المؤشرات تدعم زيادة النمو في لبنان.. وأصول المصارف تبلغ 104 مليارات دولار

رغم ضبابية الأوضاع السياسية وتأخير تأليف الحكومة

مصرف لبنان («الشرق الاوسط»)
TT

على الرغم من ضبابية الأجواء السياسية العامة التي ترافق تأليف الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة سعد الحريري، فإن المؤشرات الإيجابية الداعمة لارتفاع النمو الاقتصادية إلى حدود 6 في المائة تتوالى، هذا العام، وفقا لترقبات البنك المركزي.

فقد سجل ميزان المدفوعات فائضا تراكميا بلغ 2.1 مليار دولار في النصف الأول من العام الحالي مقارنة بنحو 83 مليون دولار فقط في الفترة ذاتها من العام الماضي، وذلك على الرغم من ارتفاع عجز الميزان التجاري إلى نحو 4 مليارات دولار. وعزز أهمية هذا الفائض ارتفاع الأصول (الموجودات) الإجمالية للقطاع المصرفي خلال الفترة ذاتها، إلى نحو 104 مليارات دولار مقابل نحو 88.5 مليار دولار بزيادة نسبتها 17.2 في المائة.

وبرز في نتائج المصارف، ارتفاع بند ودائع غير المقيمين (يضم لبنانيين مغتربين وعاملين في الخارج ومودعين عربا وأجانب) بنسبة 31 في المائة، على أساس سنوي، لتبلغ نحو 13.8 مليار دولار. فيما واصلت نسبة دولرة الودائع الخط التراجعي لتصل إلى 67 في المائة، ومكرسة تحول جزء من الودائع من الدولار إلى الليرة بزيادة بلغت نسبتها 51 في المائة.

وفي قطاع البناء، بلغت المساحات المرخصة رقما قياسيا جديدا مع وصولها إلى 6.3 مليون متر مربع بزيادة نسبتها 23 في المائة قياسا بالنصف الأول من العام الماضي.

لكن الأبرز في المؤشرات المؤثرة مباشرة في نسبة النمو، تبقى النتائج المتعاظمة التي يسجلها القطاع السياحي في ظل موسم صيفي مزدهر لم يشهده لبنان منذ أعوام طويلة، حيث يرتقب وزير السياحة إيلي ماروني وناشطون في القطاع أن تتجاوز الحركة السياحية هذا العام مستواها القياسي الأعلى المسجل عام 1974، مما يؤشر إلى عودة القطاع بكل أنشطته الفندقية والاصطيافية والمطاعم والملاهي والخدمات الموازية إلى عهد الازدهار.

وقد اقترب عدد السياح الوافدين من عتبة المليون سائح بعدما سجل دخول 761 ألف سائح خلال النصف الأول من العام الحالي، وهذا ما يعزز الآمال ببلوغ عتبة المليونين كحصيلة لحركة السياحة هذا العام. ويعزز بالتالي النمو الاقتصادي العام فوق المستوى المأمول، خاصة إذا جرى ضبط الإيقاع السياسي وانطلاق الحكومة الجديدة، حيث تشكل أعياد الفطر والأضحى والميلاد ورأس السنة في النصف الثاني من السنة مناسبات ذات رمزية خاصة لجذب سياحي واسع النطاق. يشمل أيضا اللبنانيين المغتربين والعاملين في الخارج.

وبالتوازي، تسجل حركة عبور الركاب من مطار بيروت (رفيق الحريري الدولي) وإليه صعودا متواصلا منذ بداية العام وسط توقعات أن تصل إلى 4.5 مليون راكب هذا العام مقابل نحو 3.9 مليون راكب في العام الماضي. فيما سجلت حركة مرفأ بيروت زيادات صريحة في عدد البواخر وحمولتها والمستوعبات بين 9 و14 في المائة، وزاد عدد السيارات المستوردة بنسبة 48 في المائة. لتسجل العائدات المالية لصالح الخزينة من بوابة المرفأ ارتفاعا بنسبة 30 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي.

واستمر مؤشر ثقة المستهلكين عند مستواه المرتفع مسجلا 64.4 نقطة من مائة. مقابل 69 في المائة مطلع العام. وذلك في مقابل 50 نقطة لمتوسط المؤشر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MEMA) بتراجع دراماتيكي من مستوى 72 نقطة.

لكن كل هذه المؤشرات الإيجابية وغيرها التي يتوقع أن تزيد إجمالي الناتج المحلي من 30 مليار دولار إلى نحو 32 مليار دولار، تبقى ذات فعالية مؤقتة ما لم يتعزز الاستقرار السياسي الداخلي الذي شكل مكمن ضعف الأداء الاقتصادي في السنوات القليلة الماضية.

ويواجه لبنان، إضافة إلى أزماته السياسية المتكررة، معضلة مهمة تتمثل بكتلة الدين العام البالغة حاليا نحو 50 مليار دولار أي أكثر من 165 في المائة من الناتج المحلي، وهي المؤشر الأكثر سلبية الضاغط على تصنيف المالية العامة والديون الحكومية، وبما يحد من قدرة المصارف على نيل تصنيف عادل لقوة مركزها المالي وقدرتها على مجابهة الأزمة المالية العالمية والخروج منها ليس بخسائر محدودة للغاية فحسب، بل في استقطاب موارد إضافية تزيد عن 20 مليار دولار مقارنة بالنصف الأول من العام الماضي.