سباق خفي بين المدعين الأميركيين للفوز بمحاكمة خالد شيخ

وزارة العدل أرسلت ملفات 30 معتقلا في غوانتانامو إلى مكتب المحامي العام في مقاطعات كولومبيا والإسكندرية وجنوب وشرق نيويورك

خالد شيخ محمد (إ. ب. أ)
TT

أفادت مصادر مطلعة في وزارة العدل ووكالات تنفيذ القانون الأميركية بأن مكتبي المحامي العام في كل من الإسكندرية ومانهاتن دخلا في منافسة قوية للفوز بمقاضاة خالد شيخ محمد، المتهم بأنه العقل المدبر لهجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001، والمتآمرون معه.

وعلى الرغم من رغبة العديد من مسؤولي الولايات إبعاد المشتبه في قيامهم بأعمال إرهابية بعيدا عن دوائرهم القضائية فإن المدعين العامّين دخلوا سباقا خفيا للفوز بعقد محاكمات تاريخية في دوائرهم. وقال مسؤول وزارة العدل الذي رفض كشف هويته بسبب حساسية تلك المشاورات: «إن المنافسة تتعلق بجميع المتهمين والمتوقع أن تكون القضايا كبيرة».

ولمكتبي المحامي العام تاريخ طويل من التنافس منذ اختيار المدعين العامين في مكتب الإسكندرية لتمثيل الاتهام في قضية زكريا موسوي الشخص الوحيد المتورط في مؤامرة 11 سبتمبر (أيلول) الذي يحاكم في الولايات المتحدة. وقد ازدادت حدة الخلافات حول موسوي الأمر الذي أدى إلى اتفاق تسوية بين المكتبين، حيث رفعت القضية في الإسكندرية من قبل فريق وزارة العدل الذي هو أحد أعضاء مكتب المدعي العام في نيويورك.

وأشارت مصادر في وزارة العدل إلى أنه في محاولة للوفاء بتعهدات الرئيس باراك أوباما بإغلاق السجن الأميركي في خليج غوانتانامو في كوبا بحلول يناير (كانون الثاني) المقبل بدأت وزارة العدل في إرسال ملفات ما يقرب من 30 معتقلا إلى مكتب المحامي العام في مقاطعات كولومبيا والإسكندرية وجنوب وشرق نيويورك، فيما طُلب من المدعين الفيدراليين تحديد المعتقلين الذين سيحاكمون أمام محاكم فيدرالية.

كما سيعمل كل مكتب مع المدعين العامين لوزارة الدفاع لتقرير إذا ما كان يتعين تحويل بعض القضايا إلى اللجان العسكرية. وقد أوقفت إدارة أوباما عمل اللجان في يناير (كانون الثاني) لكنها عادت بعد ذلك لتشير إلى أنها ستعيد إحياءها مع بعض التعديلات التي تمنح المعتقلين حقوقا قانونية أوسع.

وقال ديفيد كريس مساعد المحامي العام للأمن القومي أمام اللجنة القانونية الفرعية التابعة لمجلس الشيوخ الأسبوع الماضي: «هناك اقتراح بأن تحول القضايا الملائمة إلى المحاكم الفيدرالية، لكن ذلك الاقتراح يمكن التغلب عليه إذا ما كانت هناك أولوية لعرض تلك القضية على اللجان العسكرية».

ويتوقع مسؤولو وزارة العدل أن تقوم كل واحدة من الدوائر القضائية الفيدرالية بنظر بعض القضايا الكبيرة، فتفكر الوزارة على سبيل المثال في تخصيص محكمة مقاطعة كولومبيا لقضية رضوان عصام الدين المعروف بلقب الحنبلي، الإندونيسي المتهم بقيادة الجماعة الإسلامية، المتحالفة مع القاعدة والمتهمة بشن هجمات على ملهى ليلي في بالي عام 2002.

كان الحنبلي قد اعتقل في تايلاند في أغسطس (آب) عام 2003 واحتجز في سجن سري تابع لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية حتى عام 2006 حيث تم نقله إلى غوانتانامو. وهو من بين 16 متهما محتجزين في المعسكر رقم 7 البالغ السرية في غوانتانامو، لكنه لم يوجه إليه أي اتهامات من قبل اللجان العسكرية، فيما لا يزال 229 معتقلا موجودين داخل السجن.

وأشارت بعض المصادر إلى لقاء المدعين الفيدراليين أخيرا بكبير قضاة المقاطعة رويس لامبيرث، لمناقشة التوقعات بشأن بعض المعتقلين الذين ستتم محاكمتهم أمام محكمته، لكن لم تسنح الفرصة للحصول على تعليق لامبيرث على هذا الخبر.

وكان المحامي العام إريك هولدر قد أجرى الأسبوع اجتماعات منفصلة مع بعض القضاة، وسط ما سماه اثنان من هيئة تنفيذ القانون التهيئة للقضايا.

وقال مسؤول وكالة تطبيق القانون في فيرجينيا: «كان على هولدر أن يسمع الأشخاص الذين سيتولون العملية أيضا». لكن المسؤولين في مكاتب المحامي العام في الإسكندرية ونيويورك رفضوا التعليق على الخبر.

وأوردت وكالة «أسوشيتد برس» أن هولدر التقى المسؤولين، لكن الرواية لم تشر إلى أن المدعين العامين يتنافسون للحصول على قضايا معينة.

وقال مسؤولون إن المدعين في المقاطعة الشرقية من فيرجينيا طالبوا بضرورة حصولهم على قضية خالد شيخ محمد وأربعة آخرين متهمين يحاكمون أمام لجنة عسكرية في غوانتانامو بتنظيم الهجمات على نيويورك والبنتاغون، واستشهد أعضاء مكتب المدعي العام في الإسكندرية بخبرتهم الطويلة في قضايا الإرهاب الكبيرة خاصة محاكمة موسوي.

ومن جهة أخرى أعرب المسؤولون المحليون ومسؤولو الولاية في فيرجينيا معارضتهم لمحاكمة أي من معتقلي غوانتانامو في الإسكندرية متعللين بالمخاوف الأمنية واضطراب الحياة في المدينة. كما حذر مسؤولو وزارة العدل من أن المخاوف الأمنية يمكن أن تكون عاملا أساسيا في توزيع القضايا. ويسمح الهجوم الذي وقع على البنتاغون للمدعين العامين في فيرجينيا بمطالبة محاكمة المتهمين.

ويعتقد المدعون الفيدراليون في المقاطعة الجنوبية لنيويورك أن الرجال الذين دبروا الهجمة على مركز التجارة العالمي خاصة خالد شيخ محمد أن يحاكموا في مانهاتن فقبل 11 سبتمبر (أيلول) كانت نيويورك مكانا للعديد من المحاكمات الإرهابية الشهيرة مثل محاكمة المسؤول عن الهجوم على مبنى مركز التجارة العالمي عام 1993 والمسؤولين عن تفجيرات السفارات الأميركية في شرق أفريقيا عام 1998.

وقد أُرسل أحمد غيلاني، أول معتقل من غوانتانامو ترسله الولايات المتحدة ليحاكم جنائيا، في يونيو (حزيران) إلى المقاطعة الجنوبية من نيويورك. ويواجه غيلاني الذي دفع ببراءته، اتهامات بقتل 224 شخصا منهم 12 أميركيا، ولم يلق ذلك التوحيل معارضة كبيرة في نيويورك.

وتفكر الحكومة في الوقت الحالي في إنشاء سجن به قاعات محاكم جديد لتوطين المعتقلين الباقين الذين لن يعادوا إلى أوطانهم أو سينقلون إلى بلد ثالث. وقال مسؤولو الإدارة إن الفريق المشترك برأ ساحة أكثر من 50 معتقلا، لكن وزارة العدل تتفاوض مع دول لإعادة توطينهم.

وأشار مسؤولون إلى أن الإدارة تفكر في استخدام سجون فورت ليفنورث بولاية كنساس وستاندش ماكسميمام كوركشنال فاسيليتي كأماكن بديلة لمعتقلي غوانتانامو. لكن الأعضاء الجمهوريين في كنساس وحاكم الولاية الديمقراطي قالوا إنهم يعارضون استخدام ليفنورث. وقال الحاكم مارك باركينسون في تصريح له يوم الاثنين: «إن توطين المقاتلين الأجانب لا يأتي ضمن مهام ليفنورث، ولتغيير مهامها على هذا الشكل الآن فإن ذلك يعني بذل أعوام طوال في تدريب وتعليم قادتنا العسكريين. إن وصمة ما يمثله غوانتانامو يجب ألا ترتبط بالداخل الأميركي».

بيد أن سياسيي ولاية ميتشغان قالوا إنهم مستعدون لتحويل سجن الولاية إلى مكان لإقامة نزلاء غوانتانامو.

وقال السناتور بارت ستوباك، العضو الديمقراطي عن ولاية ميتشغان، الذي تتضمن مقاطعته سجن ستانديش: «تحدثت مع المسؤولين المحليين الذي أشاروا إلى استعدادهم للاستماع إلى اقتراح الإدارة الذي ستعرضه الإدارة. وسوف يقوم فريق من وزارة الدفاع والأمن الداخلي والعدل بزيارة المواقع خلال الأسابيع القادمة. ومن المهم تذكر أن ستانديش أحد الخيارات التي تدرس. وأن أي مقترح يجب أن يحظى بتحليل أمني شامل وإمكانات خلق فرص عمل».

*شاركت جول تات في إعداد هذا التقرير.

*خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»