفي الوقت الذي تفضل فيه «جي بي مورغان» متطلبات التقرير الجديد للأدوات المالية المعقدة إلا أنها ترفض مقترح الإدارة إجبار الشركات على البورصات العامة، إذ إن القيام بذلك سيعيق أعمال الشركة المربحة في بيع الأدوات التي تتوافق مع رغبات العميل وعلى غرار البنوك الأخرى تعارض «جي بي مورغان» إنشاء وكالة مستهلك جديدة للمنتجات المالية.

في هذه الأثناء يمكن أن تسوء سمعة الشركة عبر التحقيقات في الأزمة، ومن بينهم تعرض «جي بي مورغان» لمراجعة من قبيل وزارة العدل ولجنة السندات والبورصة لاحتمالية عدم الثقة وانتهاك قانون السندات، الذي يضم اتفاقات ثانوية مع حكومات محلية.

ولدى انتهائه من تلك المعارك يجب على ديمون، البالغ من العمر 53، عاما أن يستمتع بمكانة شركته، التي نالتها بشق الأنفس في كل من واشنطن ونيويورك: فعلى مدار سنوات كانت تلك المكانة المميزة حكرا على «سيتي غروب» السوق المالية التي أسهم في بنائها، ورئيس «سيتي غروب» الأسبق سانفورد ويل، الذي كان معلم ديمون، الذي فصله عام 1998.

وقد انتقل ديمون في أواسط حياته العملية من وطنه في نيويورك إلى شيكاغو، حيث أعاد بناء حياته المهنية وساهم في إحياء بنك وان واندمج مع جي بي مورغان عام 2004 قبل العودة على نيويورك للعمل بدوام كامل في 2007. وفي شيكاغو كان على اطلاع بصدارة أوباما وأصدقائه.

توثقت علاقة ديمون وغيتنر من خلال البنك الاحتياطي الفيدرالي، حيث عمل غيتنر كمدير له وكمنظم لـ«جي بي مورغان». وكان ديمون من بين أعضاء مجلس إدارة البنك الفيدرالي لنيويورك، وقضى الرجلان ساعات طوال يتفاوضان عام 2008 حيث حثت الحكومة «جي بي مورغان» على شراء بعض أصول بير ستيرن وواشنطن ميوتيوال للحيلولة دون انهيارهما. وقال ديمون إن الرجلين تحدثا عبر الهاتف ربما عشر مرات خلال العام.

وقد شملت المحادثة الأخيرة المأزق بشأن المبررات التي تلقتها الحكومة من «جي بي مورغان» الخريف الماضي في مقابل أموال الإنقاذ. وعندما أصر البنك على سعر منخفض اتفق الجانبان على تفويض الخزانة بيع الضمانات. عندئذ اتصل ديمون بغتنر ليوضح له أن تقييمات الحكومة كانت خاطئة، على حد قول مسؤولي الإدارة والشركة.

لكن غيتنر رد بأن البيع سيحمي الخزانة من الانتقادات بأنها أبرمت اتفاقات غير عادلة.

وقد عمل رام إيمانويل في منصب كبير مستشاري الرئيس كلينتون عندما التقى ديمون وعرض عليه العمل في «سيتي غروب». وعندما فصل حصل على مكالمة داعمة له من إيمانويل، الذي روى قصة فصله بصورة مبكرة في عهد كلينتون ثم عودته إلى الدائرة الداخلية. وقال إيمانويل في مقابلة معه: «وجه الشبه بيننا أننا تعرضنا للضياع في وقت ما من حياتنا العملية ونجحنا في استعادتها مرة أخرى. وهو لا يخشى التعبير عن رأيه وأنا لا أخشى التعبير عن رأيي أيضا» وروى كيف أن ديمون اتصل به ذات مرة للاحتجاج على سيطرة الاشتراكية المعيقة للأعمال لأن الناخبين تعبوا من خطة الإنفاق وقال: «إن واشنطن لا تفهم ذلك».

ورد إيمانويل: «إنكم لا تفهمون مقدار الغضب في الشارع. جامي إنك تطلب من الشعب الأميركي أن ينقذ الصناعة. ولذا إذا ما كانوا سيهبون لنجدة الصناعة فإن عليها أن تغير من عاداتها».

* شارك في إعداد التقرير جاكي كالمز من واشنطن ولويز ستوري من نيويورك.

خدمة «نيويورك تايمز»