اللاجئون الفلسطينيون تحق لهم العودة.. في تابوت

سكان قرية «اقرث» ينتظرون منذ 60 عاما بعد أن طردتهم إسرائيل

TT

«عودوا بعد مماتكم!». منذ 60 عاما والسلطات الإسرائيلية تمنع عودة سكان قرية اقرث العربية الذين طردوا منها مع اندلاع الحرب العربية الإسرائيلية الأولى عام 1948.

ويتذكر معروف أشقر الذي يبلغ 79 عاما وشهد في 31 أكتوبر (تشرين الأول) 1948 ترحيل 450 من سكان البلدة، ويقول «أمرنا الجيش (الإسرائيلي) بمغادرة القرية، مؤكدا أننا نستطيع العودة بعد أسبوعين».

وأضاف الرجل الذي يعتبر ذاكرة القرية الحية في تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية «وما زلنا ننتظر منذ 60 عاما!» وأردف «لاحقا دمروا البلدة. لم يتركوا إلا الكنيسة والمقبرة. وكأنهم يقولون لنا لا تعودوا قبل مماتكم»، غير أن سكان تلك البلدة المسيحية القريبة من الحدود اللبنانية ويحملون الجنسية الإسرائيلية فازوا بحكم من المحكمة العليا الإسرائيلية عام 1951، على غرار سكان بلدة كفر برعم، يقضي بالسماح لهم بالعودة.

ويروي المؤرخ الإسرائيلي بني موريس أن كفر برعم واقرث «تمثلان تصميم الجيش منذ 1948 على إنشاء نوع من الحزام الأمني» يخلو من العرب على طول الحدود الشمالية. وتلقفت «مؤسسات الدولة المدنية» هذه السياسة سريعا، على ما أكد موريس في كتابه «مراجعة نشوء مشكلة اللاجئين الفلسطينيين» (دار كامبريدج، 2004).

وأضاف «كان الروم الكاثوليك يقطنون اقرث، التي استسلمت لقوات كتيبة عوديد بلا مقاومة، لا بل استقبلتهم بالخبز والملح على أنهم محررون».

وروى معروف أشقر «كان صباح يوم أحد، في الساعة 30.07. اقترب الجنود من الجهتين. رفعنا الراية البيضاء وقدمنا لهم الطعام. بعد 5 أيام أمرونا بالمغادرة مؤكدين أننا في خطر».

بعد أشهر على قرار المحكمة العليا دمر الجيش القرية. وقال أشقر «في 24 ديسمبر (كانون الأول) 1951، ليلة الميلاد. سووا القرية بالتراب ودمروا كل المنازل لمنعنا من العودة».

منذاك الوقت والسكان وأبناؤهم الذين يبلغ عددهم حوالي 1200 شخص منتشرون في شمال إسرائيل يواصلون الصراع. وقال رئيس لجنة سكان اقرث عماد يعقوب، 59 عاما، «بالرغم من دمار القرية ما زلنا مخلصين لها».

وبالتالي رفع السكان القضايا وتظاهروا ونظموا تجمعات ووقعوا العرائض، موجهين نداءات إلى البابا يوحنا بولس الثاني إبان زيارته إلى الأراضي المقدسة عام 2000، ثم إلى خلفه بنديكتوس السادس عشر في زيارته في مايو (أيار) الأخير، بلا جدوى.

عام 2001، اعتبر رئيس الوزراء آنذاك آرييل شارون في بيان رسمي حول اقرث وكفر برعم أن «سابقة السماح للاجئين بالعودة إلى قراهم ستستخدم سياسيا ودعائيا من طرف السلطة الفلسطينية».

وغادر حوالي 760 ألف فلسطيني، بات عددهم اليوم حوالي 5 ملايين، أراضيهم مع إنشاء دولة إسرائيل عام 1948 التي ترفض فكرة عودتهم.

اليوم، وبالرغم من تعنت السلطات منذ 60 عاما، ما زال سكان اقرث يبذلون ما في وسعهم للمحافظة على وجود قريتهم. وقال عماد يعقوب «ننظم قداسا شهريا، ونعقد القرانات ونقيم العمادات في الكنيسة، كما ندفن أمواتنا في المقبرة. كل صيف ننظم مخيمات لتعليم اليافعين تاريخ القرية ومحبتها». وأضاف «تراهن الحكومة على الوقت لمحو الذاكرة، كي تنسى الأجيال الجديدة أصلها، لكننا سنثبت لهم العكس».