وزير الخارجية الأردني: نترقب تبلور الخطة الأميركية والمفاوضات ستكون ثنائية على عدة مسارات عندما تبدأ

حذر من تكرار الوصول إلى نقطة النهاية في السلام ثم الفشل في عبورها

وزير الخارجية الاردني ناصر جودة (أ. ف. ب)
TT

صرح وزير الخارجية الأردني ناصر جودة أمس، بأن هناك تطلعا إلى الأسابيع المقبلة لترجمة الرؤية الأميركية لإحلال السلام، مشددا في الوقت نفسه على أن أي خطط لإطلاق المفاوضات تحتاج إلى أجواء تساعد على إنجاحها والوصول إلى سلام شامل.

وفي لقاء مطول مع مجموعة من الصحافيين في واشنطن أمس، حرص جودة على تحديد الموقف من الجهود الأميركية لإطلاق مفاوضات سلام جديدة من دون خوض في تفاصيل إجراء تلك المفاوضات. وتوقع وزير الخارجية الأردني أن تتبلور صورة الخطة الأميركية لمفاوضات السلام خلال الأسابيع المقبلة، قائلا «نتطلع الأسابيع المقبلة ترجمة الرؤية الملتزمة للولايات المتحدة إلى خطة لجلب الأطراف في النزاع معا لمعالجة القضايا العالقة لنتوصل نقطة النهاية» لإحلال السلام. وحذر من أن تكرار ما حدث في السابق عندما وصلت الأطراف المتنازعة إلى «نقطة النهاية» لتوقيع اتفاق السلام ولكن فشلت في عبورها، مشددا على ضرورة إكمال مشوار السلام هذه المرة. وامتنع جودة عن الخوض في تفاصيل خطة المبعوث الأميركي للسلام جورج ميتشل، مفضلا ترك المجال للأميركيين للإعلان عن خططهم لبدء المفاوضات في الوقت المناسب. إلا أنه ألمح إلى أن المفاوضات، عند بدئها، ستكون «ثنائية على مسارات عدة»، أي بين فلسطين وإسرائيل من جهة وبين سورية وإسرائيل من جهة أخرى وبين لبنان وإسرائيل، في وقت متزامن للوصول إلى نقاط متقدمة في المفاوضات. وأضاف: «صلب النزاع العربي ـ الإسرائيلي هي القضية الفلسطينية، ولكن لا بد من الوصول إلى سلام شامل». وأكد جودة على أهمية مبادرة السلام العربية، قائلا إن «على إسرائيل قبول مبادئ المبادرة» التي تشدد على إقامة دولة فلسطينية وتحرير كافة الأراضي العربية والاتفاق على قضايا اللاجئين والقدس والمياه والأمن. وحرص على عدم تحديد شروط مسبقة لبدء المفاوضات، إلا أنه استبعد بدء المفاوضات من دون تجميد إسرائيلي للنشاط الاستيطاني. وقال: «نحن بحاجة ليس فقط لخطوات جريئة لإحلال السلام بل أن نتأكد من وقف جميع الخطوات السلبية من قبل جميع الأطراف، النشاط الاستيطاني والتحرك الأحادي الجانب من جهة ومنع التصريحات الاستفزازية من جميع الأطراف من أجل خلق الأجواء المواتية لبدء المفاوضات»، موضحا: «إذا النشاط الاستيطاني يستمر بهذه الشدة والتحركات الأحادية الجانب في القدس» من الصعب خلق تلك الأجواء. وأضاف: «من الممكن محاولة إطلاق مفاوضات سلام صباح يوم غد، ولكن من دون البيئة الملائمة والتزام جميع الأطراف سنكون في الوضع مجددا بأن تكون لدينا عملية ولكن من دون سلام»، موضحا: «لقد رأينا محاولات فاشلة بما فيه الكفاية في السابق، وبعضها حقق بعض الشيء وحقق إنجازات على واقع الأرض وعلينا أن نأخذ جميع الإنجازات في عين الاعتبار والانطلاق من النقطة التي وصلنا إليها في المفاوضات السابقة». وتابع أنه من الضروري «عدم فقدان الزخم الحالي والاندفاع» الأميركي، وانتهاز الفرصة للسلام.

وتدور تساؤلات في واشنطن حول الموقف من الطلب الأميركي من دول عربية للعمل على خلق أجواء مواتية لإطلاق مفاوضات سلام. وبينما موقف الأردن ومصر مختلف عن مواقف دول أخرى بسبب وجود اتفاق سلام بينها وبين إسرائيل، إلا أن واشنطن تعتبر الدولتين أساسيتين في مساعدة خلق الأجواء المناسبة. وشرح جودة: «لقد وقعنا اتفاق سلام عام 1994 مع إسرائيل، ونحن ملتزمون بذلك السلام وهو جزء من رؤية السلام في المنطقة الذي لا بد أن يكون شاملا». وأضاف: «هناك فرق كبير بين التطبيع مع إسرائيل قبل السلام، الأمر الذي لن يفعله أحد، بل خطوات تجاه التطبيع لخلق الأجواء الملائمة لمحادثات سلام جدية»، مشددا على أن «الحديث مع العدو لا يعني التطبيع بل يعني وضع الأجواء المناسبة للجلوس والحديث لحل الخلافات». وأكد أن «إجراءات بناء الثقة يجب ألا تكون لاتخاذ إجراءات بحد ذاتها فقط بل لتحقيق الهدف النهائي وهو السلام».

ولفت جودة إلى نقاط اتفاق بين الأردن وواشنطن حول جهود السلام، على رأسها أن «هذا النزاع لا يمكن النظر إليه كنزاع إقليمي فقط بل نزاع عالمي ولديه تبعات عالمية»، مضيفا أن التزام الإدارة الأميركية المبكر بحل النزاع العربي ـ الإسرائيلي يبشر لإمكانية التوصل إلى هذا الحل. وتابع بأن البلدين متفقان على أن «الوقت حان للنظر إلى كل الأمور بنفس الوقت واتخاذ خطوات متزامنة ليس فقط من أجل بناء الثقة بل لإعادة بناء الثقة، ولكن في نفس الوقت علينا إبقاء الهدف النهائي في ذهن الجميع»، موضحا أن «الهدف النهائي هو السلام». واعتبر جودة أن «تصريحات حماس خلال الأيام الأخيرة مشجعة» في ما يخص السلام، مشددا على أهمية إنجاح الجهود المصرية في إحداث المصالحة الوطنية الفلسطينية. وأضاف: «علينا إعطاء المحادثات فرصة ونأمل التوصل إلى تطور قبل الانتخابات الفلسطينية المقبلة»، التي من المتوقع إجراؤها العام المقبل. وفي ما يخص سورية قال جودة إن السوريين جادون في السعي إلى السلام، مشيرا إلى أن نظيره السوري وليد المعلم عضو في لجنة عملية السلام المشكلة من قبل الجامعة العربية.

وامتنع جودة من الخوض في الدور الإيراني في هذه الأحداث، قائلا إنه «من الضروري حل النزاع في الشرق الأوسط بدون النظر إلى أي تحديات خارج الوضع في الشرق الأوسط المباشر»، مضيفا أن التطورات داخل إيران «شأن داخلي ولا نتدخل في شؤون غيرنا، مثلما لا نريد أن يتدخل أحد في شؤوننا».