ماذا يقول الشارع اللبناني في التبدل الجنبلاطي؟

يتغير لحماية مصلحته الشخصية ومصلحة طائفته.. وخوفا من حزب الله

TT

كما هي عادته، أطلق النائب وليد جنبلاط «قنبلته» الكلامية ومشى. هذه القنبلة التي تصيب عادة الحلفاء قبل الخصوم، كانت هذه المرة ربما الأقوى منذ أربع سنوات. أعلن بشكل مباشر طلاقه من فريق 14 آذار بعدما كان قد انتقد شعار «لبنان أولا». بين المؤيد والرافض والمتريث في إطلاق الأحكام على مواقف جنبلاط، كما معظم السياسيين اللبنانيين، توزعت آراء من كانوا يعرفون بمناصري «ثورة الأرز» مع عدم خروج معظمهم عن التكتلات الطائفية التي تحكم هذا التوجه السياسي أو ذاك. «وليد جنبلاط يتغير وفقا لمصلحته الشخصية، وها هو اليوم يقوم بالدور الذي طلبه منه الأميركيون، وعليه بالتالي حماية رأسه بعدما صار التوافق السوري ـ الأميركي على نار حامية»، هكذا تقرأ رندى. ي (من بيروت) مواقف النائب وليد جنبلاط الأخيرة وتضيف: «اعتدنا على تقلباته التي ينتقل بها من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار. هو الذي كان الأكثر تطرفا في مواقفه تجاه سورية ورئيسها بشار الأسد وحزب الله، ها هو اليوم يعود إلى أحضانهم، بعد التنسيق والاجتماعات التي حصلت بينه وبين حزب الله منذ فترة طويلة». وتعتبر أن هذا «الانقلاب كان متوقعا منذ ما قبل الانتخابات النيابية بعدما اكتشفنا ما يقوله جنبلاط في الكواليس». وترى أن الوضع في لبنان عاد إلى نقطة الصفر، ومهما «حاول جنبلاط تفسير مواقفه أو تبريرها، فلن يغير شيئا من وقع ما قاله في أوساط مناصري 14 آذار بشكل عام وتيار المستقبل بشكل خاص».

لا يعبر زاهي. د عن رأيه في المطلق، بل يفضل تحليل مواقف جنبلاط. ويقول «إذا أردت أن أقيم الأمر بطريقة سطحية، فبالتأكيد سأقول لست موافقا على هذه المواقف. لكنني أترك لنفسي مثل غيري من السياسيين وقتا لتتضح الصورة أمامي أكثر، لا سيما أنه كما العادة، يطلق جنبلاط قنبلته وينتظر ردود الفعل عليها قبل أن يعود ويوضح». لكن ما هو متأكد منه أن زعيم الحزب الاشتراكي لم ولن يتخلى عن شعارات 14 آذار، «لذا لا أؤيده في رفضه لشعار لبنان أولا، لأننا شبعنا دفع أثمان عن غيرنا». ويؤكد «أنا على تواصل مع القاعدة الحزبية للحزب الاشتراكي، وما أستطيع قوله إنها ليست مرتاحة لهذه المواقف، لكن الجميع ينتظر ما تخبئ لنا الأيام المقبلة». ويعطي زاهي تحليله الخاص: «إذا بقيت سكة التوافق سارية بين أميركا وسورية فهذا يعني أن المحكمة الدولية ستبرئ سورية وتتهم حزب الله بعدما تبيعه سورية، وعندها لن يكون أمام الأخير إلا الدفاع عن نفسه عسكريا وتوجيه سلاحه إلى الداخل اللبناني، وعندها لن يقوى الأفرقاء الآخرون على حماية أنفسهم. لذا من خلال هذه المواقف يحاول جنبلاط تقريب المسافات بين الأطراف لتفادي ما قد يحصل من حرب لبنانية ـ لبنانية».

وعن التقارب الحاصل بين جنبلاط وحزب الله، يعبر زاهي عن رأيه صراحة بقوله: «لم ولن أقتنع بمشروع حزب الله ولا بسلاحه الذي وجهه إلى الجبل في 7 مايو (أيار)، المقاومة هي غطاء لحزب يأتمر بالولي الفقيه».

من جهتها، تضع ندى ن. ابنة الشوف مواقف جنبلاط في خانة قراءة المرحلة المقبلة التي اعتاد عليها الزعيم الدرزي. وتقول: «هو يرى أن هذه المرحلة تحتاج إلى هذه المواقف، قد لا نكون معها في الوقت الحالي ولكن بالتأكيد سنكتشف صحتها بعد فترة قصيرة. لكن بالتأكيد هذا لا يعني أننا نسينا ما قام به حزب الله في أحداث 7 مايو (أيار) 2008 وما اعتدنا سماعه على لسان النائب السابق وئام وهاب». وتضيف: «مما لا شك فيه أنه يعمل لمصلحة جماعته بالدرجة الأولى ولمصلحة البلد بشكل عام، وفي نهاية المطاف، على كل طائفة أن تؤيد مواقف زعيمها».

تعلق مها ج. (من بيروت) على موقف جنبلاط، «لا أعرف بماذا يصاب جنبلاط بين وقت وآخر». وتسأل «هل بقي 4 سنوات ليعرف أن تحالفه مع 14 آذار كان غلطة؟ أين ذهب دم الشهداء؟ ولماذا استشهدوا؟ ليس لأنه كان وحلفاؤه ضد السوريين؟». وتضيف «لا أفهم هذا الرجل المتقلب، ولكن ما أسمعه هو أنه يدرك أن الحرب على الأبواب ويحاول بهذه المواقف حماية طائفته». في المقابل، يرى سامي أن جنبلاط بمواقفه الأخيرة عاد إلى خط المعلم كمال جنبلاط. ويوضح: «السياسة ليس فيها مواقف ثابتة. ها هو قاتل القوات اللبنانية في الحرب الأهلية ثم عاد وتحالف معها. يقرأ التغيرات الدولية ويتخذ مواقفه بناء عليها، لكن ما هو مؤكد أنه يحاول إعادة التموضع لحماية رأسه من سلاح حزب الله الذي يشكل خطرا أكبر عليه من خطر إسرائيل، بعدما وجد نفسه ضعيفا ووحيدا في أحداث 7 مايو (أيار)». ويعتبر أن جنبلاط أكثر العارفين بأن سورية ليست وراء اغتيال الرئيس رفيق الحريري، والمحكمة الدولية كذبة كبيرة، وبهذا الانفصال انفرط عقد قوى 14 آذار بل وانتهت بعدما قادها حنبلاط لأربع سنوات».