كيف حلت القصيم مشكلة انقطاع الكهرباء

سعود الاحمد

TT

لا أدري لماذا لا تستفيد مناطق المملكة التي تعاني من انقطاع التيار الكهربائي أو شح في توفر مياه الشرب، من تجارب غيرها من المناطق!؟.. ومن تجربة إمارة منطقة القصيم، عندما واجهت مشكلة انقطاع التيار الكهربائي مع بداية هذا الصيف، ونجحت نجاحا يستحق أن يشاد به ويحتذى. ولأن الحديث بالمقارنة بين المناطق غير مجد (في هذا الموضع بالذات) وما تعانيه من انقطاع للتيار الكهربائي وعجز في توفير مياه الشرب.. وما ينتظر لهذه المشكلة من تزايد خلال شهر رمضان المبارك (خصوصا أن الصيف لم ينته بعد)، وهو ما نبهت إليه عدة أقلام في مقالات وتحقيقات وتصريحات. لكنني أروي تجربة منطقة القصيم على سبيل المثال، ولكي يستفاد منها.

فبعد أن تكرر انقطاع التيار الكهربائي بمنطقة القصيم، ودق ناقوس الخطر مع بداية هذا الصيف (وبالتحديد خلال شهر مايو (أيار) من هذا العام)، وزادت الاحتمالات بأن المشكلة ينتظر لها أن تزداد، وأن الضرر قد يصل أثره إلى غالبية سكان المنطقة، وبالأخص الطلبة والمصانع وحتى المستشفيات، عند ذلك تدخلت إمارة المنقطة وتحملت المسؤولية بجدارة. وشاهدنا تكرار ظهور نائب أمير المنطقة يقوم بالزيارات الميدانية ويتحدث مباشرة مع أصحاب المشكلة من المواطنين والمقيمين ويوجه حديثه لهم في مختلف وسائل الإعلام وملاحظاته على أداء شركة الكهرباء. وبهذا الخصوص يحسن الحديث عن: كيف حلت منقطة القصيم مشكلة انقطاع الكهرباء؟! فملخص ما قامت به إمارة المنقطة هو شحذ همم جميع مديري الإدارات الحكومية، لبذل ما يمكن بذله لترشيد استهلاك التيار الكهربائي. وتعميم ذلك الترشيد بمختلف مدن وبلدات المحافظة، بدءا بمنسوبي إمارة منطقة القصيم ووصولا للأئمة المساجد وخطباء الجوامع. والتنبيه على مديري الإدارات للتعامل مع المشكلة وتحمل مسؤولية حلها، وإلزامهم بذلك. واضعا لذلك معيارا «عقلانيا» يفهمه ويقبله الجميع.. وهو أن يستغنى عما يمكن الاستغناء عنه من الاستهلاك الكهربائي. وبالفعل لوحظ الأثر في المباني والشوارع والطرق السريعة والميادين والحدائق والمدارس والمساجد والاستراحات. وقام نائب أمير المنطقة بالمتابعة عن كثب لإنجاحها.. ولئلا تكون برامج ترشيد الاستهلاك الكهربائي مجرد حبر على ورق. ولذلك حققت الحملة نجاحا باهرا وجنبت المنطقة شبح شح الطاقة الكهربائية في فصل الصيف الحالي.

وكمثال على عدم تعامل بعض الجهات مع برامج ترشيد استهلاك الكهرباء والاستمرار في الإسراف في استهلاك الطاقة الكهربائية، ما نشاهده من الكشافات المرصوصة لمسافة عدة كيلومترات على الطرق المؤدية لمداخل بعض المدن والبلدات.. وأخص منها «الكاشحة» على الطرق المتفرعة من طريق الرياض القصيم. وهي إنارات لمداخل في الصحراء لا يستفيد منها أحد.. لا أدري ما المبرر لها؟!. وبالمقابل لدينا أزمة سكن بمعظم المدن الرئيسية للمملكة، التي من أهم أسبابها أن هناك أحياء داخل العاصمة الرياض لم تصلها خدمة الكهرباء.. وعلى سبيل المثال ظهرة لبن وضاحية نمار وحي الأمانة وعريض والمهدية (وغيرها)!.

والغريب في هذا الأمر، كيف لا تتعامل البلديات مع المشكلة وتتحمل مسؤوليتها تجاهها؟!. لماذا تنصب البلديات أعمدة الإنارة بالشوارع، وفي كل عمود أربعة كشافات؟ لماذا لا يكتفى باثنين فقط!؟ وعوضا عن ذلك، يكون بين العمود والعمود أربعون مترا بدل عشرين مترا!؟ وهذه الإضاءة القوية جدا كأننا سنلتقط من تحتها الحب أو ننظم عليها الإبر، لماذا لا تخفف!؟ وتوزع الطاقة المخصصة لشارع واحد على شارعين أو ثلاثة!، خاصة في فصل الصيف وساعات الذروة.

وأخيرا.. لماذا لا نحاسب مجلس إدارة الشركة على عدم فعالية خططها الاستراتيجية المدروسة للترشيد «إذا كان لديها شيء من ذلك» منذ تلك السنوات الطويلة؟ فهذه الشركة العتيقة، تعرف أكثر من غيرها كيف يمكن ترشيد الاستهلاك! وأين تعزيزات عدد وطاقات المولدات بما يتناسب والطلب المتوقع. كيف تصرف عدادات للمشتركين «وتحصل الأموال عنها» من دون توفير طاقة كافية لهذه العدادات!؟ وأين التنسيق مع وزارة التخطيط والوزارات والمؤسسات الحكومية الأخرى، والرفع للجهات العليا عن ذلك، والحديث عن تشخيص المشكلة مع هذه الجهات والإفصاح عنه بوسائل الإعلام.

*كاتب ومحلل مالي.

[email protected]