رمضان يدخل «الإنشاد الديني» في برامج مهرجانات الصيف

تصدرت الفعاليات السياحية وحظيت بقبول ورواج كبير

جانب من فعاليات الإنشاد في السعودية
TT

سجل الإنشاد الديني حضوره في هذا الصيف بشكل ملحوظ لدى المستمعين نسبة لاقترانه بشهر رمضان الذي يطرق مستأذنا خلال أقل من أسبوعين، وفي السعودية ظهر هذا الضرب من الفنون كمنافس قوي للمهرجانات الغنائية في الموسم السياحي في كافة المناطق كما فرض وجوده في الحفلات الخاصة بمشاركة بعض الإيقاعات البسيطة. ويعيد خبراء ازدياد التوجه لهذا الضرب من الفنون في الموسم السياحي الحالي، إلى قرب شهر رمضان الكريم، بينما رأى آخرون أن سبب انتشاره يعود إلى ما تحمله كلماته من معان، وأصوات جميلة تقدمه بألحان مختلفة، أصبحت تنافس اللون الغنائي التقليدي، وهو الأمر الذي أكده محمد رضا، المسؤول الإعلامي لمهرجان «عين الإنشادي» الذي استضافته جدة الأسبوع الماضي وشارك به نحو 12 منشدا يمثلون دولا عربية وإسلامية مختلفة.

وبين عبد الله حسين المصعبي، المسؤول عن القرية الترفيهية، أن أحد أهم المناشط السياحية في مهرجان «جدة غير» هذا العام، تخصيص مسرح يتسع لنحو 2500 شخص ليشاهدوا الوصلات الإنشادية مجانا كل يوم، واضاف «ان من الأولويات التي سعينا لها لجذب العائلات والمصطافين التعاقد مع المنشدين من داخل وخارج السعودية، والفرق التي توفر هذا اللون من الفن لما لمسناه من التفاعل الكبير حين صعود فرقة الإنشاد على خشبة المسرح، وهذا دفعنا إلى اضافة فقرات خاصة والاتفاق مع منشدين عرب منهم المنشد اليمني عبد القادر القوزع» ويعود رضا ليؤكد ان مهرجان «عين» الإنشادي الذي استضافته جدة الأسبوع الماضي شهد حضورا كثيفا تجاوز أربعة آلاف زائر يوميا من مختلف الأجناس والأعمار، مشيرا إلى مشاركة 12 منشدا من كل من السعودية واليمن ودول الخليج ومصر وبعض الدول العربية والإسلامية الأخرى كما كان المهرجان فرصة لتقديم بعض المواهب السعودية. وأشار إلى أن القيمة الحقيقية للمهرجان تكمن في الكلمة الهادفة المقدمة التي تفيد الجمهور وفي نفس الوقت تقدم بصوت جميل وأداء وألحان محترفة تنافس اللون الغنائي التقليدي حيث قدمت أناشيد وأغان للوطن للأم للصديق للزوجة وبعض الأغاني المختلفة عن المدينة المنورة.

وكانت المهرجانات الإنشادية في السنوات الأخيرة قد شهدت تغيرات متسارعة وتطورات متلاحقة، أدت إلى اتساع رقعة هذا اللون من الفن، وظهور الفيديو كليب الإنشادي الذي حفلت به القنوات الفضائية المختلفة، وبرز خلال السنوات الماضية العديد من الأصوات للمنشدين تميزت تسجيلاتهم بروعة الأفكار في التعريف بالإسلام ونصرة الرسول الكريم من الهجمات العنصرية الإعلامية الموجهة للمسلمين من خلال بساطة الأسلوب وجمال الكلمات وعذوبة الصوت، وذهب البعض لتخصيص أناشيد للأطفال كنوع من الإسهام في التثقيف التربوي وغرس المفاهيم والواجبات الاجتماعية لسهولة تعلمها عن طريق الاستماع والترديد.

يقول رضا حول الفرق بين الغناء والإنشاد الإسلامي «هناك اختلاف كبير بينهما فالإنشاد الديني يعنى بجودة الكلمة وتوجيهها نحو قيم معينة كحب الرسول صلى الله عليه وسلم، وحب الوطن، وحب الأم والصداقة، ولا يتم في الغناء الإسلامي استخدام الموسيقى الصاخبة وقد تستخدم بعض الموسيقى البسيطة وبعض الإيقاعات والدفوف وهذه فوارق جوهرية بين الفن الهادف وبين الفن التقليدي» من جانبه أوضح المنشد أسامة الصافي أن الإنشاد يمتاز بوجود معان توجيهية ذات نفع بعكس الغناء الذي يقدم مصطلحات غير محافظة وبموسيقى صاخبة، مشيرا إلى ان تدهور المضمون في الكثير من الأغاني جعل هناك حرصا لدى الكثير من الناس على الاستمتاع بالإنشاد أكثر من غيره من الأغاني. وحول الفرق بين الغناء والأناشيد من الناحية الفنية أبان الصافي أن أصول علم الصوت واحد والسلم الموسيقي واحد وأصول الإيقاعات واحدة والمرجعية الفنية واحدة وما سوى ذلك يصبح نشازا، والإعداد للحن في الأنشودة يبدأ من الكلمة ولابد أن يكون هناك موضوع تكتب على أساسه القصيدة بخلاف الأغاني التي لا تحمل أي هدف. وأضاف المنشد من ناحية الكلمات في الإنشاد تكون الكلمات موجزة معبرة عن مضمون وسهلة الترديد.

وعن استخدام بعض الموسيقى والدف في بعض الأناشيد، وهو الامر الذي واجه اعتراضا عند الكثيرين قال الصافي: استخدام الدفوف من مستلزمات الإنشاد من حيث وزن الأداء والأنشودة، وهناك من لا يتقبل الموسيقى حتى الدف رغم ورود نصوص تجيز استخدام الدف وجانب آخر ذوقي منهم من يتقبل الدف والموسيقى بشكل غير صاخب. وحول الرأي الشرعي علق الدكتور قيس بن محمد آل الشيخ مبارك عضو هيئة كبار العلماء بالسعودية بقوله «الإنشاد كلامٌ، حَسَنه حسنٌ وقبيحه قبيح، غير أن له أوزانا وأسجاعا، تجعل له وقعا في الأذن وأثرا على القلب أشدّ من غيره من الكلام، وقد جاء في الموطأ أن سيدنا بلالا رضي الله عنه، وهو في المدينة، كان يَترنَّم به أحيانا».

وحول دخول الآلات من دفِّ وغيره، يقول آل الشيخ «قد يكون ما فيها من علوِّ الصوت ما يورث صخبا وضجيجا، قد يخرج السامع عن حدّ الوقار، ولذا كرهه مَن كرهه» وأضاف المازم «إن ذلك النوع من الغناء بات يركز على الحب والغرام فقط وهو الموضوع الوحيد الذي يتناوله الفيديو كليب الذي يؤثر في عقول الشباب». وطرح ألبوم إنشادي بعنوان «البداية» يتضمن خمسة أناشيد وهي «يا حبيبي يا محمد»، و«الحسود»، و«ذخرك بلسم» من ألحانه، وأنشودة «كما تدين تدان»، وأنشودة «مناجاة ليل». وقد توجه عبد الرحمن نجل فنان العرب محمد عبده نحو الإنشاد الديني، ومشاركته ضمن فعاليات يوم اليتيم العربي في جدة لها اعتبارات كثيرة، كما ينوي عبد الرحمن تقديم أعمال أخرى خالية من الموسيقى نزولا لرغبة والده الذي طالما رغب في الاتجاه نحو الإنشاد من دون موسيقى وذلك ضمن مشروع ينوي تنفيذه.