مصدر في «14 آذار» لـ«الشرق الأوسط»: الحريري لم يتحدث إلى جنبلاط.. ونقل اليه رسالة عبر وسيط

قال إن الزعيم الدرزي ظن أن بإمكانه قول ما يشاء من دون إثارة استياء حلفائه

TT

كما فاجأ الزعيم الدرزي وليد جنبلاط حلفاءه في «14 آذار» يوم الأحد الماضي بإعلان فك ارتباطه عنهم، صعد أمس إلى المنبر مرة جديدة، ليفجر مفاجأة ثانية في غضون أربعة أيام، بإعلانه أن كلامه «أسيء تفسيره»، وأنه لم يتخل عن «14 آذار» ولا عن رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري. وجاء كلام جنبلاط أمس بعد يوم من تأكيد رامي الريس، مفوض الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يرأسه جنبلاط، لـ«الشرق الأوسط» أن قرار الزعيم الدرزي بالخروج من «14 آذار ثابت ولا عودة عنه».

وكشف مصدر مطلع داخل «14 آذار» لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن ما دفع جنبلاط لتغيير موقفه هو رد الفعل «القاسي» الذي لقيه من الحريري، وتجاهل قادة «14 آذار» له. وقال إن الحريري قطع «الاتصال المباشر نهائيا بجنبلاط منذ أربعة أيام، وأنه يرفض الرد على اتصالاته.. ومنذ الأحد حتى اليوم يحاول جنبلاط الاتصال بالحريري ولا يلقى إجابة». وأضاف المصدر أن الحريري أبلغ جنبلاط أول من أمس (الثلاثاء)، عبر وسيط، ما يلي: «إما أنك حليفي ومعي في الحكومة، أو أنت في مكان آخر.. مع خصومي. لا يمكنك أن تبقى حليفي وأنت مستقل». وقال مصدر آخر لـ«الشرق الأوسط» ان «الحريري طلب الى جنبلاط عبر الوسيط أن يشرح له ما الذي يريده وانه نقل اليه انه لم يكن يتوقع أن يأتي ذلك منه في هذا الوقت تحديدا».

وقبل أن «يوضح» جنبلاط أمس كلامه ويؤكد أنه لم يترك «14 آذار»، كان تلقى زيارة قبل يوم من وزير الثقافة والإعلام السعودي عبد العزيز خوجة. وقالت مصادر متابعة للقاء لـ«الشرق الأوسط»، إن الخوجة حمل إليه «رسالة قاسية»، فيما قالت مصادر أخرى إن الوزير السعودي «حاول طمأنته إلى أنه ليس هناك ما يدعو للخوف من التقارب السعودي ـ السوري». وعرف أنه من الأسباب التي دفعت جنبلاط إلى إعلان انسحابه من «14 آذار»، التغير الإقليمي والتقارب السعودي ـ السوري الحاصل، إضافة إلى خوفه من اندلاع اشتباكات جديدة بين حزب الله والدروز كما حصل في 7 مايو (أيار) الماضي، كما كان أعلن هو. وطلب جنبلاط من حلفائه أن يتفهموا موقفه و«يحترموا خصوصيته»، مشيرا هنا إلى محاولته الحفاظ على الجبل (معقل الدروز) من الاقتتال مع حزب الله من جديد. عملت «الشرق الأوسط» أن هناك خلافات داخل الحزب التقدمي الاشتراكي حول مواقف جنبلاط الجديدة، وأن هناك اعتراضا شديدا من بعض أعضاء الحزب البارزين على قرار جنبلاط الانسحاب من «14 آذار»، ومحاولته تشكيل «كتلة وسطية» مع زعيم حركة أمل رئيس مجلس النواب نبيه بري. وقال المصدر المطلع لـ«الشرق الأوسط» إن جنبلاط كان «يظن أن بإمكانه اتخاذ موقف الابتعاد عن 14 آذار، ومن ثم أن يتحدث إلى القيادات الباقية في التحالف وكأن شيئا لم يكن.. وكان يظن أنهم سيستوعبون كل ما يفعله، وكأنه يحق له ما لا يحق لغيره.. إلا أن الرد القاسي الذي لقيه من الحريري فاجأه». ولم يتحدث رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع أيضا إلى جنبلاط منذ يوم الأحد الماضي. وتلتزم «القوات اللبنانية»، إحدى ركائز «14 آذار»، بنوابها وقيادتها، الصمت حول جنبلاط منذ بداية الأزمة. وكان جنبلاط قد أغضب حلفاءه، خاصة المسيحيين منهم، عندما تسرب شريط مصور قبل شهرين تقريبا، يبدو فيه جنبلاط يتحدث إلى مجموعة من المشايخ الدروز وينتقد المسيحيين ويصفهم بـ«الجنس العاطل». وقد اعتذر جنبلاط حينها عن حديثه. ولم يعلق جعجع أو القادة المسيحيون الآخرون في «14 آذار» مثل الرئيس السابق أمين الجميل، أهمية كبيرة على كلامه حينها. وحتى أن البطريرك الماروني نصر الله صفير استقبله لتأكيد أن الحديث لن يفرق بين المسيحيين والدروز. ولكن على الرغم من تقلبات جنبلاط الأخيرة، أصر المصدر في «14 آذار» على أن جنبلاط لا يوضع في «خانة الخائنين»، لكنه قال: «14 آذار ليست ملكا لأي فريق، لكنها ملك شعب رفض الاغتيالات والوصاية، ولشعب تواق للحرية والسيادة والاستقلال.. وهذه الأمور بحاجة إلى عصب قوي وتضحيات كبيرة. فإما جنبلاط جاهز لهذه التضحيات أو أنه غير جاهز. ليس هناك مواقف وسطية». ويؤكد أعضاء في حركة 14 آذار أن الحركة «بخير»، ويقولون إن «المراهنين على أنها سقطت يخطئ»، لأنها «عنوان كبير لمشروع كبير». ويرون أن «ما سقط في هذا المشروع هو وليد جنبلاط، وأن كل ما يمكن أن يفعله جنبلاط اليوم هو أن يأخذ موقعه داخل 14 آذار». ويؤكدون أن حركة 14 آذار هي قضية، وحتى أن البعض يشبهون الالتزام بها، بالقضية الفلسطينية، ويقولون: «يذهب الأشخاص وتبقى القضية». ويرون أن ما على جنبلاط فعله اليوم، هو «أن يهدئ الزوبعة التي افتعلها».